حتى نبتعد عن الانتقادات الكبيرة من قبل المؤيدين للشيخ الخطيب , وبدراسة الوقائع على الأرض , ومن خلال مسيرة الحياة التي عشنا خلالها يمكننا تحليل هذه التصريحات لعلنا نصل لحقيقة أو حقائق تقينا من الانجراف وراء العواطف الفياضة والتي هي متأصلة في اعماقنا , والمنفصلة عن التحكم فيها من قبل عقولنا .
حتى نستطيع الحكم على هذه
التصريحات المثيرة للجدل علينا أن نحلل المواقف المحيطة بهذه الدعوة للحوار ومن
بعدها يمكننا الاستنتاج في المجال الذي تصب فيه هذه الدعوة .
أولاً : إن الحوار مع أي
نظام ديكتاتوري شمولي طائفي مرتبط بالقوة التي يمتلكها الطرف المضاد , والنظام حتى
الآن لايعترف بالقوة المضادة ولا يرى فيها إلا عصابات مسلحة , ويعتقد أنه يمتلك
القوة اللازمة للقضاء عليها , وبالتالي فإن أي حوار معه لايمكن أن يصل إلا إلى
اصلاحات شكلية وهمية مصطنعة مرتبطة
بالحالة الزمنية , ليعدل عنها في وقت لاحق , والحوار عند النظام يرتبط دائماً بهدف
واحد هو تفتيت قوى المعارضة والدخول في متاهات يكون هو المستفيد الوحيد منها .
ثانياً : النظام
الديكتاتوري صاحب النفسية السّاديَّة المطلقة يعتقد دائماً بأنه هو المنتصر لذلك عندما يتعرض لخطر خارجي أو داخلي نجد أن
انهياره يكون مفاجئاً , وخصوصاً إن كان المستهدف رأس النظام والذي يملك الخيوط
كلها في يده , وفي نفس الوقت أي تنازل من قبله لصالح معارضيه يكون بمثابة سقوط ركن
هام من بنائه , وبالتالي لن يهدِم أياً من أركان وجوده والذي يعني فيه ...الموت
الحتمي لوجوده .
ثالثاً : إفشال المبادرات
الدولية من قبل النظام ذاته والإصرار على
الحل الأمني
رابعاً : السعي الحثيث من
قبل النظام في ايجاد معارضة بديلة يتحاور معها , ويتحكم فيها لشق صفوف المعارضة
والداعمين لها والتي ستنعكس سلبياً على قدرة الثوار في الداخل السوري .
خامساً : من أهم الأسس
الذي نشأ عليها الائتلاف هو عدم التحاور مع النظام ,أو أركانه ممن تلوثت أياديهم
بدماء السوريين , وفي هذه الحالة عند تجاوز هذا البند من الميثاق , من حقنا هنا
التساؤل أولاً , لقد قام الكيان على هذا الأساس وعند تجاوز الميثاق يعني بالضرورة
سقوط الكيان كله , وهنا الدعوة للحوار من قبله مرفوضة تماماً وبالتالي يكون
التصريح هو رأي شخصي فقط لاقيمة له في الميزان السياسي , فالرأي يعبر عن صاحبه ولا
يمثل أحداً غيره, ولكن الشيخ يمثل تكتلاً كبيراً فالسؤال المطروح هنا:
هل يحق له تجاوز شركائه
والتصريح خلاف الميثاق الأساسي لكيانه ؟ والميثاق هنا بمثابة الدستور وبالتالي هو
تجاوز على الدستور فيكون تصريحه باطلاً لاقيمة له , أو ينتمي للتسلط السلطوي
الفردي ضارباً بعرض الحائط كل المواثيق والدساتير , ليقف مكان ضده الديكتاتوري في
التفرد بالحكم .والقول أنه يدعو لحوار مشروط مع من لم تتلوث أياديهم بالدم السوري ,
بإطلاق سراح المساجين , وتجديد وإعطاء جوازات السفر للسوريين في الخارج , والسؤال
موجهاً للشيخ مع أي جهة أو طرف يمكنك التفاوض ؟ ومَن هو الطرف القوي الموجود في
السلطة ويده نظيفة من الدم السوري حتى تتفاوض معه !! ؟؟
سادساً: يمكننا القول أن
هذه التصريحات والدعوة للحوار تصب في خانة الاشاعة المقصودة لاستطلاع الرأي عند
القوى المضادة للنظام ومعرفة مدى القبول أو الرفض عندها للحوار مباشرة مع النظام
القاتل , فإن وجد أن الدعوة قد لاقت صدى إيجابياً يمكن الانتقال بعدها لخطوة أخرى
تصب في نفس الهدف للفخ المنصوب وإيقاع قوى
الثورة فيه وخروج النظام منتصراً في النهاية , وفي نفس الوقت هي دعوة صريحة لتكوين
تيار قوي داخل المعارضة تلتقي مع رؤى الكثيرين ممن يسعون لإصلاح جزئي , في مقابل
بقاء النظام بكيانه المجرم كاملاً , والعمل على تفتيت شمولية الهدف عند الجميع ...وهو
اسقاط النظام كاملاً .
وفي اعتقادي فإن أية دعوة
للحوار مع النظام لافائدة مرجوة منها مطلقاً , وخصوصاً بعد أن وصل الاجرام في
سورية إلى هذا المستوى والذي لا يمكن أن يغفر لمرتكبيه مطلقاً , وفي نفس الوقت
النظام لايمكنه التنازل للطرف المقابل , وشعاره الوحيد الأسد أو نحرق البلد ,
والدعوة للحوار هي عنصر تبديد وتفريق ولا تصب مطلقاً في التجميع أو الانقاذ لصالح
الشعب السوري أو الثوار .
فالثوار يقتربون من النصر
, وهنا يجب أن تكون كل الدعوات والتحليلات والآراء موحدة , النصر ثم النصر أولاً
ولا بديل بالمطلق عن الحل العسكري , فالمجرم بشار ومن معه هو اختيارهم الوحيد ,
ومن الواجب المنطقي والحتمي أن نعد ونسعى لمجابة هذا الاختيار بما يناسبه والتصدي
له , وعندما نجد كل الأصوات متفقة على أنه لاحل إلا بانتصار الثورة عسكرياً , مع
التقدم البطولي للثوار على الأرض , نكون قد شكلنا كياناً موحداً يجذب القوى
الداعمة باتجاهه , وتتخلى القوى الداعمة للنظام عنه فيكون سقوطه حتمي وقريباً بإذن
الله تعالى
د.عبدالغني
حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق