جون هوليوك" والذي عرّف العلمانية بأنها: " الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية، دون التصدي لقضية الإيمان بالقبول أو الرفض " عن كتاب العلمانية تحت المجهر ص 12
لن أدخل في تعريفات أو تحليلات في أعماق الفكر
الانساني وتفضيل اتجاه فكري على آخر , فالتفضيل مختلف ومتعدد يرتبط بالقناعة التي
ترسخت في داخل الإنسان , ومن هذه القناعة يمكن أن ننطلق من محاور متعددة ولكن هذه
المحاور سنحاول أن تلتقي في نقطة مركزية واحدة يمكن أن نحدد من خلالها المسار
الصحيح ,والذي يمكننا أن نقطف عن جوانبه الثمار التي تقدم معنى الحياة الطبيعية
للإنسان .
على الساحة العربية يوجد تياران وكل تيار يمثل
شريحة كبيرة من المجتمع وهذان التياران مختلفان في كل شيء كوقائع ملموسة على الأرض
,ومتصارعين ودمويان باتجاه بعضهما البعض , وكل فريق ينظر إلى الآخر بأنه خائن
وعميل , والآخر يراه رجعي وإقصائي وقديم , وطوباوي وعقيم .
ظهر التياران بوضوح على الساحة بعد انطلاق الربيع
العربي , وقبل ذلك كان الفكر موجه من قبل الطرف الحاكم وكل من يعترض عليه يتم
إلغاؤه بالقوة .
فالتيار الإسلامي ينطلق من مفهوم قضية الإيمان ,
وأن الإسلام يقدم الخير للإنسان في الدنيا والآخرة ومهما كان الخير المقدم للإنسان على المستوى المادي فهو
ناقص لأنه أغفل الجوانب الروحية
من هنا نستطيع أن نجد نقطة محورية مشتركة بين
الطرفين لتلتقي المحاور عندها وتكون نقطة
انطلاق للجميع لتعمل على خير المجتمع ككل والنهوض به من قاع عميق مظلم إلى نور يعم
على الجميع
لنعرج على الذي يحصل وحصل في مصر , نجد الصراع يدور
بين فئة تدعي العلمانية وأخرى فازت بانتخابات صحيحة وغير مزورة , فالتي تدعي العلمانية , لو
انطلقت من تعريف العلمانية والوارد أعلاه بإمكانية اصلاح حال الإنسان من خلال
الطرق المادية دون التصدي لقضية الإيمان بالقبول أو الرفض , لكانت صُبت جهود
الجميع باتجاه صالح الإنسان , ولكن الذي
ظهر جلياً للجميع أن العلمانية في بلادنا هي مجرد ادعاء من قبل معتنقيها مع أنه لو
سألت أي شخص منهم عن التعريف السابق , لقال نحن ضد أسلمة الدولة والعلمانية عندنا
أو بالأحرى عند معتنقيها زوراً وبهتاناً تعني فقط محاربة الأخلاق والتي يدين بها المجتمع
المسلم لاغير .
وهذا لايعني أن الإسلاميين هم الصادقون في القول
والعمل وفي كل شيء على نقيض العلمانيين , فالإسلاميين ركزوا على تعبيرين أساسيين
وهما :
الأول أن كل علماني هو كافر يجب محاربته وإقصاؤه مع
أن القاعدة القرآنية تقول (لاإكراه في الدين), والثاني الأهم والأخطر هو التعلق
بالمظاهر والابتعاد عن الجوهر مع أن الله تعالى ذكر في كتابه العزيز بما معناه (أن
الله لاينظر إلى الشكل ولا إلى الصورة وإنما ينظر إلى المضمون أي ماتحتويه القلوب
من خير أو شر )
إن التجربة التركية هي التجربة الماثلة أمام الجميع
في أنها استطاعت الانطلاق عبر دستور علماني وحزب اسلامي , ومن خلال التقاء حزب
العدالة والتنمية التركية من نقطة محورية مع العلمانيين الذين يسعون لصالح الإنسان
,استطاعوا النهوض بتركيا من الدول المرتبة
في قائمة الدول المتخلفة إلى الدرجة المثلى والتي تتنافس فيها مع الدول العظمى في
فترة زمنية قصيرة جداً , بحيث هذه السياسة ألغت الانقلابات العسكرية في تركيا
لفترة طويلة لا يعلمها إلا الله وقد لا تحصل أبداً , فالانقلابات العسكرية لا يمكن
أن تقدم خيراً أبداً لصالح الشعوب .
وباعتقادي لو أن التكتلات السياسية السورية اعتمدت
دستور ال51 والمتفق عليه من كلا التيارين لاستطاعت التقدم خطوات كبيرة للأمام ,
بدلاً من التشتت الحاصل عندها ولكانت انتصرت الثورة السورية بأريحية كبيرة جداً
د.عبد الغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق