عندما تمشي في الشارع، وشاهدت شخصاً يحتاج
المساعدة، وهو لم يطلبها منك، إرادتك تقول لك سر وساعد هذا المحتاج، بينما تجد عقلك
يردعك وكأنه يقول لك طالما لم يطلب المساعدة فاتركه في حال سبيله وامضي لهدفك الذي
خرجت من أجله، ويحصل صراع بداخلك بين الارادة التي تحضك على فعل الخير، وبين العقل
الذي يعبر عن حكمه على الأمر، من أن هذا ليس مهماً لك، فإن طاوعت إرادتك هنا، فهذا
يعني أن ضميرك هو المحرك لفعلك وإرادتك.
إن المتتبعين للوضع السوري منذ بداية الثورة
وحتى الآن، يجمعون على أن الثورة لايمكن أن تحقق أهدافها في اسقاطها للنظام، مالم يكن
هنالك دعم عسكري خارجي، وتدخل بشكل مباشر.
في برنامج بانوراما على العربية اليوم، كان
رأي خدام أنه لا يمكن اسقاط النظام إلا بالتدخل العسكري الخارجي، بينما كان رأي القلاب،
أن الجيش الحر والثوار قادرون على اسقاط النظام، ولكن التدخل الدولي يسرع في ذلك .
والسؤال ماهو رأي الثوار في الداخل
؟
من الأمور المهمة والواجب بحثها هنا، لكي نصل
لجواب حقيقي عن السؤال أعلاه علينا البحث أولاً عن السبب الحقيقي الذي يجعل الارادة
قوية أو ضعيفة، فالارادة تكون في أعظم حالاتها من القوة والتصميم، عندما يقتنع الانسان
بداخله، أن عمله هذا سيكون سبباً لتحقيق هدف أسمى، وبالتالي لايهتم بالمصير الذي يهديه
إليه عقله أن الطريق الذي تسير فيه، هو خطر على حياتك كلها، وهنا لا يلتفت لخطاب العقل
من التحذيرات المتكررة، وتجبر الارادة العقل على التفكير، من أجل إيجاد الطرق والوسائل
لتحقيق الهدف الأسمى، الذي اقتنع بعلوه وسموه على الأهداف الأخرى ذات طابع تمتلك أقل
اهمية عنده.
فالهدف عند الثوار هو: أن الحياة في سوريا من خلال خمسة عقود
مضت، لم تتقدم خطوة واحدة للأمام، ونظام الحكم فيها لايراعي أي مصلحة من مصالح الوطن،
ويحكم بالظلم، وعزل الخيرين وأصحاب الضمائر والخبرات، وإحلال مكانهم من سفلة المجتمع،
همهم فقط الظلم والقهر وخزلان الأمة ومعاملة الشعب معاملة العبيد .
وتاريخ الشعب السوري عبر التاريخ البشري شعب
حضاري يتماشى مع الحياة والتطور، في أن قدم الكتابة للعالم اجمع، وتاريخ الدولة الأموية
وعلى أكتاف أهلها،وصلت الفتوحات الأسلامية لكل قارات العالم القديم، وهو غاب عن الحضارة
بضع قرون، فقد حان الوقت أن يكون فيها، وينعم بالحرية، ليكون مشاركاً في الحضارة البشرية،
والتي تتكون ثقافة جديدة الآن قادمة من الشرق بعد، أن كانت تردنا من الغرب .
إن أهداف الثوار عالية جداً، وكما لاحظنا ونلاحظ،
تلك الارادة عند الثائرين ارتقت لمرتقى عال جداً، تتناسب مع الأهداف التي تطمح لتحقيقها
الثورة السورية .
بينما
نجد في الطرف المقابل والمعاكس أن المدافعين عن النظام، فهم يدافعون عن منافع
وقتية، وعن شخص زائل لامحالة، بينما الثوار يدافعون عن كيان وضعت أسسه، كيان أمة تمتد
عبر تاريخ البشرية، وحاضرها ومستقبلها .
وبمقارنة بسيطة :
النظام والمحاربون معه، يعتمدون
على القوة، وبدون أهداف أو عقيدة تجعل إرادتهم قوية ونفسياتهم عالية، ولو ضعفت أو تدنت
عوامل القوة بأيديهم مستوى قليل جداً، سيجد نفسه أنه لايملك شيئاً، فليس عنده إرادة
تسيره .
بينما نجد الثوار إرادتهم تفوق الوصف بوسائل
قوة يملكونها كالجيش الحر البطل، أو بدون وسائل قوة بأيديهم كالمتظاهرين السلميين،
والذين يتحدون كل عوامل القوة بإرادتهم فقط .
أعتقد أنني قد أجبت عن السؤال، من أن الذي
سيسقط هذه العصابات الاجرامية هم الثوار وبقيادة هؤلاء الأحرار من الجيش الحر البطل،
إن وجد التدخل الخارجي أم لم يوجد، وقريباً جداً بإذن الله تعالى .
د.عبدالغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق