الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-08-31

قراءة في مسلسل الضربة المرتقبة - بقلم: د. أحمد كنعان

 من خلال ما رشح حتى اليوم حول الضربة المرتقبة من قبل التحالف الغربي ضد نظام الولد الآبق في الشام ، يبدو لي أن السيناريو سوف يمضي على النحو الآتي، الذي نعرضه ليس من باب الضرب بالرمل ، وإنما هو محاولة لجمع شتات الصور التي تاتينا من هنا وهناك ، على طريقة ( القص واللزق ) التي تعلمناها على يدي وسائل الاتصال الحديثة:

1.  يبدو واضحاً أن الضربة ــ إن وقعت ــ فهي لا تستهدف القضاء على الولد المشاكس إياه، بل تأديبه ، وذلك بشد أذنه وضربه ضربات خفيفة رشيقة وشفيقة على يديه على طريقة جداتنا ( ددديه ماما ! ) وذلك تمهيداً لسوقه إلى حظيرة ( جنيف 2 ) وهو مدندل أذنيه، بعد أن توضع بردعة الضربة على ظهره !


2.  وفي هذا الإطار يأتي التخلي الظاهري من قبل الروس عنه ، لأنه في الآونة الأخيرة بدأ يخرج عن "بيت الطاعة" حتى على أسياده الروس ، وراح يتصرف دون مشاورتهم (استخدامه للكيماوي يأتي في إطار هذه الحيونة) فكان لابد من تأديبه بالتظاهر أنهم تخلوا عنه !

3.  أما إيران وأجيرها المعمَّم في لبنان فإنها أكثر حنكة ومكراً وحقداً ونذالة من أن تتورط في شِباك الضربة المسرحية المنتظرة ، والراجح أنها ستنتظر انقشاع غبار الضربة لتعيد ترتيب أوراقها ، وهي للأسف الشديد أوراق كثيرة ، وهذا ما يمكنها من مواصلة كيدها لا للسوريين وحدهم ، وإنما للمنطقة كلها ، لكن يبدو أن جيراننا لا حياة لمن تنادي !

4.  بتعبير آخر ، يبدو أن كل هذه الاستعدادات المسرحية سوف تسفر عن ضربة مثل "ضربة الحبيب" التي هي احلى من أكل الزبيب ، الهدف منها تذكيره بحجمه الحقيقي ، وإجباره على الذهاب إلى "معلف" جنيف للتوقيع على الورقة التي بات من المؤكد أن الروس والأمريكان قد حرروها ، ورفعت عنها الأقلام وجفت الصحف ، ولم يبق عليه إلا أن يضع حافره عليها !

5.  أما المعارضة السورية ، سواء منها المعارضة المنتظرة للضربة وهي تهلل وتكبر بفارغ الجنون، والمعارضة التي ترفض الضربة بطوباوية وحماقة فريدتين من نوعهما، فإنها أصبحت مثاراً للسخرية من القريب والبعيد ، بسبب هذا التشتت والانقسام الذي لا نجد وصفاً له سوى أنه انتحار مجاني !


6.  أما الشعب السوري المسكين ، الواقع بين المطرقة والسندان ، فيبدو أنه استطاب الجلوس إلى الشاشات ليتابع هذه الدراما السوداء ، كما ظل لسنوات طويلة يتابع المسلسلات المكسيكية والتركية وباب الحارة ، منتظراً الحلقة الأخيرة من هذه الدراما التي يظن أنها ستعرض خلال اليومين القادمين ، على أيدي مخرجي هوليود ، وكأن هذا الشعب المسكين نسي أن مسلسلات هذه الأيام لم تعد مثل مسلسلات الأمس ، 30 حلقة وخلاص ، لأ ، فقد أصبحت مسلسلات اليوم تتجاوز مئات الحلقات ، وهناك من "باب الحارة" ليس جزءاً واحداً ، بل عشرات الأجزاء القادمة التي قد يستغرق عرضها أجيالاً بأكملها !

7.  وإذن .. ماذا بعد ؟ الجواب يتلوه علينا المعلم الأكبر : التاريخ ، هذا المعلِّم الذي لا تنفد حكمه ودروسه ، فهو يقول لنا بصراحته المعهودة ، الصادمة ، إن الأمة المستكينة التي تسكت عن الاستبداد ، لابد لها أن تدفع ضريبة سكوتها ، ولقد سكتنا نحن السوريين طويلاً وأصبح لزاماً علينا أن ندفع الضريبة، وها قد دفعنا جزءاً كبيراً منها ، ويا خوفي من الجزء الباقي الذي أصبحنا مجبرين على دفعه بالعملة الصعبة للعم أوباما وحلفائه من مستعمري الأمس ، الذين نستنجد بهم اليوم على أمل أن يخلصونا من الزعران ، لكنهم على ما بدا واضحاً من مسلسل "رابعة العدوية" سوف يسلموننا لقطاع الطرق ، ولصوص التاريخ ، المتأهبين منذ مطلع "الربيع العربي" لاحتلال "الكراسي" ، تاركين الشعب يفترش الشوارع ، ويلتحف السماء .. عجبي !

أبــو مالــك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق