حاول النظام الأسدي طيلة شهور الثورة السورية
أن يثبت وجود عناصر مسلحة، والتي زعم أنها تقف خلف العنف الذي يحدث في البلاد، وإلصاق
أعمال القتل والتدمير التي لحقت بالبلد بالثوار، وكأن الثورة تأكل نفسها، والذين أشعلوا
الثورة يئدون ثورتهم بيدهم!! بينما كان الثوار يرسلون بمئات الأفلام والتي تؤكد أن
هؤلاء المسلحين – الذين يلبسون لباساً مدنياً – يظهرون فقط برفقة رجال الأمن والجيش،
وهم الذين يعرفون بالشبيحة. وفشل النظام الدموي فشلاً ذريعاً في إثبات وجود هؤلاء المسلحين
الوهميين الذي أدعى وجودهم وحاول إلصاقهم بالشعب السوري.
وحتى عندما خرج المعلم لكي
يثبت أنهم موجودون داخل سوريا، وبالوثائق والأدلة القاطعة– كما زعم– فضح فضيحة شنيعة
عندما ثبت أن الأفلام التي استعان بها تعود لمسلحين في لبنان، والفلم قد جرى تصويره
سنة 2008م وتم نشره على النت في نفس السنة، لتكون فضيحة مدوية أوضحت أن هذا النظام
نظام قاتل كاذب، عاجز عن فبركة أكاذيبه، ولو أن هذه الفضيحة حصلت في دولة غير سوريا
لأطاحت بالحكومة من فورها، ولكن لأنها حدثت في سوريا فقد عاود المعلم الظهور – الذي
اختفى أياماً بعد فلمه المفبرك– ليقول بكل وقاحة وبدون أي حياء بأن الأفلام التي عرضها
صحيحة ولكن إخراجها كان سيئاً!!
ومخطئ من يظن بأن الحلف الإيراني وروسيا والصين
هم الدول الوحيدة الداعمة للأسد والمغطية على جرائمه، والتي تروج أكاذيبه في وسائلهم
الإعلامية المختلفة، وتدعمه بالسلاح والمال والرجال، من أجل بقائه على سدة الحكم، وواد
الثورة التي تحاول الإطاحة به، ولكن الواقع يؤكد أن العالم يقف إلى جانبه، حتى وإن
تظاهر البعض في تصريحاتهم بأن لديهم الرغبة في زوال حكم الأسد، بل والواقع يثبت كذلك
النفاق التي تمارسه تلك الدول التي تنتقد الأسد في الظاهر، وتدعمه بشكل غير محدود في
الخفاء والعلن، فمن هي هذه الأطراف التي حاولت أن تؤكد أكاذيب المجرم الأسد بوجود عصابات
مسلحة، بعد أن فشل في إثبات وجودهم على أرض الواقع، وأن لا وجود لهم إلا إلى جانب قوات
المجرم الأسد!؟
الطرف الأول:
الاستخبارات العسكرية اليهودية: فقد جاءت الرواية الصهيونية سباقة في هذا الأمر، إذ
كان اليهود أول من أكد وجود العصابات المسلحة التي زعم النظام الأسدي بأنها تهاجم الجيش،
كما صرح بهذا اللواء "أفيف كوخافي" رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بداية
شهر أيلول العام الماضي، بقوله:" تدور في سوريا حرب دموية، والمظاهرات مندلعة
في 20 إلى 30 مدينة، وفي قسم منها تجول مجموعات عنيفة ومسلحة، وبينهم مجموعات جنائية،
تهاجم الجيش"، مضيفاً:" عندما يصف النظام السوري عصابات تهاجم الجيش، فإنه
دقيق في ذلك هذه المرة".
بل وذهب إلى أن الأسد قد نفذ إصلاحات كبيرة،
بقوله:" الرئيس السوري بشار الأسد نفذ إصلاحات هامة للغاية لكنه لم ينجح في وقف
الاحتجاجات التي تواصل المطالبة برحيله" وذهب إلى أبعد من هذا بقوله:" لن
يكون بالإمكان الاستمرار على هذا الحال لوقت طويل، لكن رغم ذلك فإنه على جانب ضوء الولاء
الكبير له من جانب الجيش حتى الآن، فإن الأسد قادر على الاستمرار في هذه الحرب لمدة
سنتين أو ثلاث".
الطرف الثاني: الجانب الأمريكي:
بالرغم من تأكيد السفيرين الأمريكي والفرنسي بأن المدينة تخلو من المسلحين، وذلك بعد
زيارتهما مدينة حماة في شهر تموز العام الماضي ، وأنه لا يوجد فيها غير متظاهرين سلميين؛
إلا أن الجانب الأمريكي عاد ليؤكد رواية المجرم الأسد بوجود عصابات مسلحة كما أكدها
الكيان الصهيوني، وذلك بعد صدور عفو من الأسد لكل من حمل السلاح، وتسليم سلاحهم وأنفسهم
للسلطات، ليتم بعدها إطلاق سراحهم، عاد الأمريكان للتدخل كما فعلوا وأقحموا أنفسهم
في مدينة حماة، ولكنهم ناقضوا أنفسهم هنا واثبتوا مدى كذبهم ونفاقهم وذلك بدعوتهم المسلحين
إلى عدم الوثوق بالنظام الأسدي، بعد أن صرح السفير الأمريكي – من قبل– بأنه لا يوجد
مسلحون في سوريا وأن ثورة الشعب سلمية!! فكيف لهم أن يدعوا الثوار إلى عدم تسليم سلاحهم،
وهم ليسوا مسلحين بالأصل!! وكأن هذه الدعوة من الجانب الأمريكي تأكيد لدعوتين من دعاوي
الأسد وهي أن سوريا تتعرض لمؤامرة، والأخرى تأكيد صدق الأسد بوجود عصابات مسلحة.
وعجبت كثيراً كيف يزعم الأمريكان والصهاينة
أنهم يريدون إسقاط نظام الأسد، ثم أجدهم قياصرة أكثر من قيصر ذاته، ومدافعون أشاوس
عن أنظمة المقاومة أكثر من الأسد وحلفائه، وتساءلت عن نوع النفاق والخداع الذي يمارس
علينا، ونحن ندع الأحداث تمر بنا، ولا نأخذ منها إلا ما يراد له أن يصل إلينا!! ولكن
للحقيقة أن تتبع الأحداث كما تجري لا كما يراد لها أن تجري ولو بالكذب والدجل، لوصل
الأمر بنا إلى اكتشاف مزيد من الداعمين لهذا النظام المتستر بالمقاومة والحامي حمى
الصهاينة، ولتغيرت الكثير من المفاهيم المغلوطة، ولوصلنا إلى قناعة بأن هناك مؤامرة!!
نقولها بالفم العريض: نعم هناك مؤامرة، بل وبشكل أكثر دقة هناك مؤامرتين، الأولى تدار
ضد الشعب السوري اليتيم، والثانية ضد صحوة الضمير!!
ومن ثم مكن الله للثوار عدداً بسيطاً من الجنود
الذين انشقوا عن جيش المجرم الأسد، كان عددهم يزداد يوماً بعد آخر، بازدياد دموية النظام،
فكلما ازداد عنف النظام كلما زاد عدد المنشقين، ليشكلوا بعدها جيشاً خاصاً بهم عرف
باسم "الجيش الحر" أخذ على عاتقه منع القتل المُستحر بالمدنيين وحماية تظاهراتهم،
وملاحقة الشبيحة والنيل منهم، وقطع يديهم الممدودة بسوء إلى أبناء الشعب السوري، وصار
له ثقل داخل سوريا بعد أصبح عدده كبيراً ومنظماً، مما لعب دوراً كبيرا في بسط يد الثوار
على العديد من المدن والبلدات السورية.
فكان ظهور "الجيش الحر" حالة طبيعية،
ولدت من رحم هذه الثورة المباركة اليتيمة، التي قتل الأسد المجرم أطفالها وشبابها وشيوخها
واغتصب بناتها، ورمل نسائها ويتم فلذات أكبادها، وخذلت من قبل القريب قبل البعيد، وكان
بديهياً أن يدافع الشعب عن نفسه مع محافظته على سلمية ثورته، وانبرى لهذه المهمة شبان
بعمر الزهور رفضوا الخوف ورفضوا أن يُقتل شعبهم وهم صامتون، فأعلنوا أن الجيش ليس أقل
شجاعة منهم وحملوا أرواحهم رخيصة من أجل حماية هذا الشعب الأعزل، وقد كان؛ فانقطعت
بظهور هذه القوة الجديدة مؤامرة أريد لها أن تعجل بوأد الثورة، وانكشف بأن هذه العصابات
التي كانت تقتل الجنود – الذين رفضوا إطلاق النار على أخواتهم– وتفتح نيرانها على المتظاهرين
إنما كانت من صنع الأسد، الذي تحول إلى وحش أكثر دموية بعد أن قص الجيش الحر جزءا كبيرا
من يديه واجبره صاغرا على الخروج من الزبداني، فأخذ يهدم البيوت فوق ساكنيها، ويحرق
المحلات المستمرة بحملة الإضراب، ويفجر الباصات التي تقل معتقلي الثورة، كما يحدث اليوم
في حماة والدير وحمص وجبل الزاوية ودرعا ودوما والزبداني بعد أن طرد منها.
ولنعرف كيف تغيرت كثير من المواقف لا بد لنا
أن نعود إلى تصريح خطير ومخيف لـ"عاموس جلعاد" رئيس الأمن القومي في وزارة
الدفاع الصهيونية، بداية شهر تشرين الثاني من العام الماضي، وهي يقول للجميع محذراً
إياهم بعدم الاقتراب من شبل الأسد ابن بائع الجولان، وحامي الحمى لأن:" سقوط شبل
الأسد سقوط لدولتنا" فتغيرت قواعد اللعبة وتبدلت الأماكن، وتغيرت المعالم وظهرت
الوجوه بغير الوجوه المعهودة، وانكشفت كل الأطراف الداعمة لنظام الأسد؛ وأظهرت هؤلاء
الداعمون لدموية الأسد ومشاركيه في إجرامه جميعاً، والمتآمرون على الشعب السوري، وهم
لن يفعلوا شيئا في الامم المتحدة ضد نظام الأسد المجرم، واضعين الفيتو الروسي حصانة
وتمادياُ له في القتل والاجرام، وسيكون لهذا الشعب العظيم وجيشه الحر كلمة أخرى!!
احمد النعيمي
Ahmeeed_asd@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق