بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى
التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
في حوار أجراه الأخ محمود كريشان في برنامج
مع هيكل مع الصحفي محمد حسين هيكل وفيما كان الأستاذ محمد كريشان يسأله عن رأيه في
الثورات العربية ومنها الثورة السورية. أدهشني غاية الدهشة من ناحية وآلمني غاية الإيلام
أن تصدر هذه الآراء والتحليلات من إنسان أمضى معظم حياته في السياسة والصحافة والتحليل.
ولم يكن يدر في بالي أن أردَ على محمد حسين هيكل ولكن أجوبته التي لا تقنع حتى بسطاء
الناس جعلتني أمسك بقلمي لأقول الحق فيما هو واقع في الثورات العربية ومنها ثورتنا
السورية : ذلك أن مواقف هيكل في هذه المقابلة كانت مخجلة ومحزنة في آن واحد لأن تحليلاته
لا تمت إلى واقع الثورة السورية بصلة , بل لقد كان يشم من كلامه رائحة التحامل على
المتظاهرين ويزداد الأمر سوءاً وخطورة عندما يصر على أن يسير على نهج أقرانه من القوميين
والعلمانيين باعتبار أن الدين لا يصح أن نقحمه في السياسة ، بل لقد تمادى في تحليله
عندما تألى على الله بأن الثورة السورية لا تنجح لأنها لم تنضج من ناحية ,ومن ناحية
أخرى لم يشارك فيها الطبقة المتوسطة من الناس وأشار إلى مدينة دمشق وحلب وأنها تشمل
الأطراف فقط. ولقد جهل أو تجاهل هذا الصحفي الذي كان بوقاً للقوميين وعلى رأسهم عبد
الناصر ولا يزال يكيل المديح لهم.
على رسلك : أيها الصحفي المخضرم إن سوريا قد
شاركت في الثورة بكل مدنها وقراها وأريافها ومن أقصى الشرق من القامشلي ودير الزور
إلى اللاذقية وبانياس على الساحل غرباً ومن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب بل إن ريف
حلب ودمشق قد خرج بكامله ليعلن الثورة ضد النظام المجرم وها هي مدينة حلب تخرج في ستة
عشر حياً في " جمعة الله أكبر " وأنت تتجاهل وتتعامى عن الحقيقة وتحاول أن
تقزَم من شأن الثورات. يا من أمضيت عمرك في مدح الطاغوت. أيها الصحفي : دعني أسألك
أليست مدن حمص وحماه وهما عنوان الثورة من وسط سوريا ومن المدن المركزية فيها وليستا
من الأطراف. ومرةً أخرى دعني أنتقل معك إلى قضية نضج الثورات ومن فمك أدنيك وأقول لك
متى تنضج الثورة يا هيكل أتريد خمسين سنة أخرى من الحكم والاستبداد لعصابة آل الأسد
وحزب البعث للشعب السوري وأنت بنفسك اعترفت بالقمع الوحشي ،لقد كان الأخ المحاور محمد
كريشان منصفاً عندما قال لك : أكل الذي حدث ويحدث للشعب السوري لا يكفي لنضج الثورة
وكان واضحٌ موقفك المتحامل على الثورات وعلى قناة الجزيرة عندما اتهمتها بالتحريض لأنها
قناة حرة نزيهة مأجورة مشكورة هي وأمثالها من القنوات التي فضحت كذب النظام ودجله وأنا أقول لك بلسان المؤمن الواثق
بنصر الله سبحانه وتعالى أن الثورة السورية يا هيكل نضجت وأينعت وحان قطافها وقطافها
بإذن الله سيكون قريباً جداً لأن هذه الثورة وكل الثورات العربية التي قامت هي من صنع
الله وتدبير الله وإرادته أما أنت وأمثالك فيبدو أنه ليس لإرادة الله ومشيئة الله دور
في حساباتكم لأنكم ترجعون كل ما يحدث في هذا الكون إلى القوانين.
والأسباب المادية وليست القوانين والأسباب
الإلهية ودعنا أيها الصحفي نرجع إلى التاريخ إلى أكثر من ألف وأربعمائة سنة مضت وما
بعد ذلك وأقول لك لم يكن في يوم من الأيام أن كانت قوة المسلمين تعدل قوة المشركين
و الكفار وإليك أمثلة من التاريخ عن معارك المسلمين مع الأعداء غزوة بدر – أحد – الخندق
– مؤتة – اليرموك – القادسية – عين جالوت – حطين – معركة ملاذكرد – وأخيراً حرب غزة
مع إسرائيل في عام 2008 ولكي أذكرك بالتاريخ لنرجع إلى معركة بدر وعمليات سيرها والذي
حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج لملاقة قافلة أبي سفيان وبالتالي لم يخرج للقتال
إذ لم تكن الظروف والأسباب مهيأة للمعركة فما الذي حدث ؟ الذي حدث أن الرسول صلى الله
عليه و سلم أراد شيئاً وأراد الله سبحانه وتعالى شيئاً آخر فحول الله موقف المسلمين
من موقف التعرض للقافلة إلى موقف القتال وكانت إرادة الله سبحانه أن تكون المعركة بين
الفريقين مع فارق كبير في العدد والعدة بين المسلمين والمشركين وكان النصر حليف المسلمين
لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي نصر حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمين نصراً
عزيزاً.
ترى ياهيكل ! ماذا عساك أن تقول بعد نتائج
المعركة عن نضج الثورة وعدم نضجها. أريد منك جواباً والحقيقة أنك لا جواب عندك و لربما
تتذرع بحجة فتقول إن ذلك كان خصوصية للرسول والصحابة والحق ليس كذلك فالله ينصر من
ينصره ويتوكل عليه أولاً ويأخذ بأسباب الاستعداد ثانياً. وقد تطال الهزيمة المسلمين
ولو كانوا على حق إذا لم يكن هناك استعداد صحيح وأخذ بمقومات المعركة أو مخالفة أوامر
القائد كما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد.
إذا
تحول النصر إلى هزيمة بسبب مخالفة بعض الصحابة من الرماة أمر النبي فنزلوا من الجبل
الذي وضعهم عليه وقد أوصاهم بعدم النزول مهما كانت الأسباب حتى انتهاء المعركة ولا
تناقض بين ما حدث في معركة بدر ومعركة أحد. ففي كلا المعركتين لم يكن ميزان القوى متكافئاً
ولكن معنويات المسلمين كانت قوية فكانوا يقاتلون عن عقيدة وبكل شجاعة ويطلبون الشهادة
في سبيل الله فنصرهم الله مع الفارق بين القوتين.
ودعني يا هيكل : أسجل لك موقفاً آخر من مواقف
المسلمين مع الأعداء. ذلك الموقف هو معركة ملاذكرد بقيادة القائد السلجوقي " ألب
أرسلان " وكانت مراحل سير المعركة كما يأتي : لقد رجع ألب أرسلان من معركة دارت
بينه وبين الروم وكان الجيش الإسلامي في غاية التعب فاستطاع قائد الروم عن طريق عيونه
من متابعة الجيش الإسلامي وجهز جيشاً كبيراً لملاقاة جيش ألب أرسلان وحاول ألب أرسلان
أن يقنع القائد الروماني بعدم القتال ولكن القائد الروماني أبى ظناً منه أن الفريسة
قد وقعت في يده وأنها فرصة سانحة له للنصر. فما كان من القائد المسلم أمام الأمر الواقع
إلاَ أن لبس الكفن وحث جنده على القتال والشهادة فلبس معه الأكفان خمسة عشر ألفاً فسمي
ذلك الجيش جيش يلبس الأكفان وكان عدد الروم يصل إلى مائتي ألف وابتدأت المعركة وحمي
وطيسها وانتهت بإنتصار ساحق للمسلمين على الروم وتمَ أسر القائد الروماني. أترى يا
أستاذ هيكل أن ظروف المعركة كانت ناضجة عند جيش المسلمين وهو الجيش الذي كان منهكاً
ومتبعاً قبل بدء المعركة فضلاً عن كون ميزان القوى كما تقدم.
وأخيراً : أطلب منك ياهيكل أن تعيد النظر فيما
حللت وتكلمت ونظَرت وأن تعيد النظر في نظرتك إلى الإسلام عن عدم علاقته بالحياة فالدين
الإسلامي هو دين الله الذي ارتضاه لعباده وهو صالح لكل زمان ومكان " ما فرَطنا
في الكتاب من شيء " و " وأنزلنا إليك الكتاب تبياناً لكل شيء " صدق
الله العظيم
كما أطلب منك أن تصحح نظرتك ومعلوماتك حول
الثروة السورية من أنها شملت الأطراف فقط دون الوسط. فقد شملت الثورة السورية كل أنحاء
سوريا وقد نضجت كما نضجت كل الثورات العربية قبلها وهي من صنع الله العزيز القدير ومنتصرةً
بإذن الله رغم أنف الأعداء والحاقدين والمنافقين والمثبطين وسيدوس أبطالنا وثوارنا
في سوريا رؤوس النظام المجرم وأزلامه.
والله أكبر ولله الحمد. " وسبحانك اللهم
وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
في 7 / 11 / 2011.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق