من خلال ما رشح حتى اليوم حول الضربة المرتقبة من
قبل التحالف الغربي ضد نظام الولد الآبق في الشام ، يبدو لي أن السيناريو سوف يمضي
على النحو الآتي، الذي نعرضه ليس من باب الضرب بالرمل ، وإنما هو محاولة لجمع شتات
الصور التي تاتينا من هنا وهناك ، على طريقة ( القص واللزق ) التي تعلمناها على
يدي وسائل الاتصال الحديثة:
1. يبدو واضحاً أن الضربة ــ إن وقعت ــ
فهي لا تستهدف القضاء على الولد المشاكس إياه، بل تأديبه ، وذلك بشد أذنه وضربه
ضربات خفيفة رشيقة وشفيقة على يديه على طريقة جداتنا ( ددديه ماما ! ) وذلك تمهيداً
لسوقه إلى حظيرة ( جنيف 2 ) وهو مدندل أذنيه، بعد أن توضع بردعة الضربة على ظهره
!
2. وفي هذا الإطار يأتي التخلي الظاهري من
قبل الروس عنه ، لأنه في الآونة الأخيرة بدأ يخرج عن "بيت الطاعة" حتى
على أسياده الروس ، وراح يتصرف دون مشاورتهم (استخدامه للكيماوي يأتي في إطار هذه
الحيونة) فكان لابد من تأديبه بالتظاهر أنهم تخلوا عنه !
3. أما إيران وأجيرها المعمَّم في لبنان
فإنها أكثر حنكة ومكراً وحقداً ونذالة من أن تتورط في شِباك الضربة المسرحية المنتظرة
، والراجح أنها ستنتظر انقشاع غبار الضربة لتعيد ترتيب أوراقها ، وهي للأسف الشديد
أوراق كثيرة ، وهذا ما يمكنها من مواصلة كيدها لا للسوريين وحدهم ، وإنما للمنطقة
كلها ، لكن يبدو أن جيراننا لا حياة لمن تنادي !
4. بتعبير آخر ، يبدو أن كل هذه الاستعدادات
المسرحية سوف تسفر عن ضربة مثل "ضربة الحبيب" التي هي احلى من أكل
الزبيب ، الهدف منها تذكيره بحجمه الحقيقي ، وإجباره على الذهاب إلى "معلف"
جنيف للتوقيع على الورقة التي بات من المؤكد أن الروس والأمريكان قد حرروها ، ورفعت
عنها الأقلام وجفت الصحف ، ولم يبق عليه إلا أن يضع حافره عليها !
5. أما المعارضة السورية ، سواء منها
المعارضة المنتظرة للضربة وهي تهلل وتكبر بفارغ الجنون، والمعارضة التي ترفض
الضربة بطوباوية وحماقة فريدتين من نوعهما، فإنها أصبحت مثاراً للسخرية من القريب
والبعيد ، بسبب هذا التشتت والانقسام الذي لا نجد وصفاً له سوى أنه انتحار مجاني !
6. أما الشعب السوري المسكين ، الواقع بين
المطرقة والسندان ، فيبدو أنه استطاب الجلوس إلى الشاشات ليتابع هذه الدراما السوداء
، كما ظل لسنوات طويلة يتابع المسلسلات المكسيكية والتركية وباب الحارة ، منتظراً
الحلقة الأخيرة من هذه الدراما التي يظن أنها ستعرض خلال اليومين القادمين ، على
أيدي مخرجي هوليود ، وكأن هذا الشعب المسكين نسي أن مسلسلات هذه الأيام لم تعد مثل
مسلسلات الأمس ، 30 حلقة وخلاص ، لأ ، فقد أصبحت مسلسلات اليوم تتجاوز مئات الحلقات
، وهناك من "باب الحارة" ليس جزءاً واحداً ، بل عشرات الأجزاء القادمة التي
قد يستغرق عرضها أجيالاً بأكملها !
7. وإذن .. ماذا بعد ؟ الجواب يتلوه علينا
المعلم الأكبر : التاريخ ، هذا المعلِّم الذي لا تنفد حكمه ودروسه ، فهو يقول لنا
بصراحته المعهودة ، الصادمة ، إن الأمة المستكينة التي تسكت عن الاستبداد ، لابد
لها أن تدفع ضريبة سكوتها ، ولقد سكتنا نحن السوريين طويلاً وأصبح لزاماً علينا أن
ندفع الضريبة، وها قد دفعنا جزءاً كبيراً منها ، ويا خوفي من الجزء الباقي الذي أصبحنا
مجبرين على دفعه بالعملة الصعبة للعم أوباما وحلفائه من مستعمري الأمس ، الذين نستنجد
بهم اليوم على أمل أن يخلصونا من الزعران ، لكنهم على ما بدا واضحاً من مسلسل
"رابعة العدوية" سوف يسلموننا لقطاع الطرق ، ولصوص التاريخ ، المتأهبين
منذ مطلع "الربيع العربي" لاحتلال "الكراسي" ، تاركين الشعب
يفترش الشوارع ، ويلتحف السماء .. عجبي !
أبــو مالــك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق