المرء يدهش، ويحار، ويعتريه
الذهول، من طرق استقبال بعض الناس لأخبار الأحداث، وطرائق التعاطي معها، وهو أمر
يدعو للأسى، ويزيدنا هماً، إلى همنا، لنقول:: وهذا أيضاً من البلاء، وحسبنا الله
ونعم الوكيل.
لو كان الوضع طبيعياً، ومن خلال
الشعور بالواجب الشرعي، وحس القرابة القومي، ومشاعر التفاعل الإنساني المجرد،
لرأينا أمراً غير هذا الأمر، ولسمعنا خبراً غير هذا الخبر، ولشاهدنا وقائع على
الأرض تختلف تماماً، عن نمط البرود العام الذي نراه اليوم.
كان ينبغي ومن الصباح الباكر، ومع
ارتفاع الشمس قيد رمح، تبدأ عملية الإغاثة لشعبنا في سورية عامة، وريف دمشق خاصة،
بطرائق الإغاثة المعروفة، وبوسائل المساندة المعلومة، ولا أقل من بيان – في كل
أنحاء العالم- لكل حزب وجماعة ودولة ومنظمة ومؤسسة وشخصيات علمائية، وشخصيات عامة،
أن تصدر بيانها، الذي تستنكر فيه، هذه الجريمة المروعة البشعة، وهذه الكارثة
الوحشية المؤلمة، وهذا المصاب الجلل، لننبه الناس، إلى الواجب الذي عليهم أن
يقوموا به.
نحن أمة الجسد الواحد، بالقول
والعمل، والصورة والمعنى،، والحقيقة والأمل، ولازم أن نعيشه، واقعاً يتلمس على
الأرض، بمعالم بينة ظاهرة، ومفردات واضحة، تتحرك حية، بكل مفصل من المفاصل، وتنادي
على نفسها، بمليء نفسها، وأعلى صوتها، بشموخ الناضل، وهمة العالم، ونشاط المكون،
ولغة البناء، وتبني من يحمل الهم، كأنه صاحبه، بل هو هو.
أنا هنا طباً، وأنا هناك جيش حر، وفي تلك
الزاوية، نقدم إغاثة وعوناً، وفي ذلك المكان، مؤازة وسياسة، حتى نستوعب الحدث، بكل
لوازمه، وأنا لست مع الذين يفصلون المسائل عن بعضها، فيقولون: هذا ينفع، وذاك لا
ينفع، كلها نافعة ( واتقوا الله، ولو بشق تمرة)
الخطأ أن نحصر المساندة بجانب،
ونقتصر عليه، كأن يقول المرء، الذي علي إصدار بيان فحسب، وليس أكثر من هذا، فهذا
هو الخطأ.
والأصل أن نحرك الأطباء، فالنقص
فيهم في سوح الوطن ظاهر، وأن نعمل على توفير ما يحميهم، وأن نقدم لهم المال الذي
هو عصب الحياة، وأن نوفر لهم كل ما يؤمن لهم ما يحمي ويقي، وينجح المشروع، فالقضية
السورية أولاً وآخراً، إنما هي مشروع، يبذل السوريون فيه الدماء، وكل غال ونفيس،
حتى يكون هذا المشروع الحضاري، نوراً يستضاء به، فنتحرر من هذا النظام العصابة،
ونبني سورية الغد المشرق، بالعدل، الذي هو جماع الحسنات، وبالحرية التي هي بوابة
الإبداع، وبحقوق الإنسان، التي بتحققها يكون رضا الأرض والسماء.
وبشكل عاجل، لله يامحسنين – وهذا
أقل الواجب- نعلن عن الحاجة إلى بيانات، ومظاهرات، ووقفات احتجاجية، تشرح فيها
القضية، ونواسي فيها أهلنا المصابين، ونقول لهم عظم الله أجركم، وجبر مصابكم،
وأبشروا فنحن معكم، فنشد من أزرهم، ونشعرهم أننا بجانبهم، وليسوا في هذه المعركة
وحدهم، ونضع الناس أمام مسوؤلياتهم التاريخة، والتاريخ لا يرحم، ولا ينسى، وعلى
وقائعه، يكون التقويم، والجرح والتعديل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق