أعزائي القراء
عندما تم التخطيط
لزراعة الكيان الصهيوني في قلب الأمه العربيه , كان النقاش بين المتآمرين في حينه
يدور حول إستمرارية هذا الكيان في العيش وليس على إمكانية زرعه فقط. فكما نعلم
جميعا ان عملية الزرع كانت سهله جداً فقد تمت
في زمن كانت معظم الدول العربيه في حالت إستعمار وضعف لا حول لها ولا قوه..ولكن إستمرارية
الحياة لهذا الكيان كانت تؤرقهم.
ومن أجل حل هذه المعضله ,كان امام
المتآمرين طريقان.
الأول: محاولة إقناع الشعوب العربيه
بإن التعاون مع هذا الكيان الغريب والإندماج معه
هو سبيلهم للتقدم كونهم سيضخوا من الأموال والمشاريع المشتركه ما يجعل مجرد
التفكير بالإحتلال الإسرائيلي وإزالته فكره عبثيه.
الثاني: خلق كيان يتصف بالتطرف الحاد
تجاه إسرائيل له مواصفات عنصريه مماثله للنظام الإسرائيلي ..متشابهان ظاهراً بالغلو
المعادي لبعضهما بشكل يخلق هذا الوضع حاله
مستمره ومستديمه من العداء الظاهر لما شاء الله يتخللها نوع من النركزات المقصوده غايتها تذكير العالم عموماَ
والشعوب العربيه والإسلاميه خصوصاً بوجود جبهة مازالت ترفع شعار لا لإسرائيل.وبالتالي
فإن إزالة اي نظام من هذين النظامين المتناقضين ظاهراَ المتماثلين واقعاً يعني تصدع
في جملة النظامين معاً.
الإستراتيجيه الأولى كما نعلم فشلت
فشلاً ذريعاً فليس من البساطه على الشعوب ان تغير من قناعاتها المبنيه اصلاً على تاريخ
وتراث وعقيده إضافة لتجارب سابقه مع الغرباء الغربيين.
أما الإستراتيجيه الثانيه فهي التي
حازت على الموافقه ..وبقي الإنتقال من الفكره الى التنفيذ.
أعزائي القراء
عندما إستقلت سوريا في عام ١٩٤٦ قبل
النكبه الفلسطينيه بعامين تركت فرنسا لسوريا بقايا جيش كانت المراكز القويه الفعليه
فيه تعتمد على فئات من الأقليه لم يكن تعدادهم ومراكزهم تتناسب مع التشكيل الطائفي لهم في المجتمع السوري..ونستطيع
ان نقول بكل بساطه ان الجيش السوري ومنذ الإستقلال وحتى الآن كان يتحكم فيه الطائفيه
بشكل او بآخر ,ويؤسفني القول انه وحتى في عهد الوحده مع مصر إعتمد الرئيس الراحل جمال
عبد الناصر على هذه التشكيله نظراً لأنها قدمت له خدماتها بالتجسس على كل قيادات الجيش
الأول كما كان يسمى في عهد الوحده وبالتالي قام عبد الناصر بمساعدتهم بالبقاء في مراكزهم
كمكافأة لهم وكان لكل منهم غايته. اما لاحقاً وفي عهد الرئيس الراحل نور الدين الأتاسي فقد زاد
الطين بله حتى وصلت التركيبه العسكريه السوريه الى مانسبته سبعين بالمائه من ضباطه
من الطائفه النصيريه بفضل وزير الدفاع حافظ اسد.
إذن نستطيع ان نقول وببساطه شديده
ان الإستراتيجيه الثانيه او ما تسمى بإستراتيجة المغالاة بالعداء تجاه إسرائيل قطعت
اشواطاُ هائله منذ آواخر القرن التاسع عشر وحتى اليوم بعثورهم على الشخصيه القادره
على تنفيذ إستراتيجية المغالاة بالعداء الظاهري وذلك بعد إجتيازها لتجارب عديده ناجحه
من التدريب على قيادة دولة الصمود الزائف من قبل المخابرات البريطانيه إلى بيع الجولان
.الى تصفية الجيش تماماً من خبراته ومن ثم انطلق
للإستيلاء المباشر على سوريا. وهنا نستطيع ان نقول ان الحلقه الأخيره من تشكيل
الدولتين المتكاملتين إسرائيل جنوباً والنظام الأسدي شمالاً قد تحقق بعد ان بلغت نسبة
الضباط العلويين بعد إنقلاب الأسد عام ١٩٧٠ الى مانسبته تسعون بالمائه من تعداد الضباط
العاملين في الجيش , ومن يتذكرحادثة مدرسة المدفعيه التي وقعت في حلب في اوائل ثمانينات
من القرن الماضي يذكر تماماً هذه النسبه. كما
بلغت تشكيلة المخابرات من العلويين في المخابرات ما نسبته مائه بالمائه في اربعة
عشر جهازا للمخابرات وهو اكبر تعداد لاجهزة مخابرات في العالم.
لقد كانت الخطوات التي اتخذت للوصول
لهذا التكامل بطيئه ولكنها مدروسه بعنايه فائقه وبسريه تامه..وأذكر تماما اثناء تدهور
صحة الأسد في الثمانينات اني كنت استمع الى تقرير بالإنجليزيه من إذاعة لندن يتحدث
عن ان السياسه السوريه الخارجيه هي سياسة مقفله بوجه جميع المشاركين الظاهريين في الحكم
بإستثناء اربع شخصيات فقط ذكر لنا اسم حافظ وأخيه رفعت وهذا امر يعرفه الشعب السوري
وتركنا في حيره في امر الإثنين الآخرين ,فهما ليس بالضروره ان يكونا من الأسماء الطروقه
آنذاك ,ولكن من الضروره ان يكونا من عشيرته.
إستمرت دكاكين الصمود الزائف بالعمل
مدعومة بماكنة إعلاميه عالميه هائله ,وكلنا يذكر على سبيل المثال كيف قام جيش الأسد
بتدمير وقتل الآلاف من الفلسطينيين في تل الزعتر ولم تهتز مصداقيته لا عربيا ولاعالميا بالصمود ضد إسرائيل كل ذلك بفضل اكبر شركات العلاقات
العامه الموظفه لصالحه اضافة الى دور إسرائيل في شيطنة النظام السوري وشركائه لإعطائهم
المصداقيه في معاداتها ؟؟
أعزائي القراء
إستمرت الحياة طبيعيه بين النظامين
المتكاملين لسنوات طويله كما نعلم الا ان الخشيه من حصول اي تطور لا تحمد عقباه لهذه
الإستراتيجيه كان شغل اسرائيل وشركائها. وعلى ضوء هذه الخشيه تم تعزيز خط دفاع ثاني وثالث لهذه الإستراتيجيه ,فتم التضحيه
بأقرب المقربين للغرب وهو شاه إيران وكان امراً يدعو للغرابه لمن لا يعرف حلقات المؤامره
وإستخدام نظام الملالي الديني كخط دفاع ثاني.
وإرتفعت على اثر هذا التغيير وتيرة الصراخ بشعارات الصمود والتصدي.وتم تعزيز هذا الخط
بعمائم جديده في لبنان تحت اسم حزب الله.اما خط الدفاع الثالث فكان تحطيم العراق وتسليمه لعمائم طهران لقمة سائغه .
الإخوه والأخوات
بعد كل هذه التعزيزات المحكمه لإستراتيجية
المغالاة بالعداء.إطمئن المخططون الى ان النظام السوري قد تم تحصينه ضد السقوط وبالتالي ضمان إستمرارية إستراتيجية
النقيضان ظاهراً...المتماثلان واقعاً.ولكن ماحصل في سوريا لم يكن بالحسبان.بل
اكثر من ذلك إستمرارية الثوره كانت المفاجأة الكبرى بالرغم من التآمر الدولي ضدها حيث
كان هذا الصمود خارج إدراك تفكيرهم وتفكير كومبيوتراتهم العملاقه. فحاول الجميع على
مدى اكثر من عامين إحباط الثوره ففشلوا جميعا رغم قسوة الدمار والذبح والتهجير وإستعمال
كل ما أخترع من اسلحه مضافاً إليها إبتكارات
اسديه جديده كالقصف بالبراميل المتفجره. ان هذا الصمود الأسطوري سيغير معادلات المنطقه
بأكملها وستفرض الشعوب فوق الطاوله شروطها
في نيل حقوقها.وعلى الشعب السوري ان يدرك ان امامه مشوار طويل في إعادة بناء الهيكليه
الإجتماعيه والإعماريه ..فالطريق صعب ولكنه ليس اصعب من معركة التحرير التي يخوضها
الشعب السوري وجيشه الحر هذا اليوم..
اعزائي الإنتصار حتمي بإذن الله وستتغير كل المعادلات بعد اسقاط إستراتيجية النظامان
النقيضان ظاهراً ..المتماثلان واقعاً.
مع تحياتي.
المهندس هشام نجار
المنسق العام للهيئه السوريه للإعمار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق