الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-03-16

الخداع الفرنسي والبريطاني.. والتغطية على الفضيحة الأمريكية!! - بقلم: أحمد النعيمي

عندما صرح "لافروف" سابقاً، على خلفية مؤتمر جنيف الأخير الخاص بالشأن السوري:" أن لا أحد اقترح أو تطرق إلى مسألة تنحي الأسد" كان محقاً، وعندما أعلن "الإبراهيمي" أثناء زيارته الأخيرة إلى دمشق:" أنه يحمل مبادرة أمريكية روسية تقضي إبقاء الأسد حاكماً لسوريا إلى عام 2014م نهاية فترته الانتخابية الحالية" كان محقاً كذلك، بينما كانت كل من فرنسا وبريطانيا وأمريكا تدعي أن اتفاقية جنيف كانت قد أقرت رحيل الأسد وتنحيته، واستمر حديثهم عن فقدان الأسد لشرعيته، ووجوب رحيله وخلق سوريا جديدة من دون الأسد.

وقد بينت في عشرات المقالات دور رعاة البقر في تشويه الثورة السورية خصوصاً، والعالم أجمع عموماً، بدءاً من زيارة السفيران الأمريكي والفرنسي إلى مدينة حماة، التي كانت تشهد أكبر مظاهرات الثورة السورية عدداً، لتختفي تلك المظاهرات بعد هذه الزيارة مباشرة، وتصبح أثراً بعد عين، إضافة إلى أن رعاة البقر الأمريكي كان أول من حاول إثبات تورط القاعدة بالتفجيرات التي تجري في أنحاء سوريا، بينما كانت كل الخيوط تشير إلى أن المجرم الأسد هو المفتعل الحقيقي لهذه التفجيرات، وغيرها الكثير مما بينت سابقاً، في الوقت الذي كانت التصريحات الأمريكية في الظاهر تدعو إلى رحيل الأسد، وتؤكد وقوف رعاة البقر إلى جانب الشعب السوري المباد.

ولكن هذه التصريحات التي كانت تناقض أفعال رعاة البقر، تجمعت لتسير في مسار واحد، كشف بشكل فاضح مزاعم كل من الأسد والجانب الأمريكي وجود عداوة بين الدولتين، وبدا أن رعاة البقر في مواقفهم الداعمة للأسد والرافضة رحيله، والحريصة على إبقائه، احرص بكثير من حرص الروس والإيرانيين أنفسهم في منع سقوط حليفهم في سوريا؛ وذلك قبيل الانتخابات الأمريكية بقليل حيث أعلن "اوباما" والمرشح الآخر "رومني" أنهما لن يقوما بتسليح المعارضة السورية إلا إذا تأكدا من الأطراف التي سيصل إليها السلاح، وبعد أن نجح اوباما في الجولة الرئاسية الثانية ووصل إلى حقيقة مفادها تحول الشعب السوري جميعه إلى شعب مجاهد، أعلن هو والبيت الأبيض رفضهما تسليح المعارضة السورية رفضاً قاطعاً؛ ورغم وعود وزير الخارجية الأمريكي الجديد "كيري" للائتلاف الوطني بأسلحة نوعية مقابل حضورهم مؤتمر روما الذي عقد الشهر السابق، إلا أن أمريكا نكصت على عقيبيها، وأظهرت من جديد موقفها العلني والصريح برفض تسليح المعارضة بأية أسلحة، اللهم إلا أسلحة وصفها كيري "بغير المميتة"، وزاد طينها بلة القادم الجديد إلى وزارة الدفاع الأمريكية "تشاك هاغل" بقوله:" أن هذه الأسلحة الغير مميتة خطوة سليمة من الجانب الأمريكي"،  وكانت قاصمة الظهر عندما أعلن كيري يوم الأربعاء الماضي الثالث عشر من مارس 2013م دعوته المعارضة السورية للجلوس إلى طاولة الحوار مع الأسد، من أجل وقف نزيف الدم السوري، والاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية وفقاً لبرتوكول جنيف، لتؤكد كذب التصريحات الأمريكية السابقة، وأنها متفقة بشكل كامل مع روسيا الرامية إلى عدم رحيل الأسد، وفقاً لما تم الوصول إليه في مؤتمر جنيف، ومؤكدة كذلك حقيقة مهمة الإبراهيمي الأخيرة التي ذهب بها إلى دمشق.    

ما حدث هو أن الغرب قد قاد المعارضة الخارجية – بكل بلادة– إلى ما يصبو إليه، ووضعها في المربع الأول من رقعة مخططاته، التي جعلتها متأهبة للحوار مع الأسد تمهيداً للقضاء على الثورة السورية، وفق ما أقره مؤتمر جنيف، وتمكين الأسد من إعادة السيطرة على البلاد؛ وأما ما تتحدث عنه فرنسا وبريطانيا فليس سوى تغطية لفضيحة رعاة البقر الأمريكي في تصريح كيري الأخير، وجريمتهم في جعل الشعب السوري فريسة سهلة للمجرم الأسد، مما كشف مدى حرص الولايات المتحدة وأوروبا على إبقاء الأسد حارساً أميناً لحدود إسرائيل؛ وليس أدل على هذا سوى تناقض التصريح الفرنسي والبريطاني مع الأفعال، ففي الوقت الذي زعما فيه أنهما سيقومان بتسليح المعارضة السورية دون الرجوع إلى قرار الاتحاد الأوروبي، عادا إلى التصريح بأنهما سيطلبان من الاتحاد الأوربي رفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية في الاجتماع الذي سيعقد بعد أسابيع عديدة، مما يدلل أن كلا الدولتين ليستا جادتين بوقف الدم السوري النازف، كعدم جدية الدول العربية جميعاً، والتي لم يحرك قرار الجامعة العربية سماحها لأي دولة بتسليح الشعب السوري أية دولة منها، ولم يحرك أي حاكم عربي لتسليح الشعب السوري؛ وإلا لو أن هناك جدية في موضوع التسليح لكان تم الشروع فيه من وقته، دون الحاجة إلى انتظار الاجتماع القادم، إذا كان الهدف فعلاً تدارك ما فات هؤلاء من قبل، والعمل بشكل أكثر جدية لوقف إبادة الشعب السوري.

ومن فورها قامت واشنطن بالترحيب بدعوة الرئيس الفرنسي للاتحاد الأوربي لرفع حظر التسليح في اجتماعه المقبل، رغم أن الاتحاد الأوروبي قد اجتمع عدة مرات لمناقشة رفع الحظر المفروض على المعارضة السورية، وفي كل مرة تكون نتيجة الاجتماع رفض رفع الحظر، ولن تذهب هذه الدعوة أبعد مما ذهبت إليه الدعوات السابقة؛ فما سبب هذه الدعوة المفاجئة؟! ولماذا رحبت بها واشنطن ولم تقم هي بها أثناء انعقاد مؤتمر روما الشهر المنصرم؟! ولماذا لم يتم الموافقة عليها في المؤتمر نفسه والشعب السوري بأمس الحاجة إلى الأسلحة النوعية التي ستمنع طائرات المجرم بشار من قصف الأحياء المدنية، وتحرمها من الخروج لقصف المناطق المحررة، وتوقف سقوط مزيد من القتلى، ولماذا تغير التصريح من تسليح دون موافقة إلى دعوة للاتحاد الأوروبي لرفع الحظر؟!

كل هذه الأسئلة وأجوبتها لم يأبه لها الغرب، وكان المهم بالنسبة لهم أن تؤتي هذه التصريحات أكلها وتعود الحرب الكلامية من جديد، تصريحات دموية بين الأسد وروسيا من جهة ورعاة البقر وأوروبا من جهة أخرى، وتضيع الحقيقة التي كشفتها دعوة كيري بدعوة المعارضة إلى الجلوس على طاولة واحدة مع الأسد؛ من أن الأسد حليف للأمريكان والغرب كما هو حليف لروسيا والصين، والجميع متفق على عدم سقوطه مهما سقط من ضحايا، ليواصل المجرم الأسد إبادته للشعب السوري ومحاولة تركعيه، بحجة أن سوريا تتعرض لمؤامرة كونية تقدوها الولايات المتحدة وأوروبا!!

وإذا أردنا أن نفهم الموقف الفرنسي والبريطاني فلا بد أن نعود إلى تصريح وزير الدفاع الفرنسي سابقاً: "أنه يكرر ويقول للمرة العاشرة أن فرنسا لم ولن تسلح المعارضة السورية"،  ورد وزير الخارجية البريطاني "هيج" على الأسد عندما اتهم بريطانيا بتسليح المعارضة، قوله: "أن ما يقدمه للشعب السوري مساعدات طبية وغذائية بعد أن شرد الأسد ملايين من شعبه"،  كما زعم كيري من قبل!!

احمد النعيمي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق