بعد أن دخل الطاغية في سباق زمن مع
مجلس الأمن لفرض واقع معين على الأرض من خلال استرداد زمام المبادرة في ضبط الواقع
الأمني، وخاصة بعد الاخفاقات المتتالية في جميع المناطق الثائرة، و دخول حلب بقوة
في دائرة العمل الثوري.
بدا دونكيشوت دمشق وهو يحارب طواحين الهواء من خلال نشر جميع
قواته الأمنية وعناصر جيشه في كل مكان يقاتل عدوا لا يستطيع هو تعريفه، أو الاقرار
به، و ينشر الرعب والموت في كل مكان، يضرب خبط عشواء، خبط غريقٍ يحاولُ النجاة في
اليمِ، وهو لا يجيد السباحة، فكلما زادت حركته ازداد غرقا، وابتلع الكثير من
الدماء، حتى انتفخت أمعاؤه .
فلا يدري أهو يسابق لحظة الواقع الداخلي التي يسرقها الجيش
الحر من بين يديه، أم يسابق لحظة الواقع الخارجي التي يسرقها قرار مجلس الأمن، وقد بدأ يعيش
حالة انفصام عن الواقع، داخل قوقعة المؤامرة التي لطالما استمد منها شرعيةً زائفةً
لبعض الوقت.
اليوم استل هذا الرعديد سيفه وسلطه على رقبة حبيبة سورية
(دمشق)، متخذا منها رهينة، يحتمي من خلفها. في خطوة انتحارية، هي الأخيرة في
حساباته، قبل لفظ أنفاسه الأخيرة.
لقد بدا المشهد مرعبا من داخل الدائرة الضيقة، فكلٌ يحاول
الفرار بجلده، الأمر الذي انعكس جليا على المشهد
العسكري داخل الدائرة الضيقة للطاغية وخاصة على صعيد الخطط العسكرية والقيادات…
الأمر الذي أجبر بشار على توزيع صلاحيات رئيس الأركان داوود راجحة
على نوابه الثلاثة - آصف شوكت وطلال طلاس و جميل الحسن - وهذه اول مرة تحدث بتاريخ
الجيش السوري وتدل على رعب بشار وخوفه من الجميع وعدم رغبته في وضع صلاحيات كبيرة بيد
اي شخص مهما كان.
في ظل أنباء متضاربة حول محاولة انقلاب فاشلة قادها اللواء
المنشق محمد خلوف، ومحاولة فاشلة ايضا لإخراج عائلة الأسد من مطار دمشق الدولي،
واحتلال المطار من قبل ماهر وآصف لمنع هروب بشار من سورية وكبار المسؤولين .
أيضا التحولات الخطيرة التي تهدد بشار في اليومين التاليين
والمتمثلة بقرار التدويل الذي صار جاهزاً وتحت
مباركة عربية.
إضافة الى دخول حلب بقوة في المظاهرات ودعمها للحراك ضد الأسد
واستعداد تركيا لدعم الجيش الحر بقوة فيها.
كل ذلك جعل الطاغية يفقد صوابه ويلجأ إلى أفعال إجرامية تصنف
تحت ما يسمى جرائم ضد الانسانية ؛ من خلال فتح قنوات سد الرستن على نهر العاصي لإغراق
المدن ومحاولة تفجير السدود القريبة من تركيا، إضافة إلى ردم البئر الوحيدة التي
تمد منطقة رنكوس بالمياه، ومحاولته بيع أسلحة فاسدة لعناصر الجيش السوري الحر، في
محاول أخير للضغط على الشعب الثائر .
إن عدم التمييز الذي بدا عليه الطاغية في تصرفاته ضد بلده
وشعبه وخاصة في الأيام القليلة الماضية نزع عنه بقايا الشرعية التي حاول الظهور
فيها أمام الدول التي ماتزال ترى فيه ذلك، ولكن تسارع الأحداث يجعل من الصعب على
دونكيشوت سوريا القضاء على طواحين هوائها، وسوف تضطره أن يخر صريعا أمام جبروتها.
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق