قال بشار الأسد في خطابه السادس مؤخراً أنه
وبعد اندلاع الثورة السورية لم يجد شريكاً من المعارضة يتفاوض معه، وأتى على ذلك
بمثال أن من يبحث عن زوجة تشاركه حياته فلا يجدها، لايجب أن يتحمل مسؤولية بقائه
أعزباً. وكما أن الرجل عودنا في خطاباته السابقة على نكات وأمثلة مضحكة كهذه، فلا
شك أن هذا المثال كان نكتة ذلك الخطاب بلا منازع، ومنه استوحيت هذه المسرحية
القصيرة.
بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي على
الانترنت، تمكنت شلة من أصدقاء المدرسة أن تجد أفرادها الذين باتوا في خريف العمر.
فاتفقوا أن يجتمعوا في قهوة ويستذكروا أيام زمان.
يفتح الستار على الشلة جالسة في القهوة. بدأ
كل واحد بالحديث عن عائلته وكم ولد عنده وماذا درسوا ومن من الأولاد تزوج وأنجب ليجعل من صاحبنا
المتحدث (جداً)، ولكن حين وصل الدور إلى (أبو حافظ)، تردد قليلاً ثم حزم أمره
وقال:
أنا ربيت
تلاتة ...
وهنا قاطعه (أبو
عماد) الذي يبدو أنه كان أقرب الشلة إلى (أبو حافظ) وعلى علم بأخباره، فقال له:
شو الئصة (أبو
حافظ)؟ على علمي أنو أنت ماتجوزت ولسعتك عصفور طيار، فمن وين لوين ربيت تلاتة؟
لتكون خباص وصاحب أفلام ونحنا ماعنا خبر؟
أبو حافظ: طول
بالك أبو عماد، خليني أحكيلك الئصة من أولها. هادا ياسيدي بزمناتها أمي الله
يرحمها (وهنا قاطعه الجميع بكلمة: تعيش، ثم تابع حديثه قائلاً) لئتلي عروس دكتورة
بنت وحدة صاحبتها وعلى أساس عروس لئطة.
أبو عماد:
يعني الدكتورة هي أم ولادك التلاتة؟ معئول هيك يازلمة خليت الموضوع سر كل هالسنين؟
أبو حافظ:
أبداً أبداً، لافي سر ولافي شي، بس طول بالك علي لخبرك. جاوبت أمي في حينو أنو
لايمكن اتجوز دكتورة ولو شو ماصار. يعني مالئيتها شريكة مناسبة لحياتي. لو كنت اتجوزتها
كانت أرفتني عيشتي: على هي الأكلة مالها صحية وهي فيها كوليسترول وهي حريراتها
عالية وهي فيها سكر زيادة، وانتو بتعرفوني أديش بحب الأكل المدسم. باختصار خبرتها
لأمي تصرف نظر.
أبو عماد:
لكان هدول التلاتة من وين عمي؟
أبو حافظ: طول
بالك أبو عماد، ليش بصلتك محروئة؟ جاييك بالحكي. المهم بعدين أمي الله يرحمها
(وهنا قاطعه
الجميع من جديد بكلمة: تعيش، ليتابع حديثه قائلاً): لئتلي عروس تانية، بس صيدلانية
هالمرة، يعني فرمشانية.
أبو عماد:
ياسيدي مبروك، وايمتى اتجوزت؟
أبو حافظ:
أبداً ياأبو عماد، يحرم علي، ماحصل. إلتلها لأمي لو بتنزل السما على الأرض ماباخد
صيدلانية. بكرة إذا تزاعلنا أو صارت مشكلة بيناتنا، ممكن تعملي شي تركيبة سم وتحطو
بالأكل وروح بشربة مي. يعني مالئيتها شريكة مناسبة.
أبو عماد:
يعني هي فيها وجهة نظر. المهم منرجع للتلاتة، من وين اجو؟
وهنا غص (أبو
حافظ)، فأخذ شربة ماء وقال له الحضور (صحتين) وكانوا على وشك أن يصفقوا لولا أنه
سبقهم وقال لهم (على ألبكم) وتابع حديثة.
أبو حافظ:
بعدين أمي الله يرحمها (وقاطعه الجميع كالعادة بكلمة: تعيش، ليتابع حديثه قائلاً)
وجدت لي عروس محامية، يعني أم كاتو، ساكنة في حي أريب مننا وعندها مكتب جنب الئصر
العدلي والزباين عندها وائفين بالدور.
أبو عماد:
يعني هي هيه أم التلاتة، مو هيك؟
أبو حافظ: أنا
بصراحة مارح خبي عليكم، فعلاً أول ماشفتها حبيتها.
أبو عماد:
وياسيدي مبروك، بس ايمتى حصل الزواج؟
أبو حافظ:
أبداً ماحصل. بعد ماآبلتها كم مرة استنتجت انها هي كمان مالها الشريكة المناسبة.
حاكم المحامي كل كلمة عندو إلها ألف حساب وألف معنى. اتخيلت لو اتجوزتها وصارت
مشاكل بيناتنا، ممكن تلبسني أضيّة وتجرجرني على المحاكم وممكن لائي حالي صرت
بالسجن وأخدت كل ثروتي. ولذلك إلتلها لأمي الله يرحمها (تعيش) انو تصرف نظر.
أبو عماد: بس
أنا بعرف انو لاعندك ولاكان عندك ثروة. يعني أندبوري على باب الله. فعلى شو كنت
خايف؟
أبو حافظ:
يعني بهداك الوئت كنت شب بأول عمري وماكنت عرفان إني رح ابئى أندبوري.
أبو عماد:
الله يجيبك ياطولة البال. طيب أبو حافظ، وهالتلاتة شو أصتهم؟
أبو حافظ:
بعدين ياسيدي أمي الله يرحمها (تعيش) لئتلي عروس مهندسة عنها مكتب استشارات
وتعهدات وشغلها متل الدهب.
أبو عماد:
معناتها هي هيه أم التلاتة وأكيد تجوزتها باعتبارها مارح تئرفك عيشتك بالأكل الصحي
ولارح تسممك ولارح تاخذك على السجن. ياسيدي ألف مبروك أنك بعدين لئيت الشريكة المناسبة.
أبو حافظ:
وأنا هيك كمان ألت لحالي وئتها، بس بعدين فكرت ولئيتها مالها مناسبة.
أبو عماد: وشو
كانت علتها هالمرة سيدنا؟
أبو حافظ:
فكرت شوي ولئيت أنو ماحلوة بحئّي هي معها شهادة جامعية وأنا على السرتفيكا. ألت
لحالي بكرة إذا صار ماصار، بتعيرني أنو هي مثقفة وأنا ...
أبو العز: أبو
حافظ، بلشت أتزاول منك. يعني بالآخير لئيت شريكة لما مالئيت؟
أبو حافظ: طول
بالك أبو عماد، ليش هيك انت عصبي؟ روئها شوي، جاييك بالحكي.
ياسيدي بعد كل
يللي صار، لئتلي أمي الله يرحمها (تعيش) الزوجة المثالية لتكون شريكة حياتي. بنت
بيت أصلية بتعرف تطبخ كل الأكلات يللي بحبها ألبك من سجئات وأبوات وحفاتي ومحاشي
وتسائي وخلافو، ومابتعرف لاتئرا ولاتكتب وأنا بالنسبة إلها بطلع بروفسور. يعني
باختصار كاملة ومكملة وماباس تمها غير أمها.
أبو عماد:
مبروك ياسيدي، والله فرحتني انك بالآخير لئيت شريكة حياتك. أكيد تجوزتها وجابتلك
التلاتة الله يخليلك ياهن، صح؟
أبو حافظ:
ياعيب الشوم منك ياأبو عماد. وئت ألتلك بصلتك محروئة ماسدئتني. ياسيدي كنت معتمد
على هالجوازة لأبل يوم واحد من العرس، بس بعدين غيرت رأي وقررت انو هالبنت خص نص
مالها مناسبة لتكون شريكة حياتي وألتلها لأمي الله يرحمها (تعيش) تصرف نظر.
أبو عماد: وشو
طلعت علتها هالمرة؟
أبو حافظ:
أبداً، لاعلة ولاشي. بس فكرت شوي لئيت أكتر شباب العيلة وكمان صحابي تجوزوا
يادكتورة ياصيدلانية يامحامية يامهندسة، فما لئتها على حالي أنو آخد وحدة مابتعرف
تفك الخط!
أبو عماد: طيب
أبو حافظ، شو رأيك تعطينا من الآخير. انت تجوزت بحياتك لما ماتجوزت؟
أبو حافظ: إذا
مابدك تسمع بئية السيرة وبدك تسمع من الآخير، أنا ماتجوزت!
أبو عماد: طيب
منيح كتير، وهي خلصنا منها. والتلاتة يللي ألت أنك ربيتهم شو أصّتهم؟
أبو حافظ:
أبداً، مافي إلهم لا أصّة ولاشي. كل الموضوع أنو (أطّة الجيران) ولدت وجابت ستة
أطاط، أخدت منهم تلاتة وربيتهم على أولة المتل: (يللي ماعندو عيلة يربي كحيلة).
وهي كل الئصّة ومافيها.
وهنا يسقط (أبو عماد) وبقية الشلة على الأرض
مغمياً عليهم بعد إصابتهم بجلطة، ويقف (أبو حافظ) يخاطب الجمهور ويقول لهم أنه
مازال يبحث عن شريكة لحياته، وكونه لم يجد واحدة لايعني أنه لايريد أن يتزوج،
وإنما يعني أنه لم يجد الشريكة المناسبة بعد. ويسدل الستار مع تصفيق الجمهور
وهتافه:
أبو حافظ،
الله يشفيك. أبو حافظ، الله يشفيك.
***
بقلم: طريف يوسف آغا
كاتب وشاعر عربي سوري مغترب
عضو رابطة كتاب الثورة السورية
الاثنين 13
جمادي الأول 1434، 25 آذار، مارس 2013
هيوستن / تكساس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق