للخطف أنواع .. خطف
طفل، خطف امرأة، خطف رجل .. وله دوافع أيضا: للانتقام ، أو ممارسة انحراف ما في
السلوك الإنساني، أو لطلب فدية .. ولكن الطريف أن تخطف دولة كاملة؛ فهذا من
المستحيلات الأربعة الغول والعنقاء والخل الوفي،
إذا أضفنا الرابع وهو خطف الدول .
والخطف عادة لا
يطول أمده؛ فينتهي بثلاثة سيناريوهات: إما بقتل الرهينة؛ وفرار المجرمين ، أو دفع
الفدية وتحرير الرهينة، أو إلقاء القبض على الخاطفين وتحرير الرهينة .
في سوريا كان للدولة شكل مزعوم .. حزب يحكم بقيادته القطرية
وحكومة منبثقة عن هذا الحزب بالتحالف مع
توائم سياسية ولدت في الحقبة السياسية نفسها، فيما سمي الجبهة الوطنية التقدمية
وجيش يُسمى حماة الديار .
بدأت الثورة منذ
عشرة أشهر، فلم نشاهد حزبا، ولا حكومة، أو
قيادة قطرية ،أو جيشا بمعناه الأخلاقي حامي الديار، فجأة خرج من داخل كهوف، لا يعرف
كثير من السوريين أين تقع الشبيحة وفرق الموت والكتائب السوداء ،و بدأوا بممارسة
شهوة القتل والنهب والاغتصاب؛ أو بعبارة أخرى الاستباحة، والطريف المفجع في هذا
النوع من الاختطاف أنه شمل دولة كاملة؛ بكل مؤسساتها، ومنها المؤسسة الإعلامية
ذراع الخاطفين الضاربة على العقول ، حتى إن الجيش ما استطاع صبرا ،وانشق الكثير من
الجنود؛ لأنهم يمتلكون حسا أخلاقيا وأداة عسكرية مكنتهم من الانشقاق ، وهذا ما لا
يمتلكه موظفو الدولة المخطوفة من سفراء
ووزراء وغيرهم.
الخاطفون عادة
يعملون في الظلام، ويرتبون صفقات الخطف والتبادل ولكن خاطفي سوريا يعملون جهارا
نهارا .. وعصابات الخطف أيضا تكون محدودة العدد، على الرغم من كونها في أحيان
كثيرة تكون عابرة للدول، أما في النموذج السوري فإن الخاطفين لهم حلفاء من دول
وكيانات أخرى لها التجربة نفسها .. (فالملالي) في إيران خطفوا الدولة منذ قيام
الثورة سنة 1979 .. وكثير من الناس لا يعلم أن من قام بالثورة هم طبقة النخبة
المثقفة بالتحالف مع التجار، ثم جاء الخميني وخطف الدولة لصالح ولاية الفقيه، مبتعدا بإيران عن الوجه الحقيقي لها كونها دولة
عاشت تجربة مدنية متميزة ، ولها منجز علمي أهمه بدء المشروع النووي عام 1974 في
عهد الشاه ،هذا المشروع الذي يتبجح الملالي به ، عدا عن المكونات المختلفة من عرب
وكرد وبلوش وأذريين وكثير، منهم لا يدين بالمذهب الشيعي، والأغلبية المطلقة من
شيعة طهران لا تؤيد المنهج الذي يسير عليه (الملالي)، وهذا ما أثبتته الثورة
الخضراء في الانتخابات الأخيرة المزورة.
استجلب النظام في سوريا
عناصر الباسيج للمؤازرة ونقل
الخبرات الجديدة في خطف الدولة في سوريا
،ولأن للملالي منهجا مجربا في خطف الدول ؛فقد استنسخ هذا المنهج في لبنان فقام حزب
الله بخطف الدولة لصالح مشروعه الطائفي في المنطقة الذي يركب صهوة المقاومة
والممانعة، فكان لعناصر حزب الله صولات وجولات في شوارع إدلب وحمص وحماة ودوما ،
ومثلهم أيضا خاطفي دولة العراق .. مليشيات الموت .. التي طهرت بغداد من أهلها وبدأ
الصدريون يتدفقون إلى بلاد الشام .
لا دولة الآن في سوريا عصابة خطفت كل شيء، وطال أمد الخطف بلغ 48 عاما .. الشعب السوري
الآن أدرك ذلك ويقوم بحرب تحرير الرهينة،
لأنه لا يمتلك دفع فدية لروسيا التي تشرف على مشاريع الخطف في العالم
،وتعمم نموذج العصابات، .فنحن الآن، لا
نقوم بإسقاط نظام سياسي، - لأنه غير موجود أصلا - كم يظن الناس، بل نقوم باسترداد فتاة جميلة، خطفت منذ زمن بعيد،
وقد شاب الزمان ولكنها مازالت شابة تنتظر المحررين .
إياس غالب الرشيد
شاعر وناقد سوري
رائع قلمك وفقك الله كتبت ووصفت فاجدت الوصف والتعبير .
ردحذف