إن ما يحدث في مصر اليوم يمزق
نياط القلب ويدمي الفؤاد.. مصر أم الدنيا التي كم هللنا لثورتها وفرحنا؛ هي اليوم
تنحدر إلى مستنقع دموي لا يعلم إلا الله نهاياته وتداعياته.. كل ذلك على يد جيشها
العظيم الذي بتر ذراع جيش إسرائيل الذي لا يهزم في العاشر من رمضان 1973؛ وحطم خط
بارليف المنيع، فما الذي غير هذا الجيش الذي حمى الثورة وساندها ووقف إلى جانبها
في الخامس والعشرين من يناير 2011 ووضع نفسه في مواجهة الشعب وخياراته؟!
إن ما يفعله جيش مصر العظيم اليوم
في ميداني النهضة ورابعة العدوية وهو يفض اعتصام المطالبين بعودة الشرعية بكل قسوة
ووحشية يجعلنا نعيد النظر في تركيبة هذا الجيش وقياداته؛ التي انساقت وراء فلول
النظام السابق ومجموعة المعارضة؛ التي أخفقت في تحقيق أي نجاحات تذكر في كل اللعبة
الديمقراطية التي ارتضى بها الثوار وعامة الشعب المصري، سواء في انتخابات مجلسي
الشعب والشورى أو الرئاسة أو الاستفتاء على الدستور.
المعارضة المصرية التي أطلقت على
نفسها اسم (جبهة الإنقاذ) لم تكن في حقيقة الأمر إلا معولاً للتهديم والتخريب ووضع
العصي في عجلة الثورة، وإفشال مرسي وحكومته التي اختارها الشعب المصري عبر وسائل
الاقتراع الحر النزيه، وكان الجيش ورجال الأمن في طليعة من أفشلوا مرسي وحكومته
وقيّد حركتها وحال دون تفرغها لإصلاح ما أفسده النظام السابق، وأحجم عن قصد في فضا
للاعتصامات والمظاهرات التي شلت مصر من أقصاها إلى أقصاها، مدعومين بإعلام سفيه
وغير محايد، كان يزوّر الحقائق ويختلق الأكاذيب ويفبرك الأحداث ويروج للضالين
والمضلين عبر الوسائل الرسمية والخاصة؛ سواء منها المقروء أو المسموع أو المرئي.
وتوج الجيش تنكره لحكومة مرسي
عندما أعلن عن وقوفه إلى جانب المعتصمين المتمردين على الحكومة الشرعية ونفذ
انقلاباً عليها، واعتقل رئيس الجمهورية وعدد كبير من موظفي ومستشاري رئيس الجمهرية
وكبار أنصاره ومؤيديه، تحت شعار (الإرادة الشعبية) المتمثلة في مجموعة من
المتمردين وفلول النظام السابق ومجموعات البلطجية، الذين كانوا يحتلون ميدان
التحرير منذ تسلم الدكتور محمد مرسي منصبه كرئيس للجمهورية، ولم يسع في أي ظرف من
الظروف على فض اعتصامهم بالقوة، بل كان يدافع عنهم في إطار القانون الذي يسمح
بالاعتصام والتظاهر السلمي، ولم يطلب من الجيش أو رجال الأمن التدخل لفض هذا
الاعتصام، على الرغم مما كانوا يقومون به من تعديات وقتل وإحراق وتجاوزات طالت
القصر الجمهوري والعديد من الوزارات ومؤسسات الدولة ومقرات الحزب الحاكم.
اليوم تسيل الدماء المصرية في
ميادين القاهرة ومعظم ميادين المدن المصرية على يد جيشها العظيم ورجال أمنها
الأشاوس الذين ارتضوا بأن يكونوا أداة موت بيد حفنة من السفهاء الذين بانوا على
حقيقتهم عند أول اختبار تعرضوا له، وأسقطوا بأيديهم الأقنعة الزائفة التي كانوا
يختبئون وراءها لتضليل الشعب المصري الطيب، الذي انتفض في كل ميادين مصر ونجوعها
وقراها تأييداً لحكومة مرسي الشرعية التي اختارها بإرادته الحرة، ولن تثنيه عصا
الأمن الغليظة عن التظاهر السلمي والاعتصام في الميادين حتى استعادة الشرعية التي
ثار من أجلها!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق