الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-08-17

سورية تناديكم ( 18) العمل الإغاثي، بين الفردية، والعمل المؤسسي – بقلم: الدكتور عامر البو سلامة.


مع ازدياد محنة الشعب السوري، ونكبته بهذه العصابة المتسلطة على رقاب أبناء هذا الشعب وثرواته، وبعد ملايين النازحين والمهاجرين والمشردين، ومع ما يزيد على مائة ألف شهيد، ووجود ملايين المنازل المهدمة، ومئات الآف الجرحى والمعوقين، وأيتام يملؤون الساحات، وأرامل في كل بيت، أما المساجين، فحدث عن هذا ولا حرج، وقل مثل ذلك في شأن المفقودين، والبلد في حالة يرثى لها، في كل الجوانب، وعلى المستويات كافة.


في مثل هذه الأجواء، تبرز الحاجة الماسة للعمل المؤسسي الذي يكون سبيل أمان في نجاح أي عمل، لأن التخطيط طريق السلامة، للوصول إلى الأهداف المرسومة، والتنظيم وسيلة تجاوز السلبيات، وتحقق الإيجابيات، فالذي يخطط يعرف أين يمضي، وكيف يسير، ومتى يصل، والذي ينظم العمل، فهو من وضع خطته على السكة الصحيحة، على وفق المعطات، التي في نهاية المطاف، تؤكد على أن هذا العمل يمضي في الاتجاه السليم، ولا بد من العثرة، والكبوة لازم الجواد، والنبوة مرافقة للسيف البتار، ولكن يبقى العمل الجماعي، أقل خطأ من العمل الفردي، وبكل الموازين، وبهذا يصير صانع طمأنينة للمتبرعين، فالناس ملت العمل الفردي، والمؤسسة التي ترتبط بأشخاص، خصوصاً إذا كان بحجم الحاصل في سورية، غير قابلة للبقاء، وغير صالحة للاستمرار.

 والحاجة تتأكد أكثر، ومواجهة الحدث بما يستحق من تخطيط وتنظيم، بات من أهم الواجبات، التي لا يجوز التفريط بها ( وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
ومن العجيب، أن بعض الطيبين يقول لك: ولم كل هذه التكاليف والمصاريف، والموظفين، والمكاتب المستأجرة؟ كان ينبغي أن نوفر هذا لليتامى والجوعى....وهنا يمدد أبو حنيفة ولا يبالي، بل والله في سماع مثل هذه التصورات، تسكب العبرات، وتقتلك الحسرات، ودليل قاطع على أن بعض الذين يعملون في الإغاثة- وإن كانوا طيبين ويريدون الخير- ليسوا أهلاً لهذه المهة، فمن الحمق، أن يتصدر امرؤ لعمل لا يجيده....إذا لم تستطع أمرا فدعه.... وجاوزه إلى ما تستطيع، وحسن النية، والأمانة والطيبة، هذه لا تكون كافية للتزكية، في القيام بأي عمل، نريد القوي الأمين، هذا الذي يستطيع أن ينهض بالعمل، ويقوم بأعبائه.

يضاف إلى هذا،، أن كثيراً من شعب العمل الفردي، رافقته سمعة سيئة من بعض الذين تعاطف معهم الناس، في بداية الأمر، وتبين أن قسماً- ولو كان قليلاً- ليس على المستوى المطلوب، في جانب الأمانة، ما حدا ببعض المتبرعين أن يتريثوا، لأن مالهم يريدون أن يصل للجهات المعنية في الإغاثة، ويبحثوا عن ملاذ آمن، من خلاله تصل أموالهم لمستحقيها.

ومن الأمور التي جعلت العمل الفردي أو الشخصي، غير موثوق به في جانب الإغاثة، ما حدث نتيجة ذلك من أخطاء قاتلة، وتبديد للمال، وعدم معرفة في ترتيب الأولويات، أو ضعف في الوقوف على مباديء العمل بحقائقه العلمي، فضاعت كثير من الأموال، بسبب مثل هذه الاختلالات، وفشلت بعض المشاريع، بفعل عوامل النقص المعرفي لأصول العمل. وتسأل أحدهم: ماذا صنعتم بالملايين؟ فتأتيك الإجابة الصادمة، مما لا مجال لتفصيل حقائقها في هذه العجالة، رغم أن كثيراً منهم طيبون، ويريدون الخير، وهنا يكون الفارق بين عمل الفرد وعمل الجماعة، وهنا يتضح الفرق بين العمل المؤسسي، والعمل غير المؤسسي، أو قل العمل العشوائي، أو العمل الارتجالي، وهذه كلها مصائب، في عصر، لغته كلها قائمة، على البرمجة، والمعلوماتية، والمراكز البحثية، والمعامل الطابخة للقرار.

والحمد لله برزت على الساحة، كثير من المؤسسات العاملة على الساحة، بلغة الفهم الصحيح للعمل، وبدأت ثمارها، يراها القاصي والداني،، على امتداد الوطن الحبيب سورية، وما (جمعية عطاء، للإغاثة والتنمية) سوى نموذج من هذه النماذج الفاعلة والعاملة، نتمنى لهم التوفيق والسداد والنجاح، ولكل العاملين بجد من أجل خدمة شعبنا، وقضيته العادلة.

وهذا يقتضي من كل الداعمين التعاون والمؤازرة، لأن الحمل يخف بكثرة حامليه. ( ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته) . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق