دعونا أيها الناس قبل ذي
بدء نطرح هذا السؤال البريء .. الطفولي:
لماذا طال أمد الحرب في
الشام ؟؟؟
وماذا بعد ذلك ؟؟؟
لا أدعي أني أستطيع
الإجابة الكاملة .. التامة .. الشافية .. على هذا السؤال الكبير .. ولكن سأحاول أن
أضع اليد على أهم الجروح النازفة .. وأركز على أهم النقاط الكبيرة المؤثرة في
تطويل فترة الصراع .. تاركاً للآخرين أن يتحفونا بما عندهم من علم .. ومعرفة ..
النقطة الأولى
: تشكيل كتائب
قتالية .. أو جهادية .. أو عسكرية عديدة بأسماء مختلفة .. ورايات متنوعة ..
وتوجهات متباينة .. بعضها متقارب .. وبعضها الآخر متضاد ومتعاكس ..
النقطة
الثانية : عدم
وجود تنسيق بين جميع الكتائب إلا ما ندر .. ولفترة قصيرة .. أو لمعركة واحدة..
النقطة
الثالثة : عدم
وجود قيادة واحدة .. وتعليمات واحدة .. وتخطيطات واحدة .. وعمليات واحدة .. وأهداف
إستراتيجية واحدة ..
النقطة
الرابعة : وهي
الأخطر .. قيام عدة كتائب أحياناً بعمل مشترك .. في عملية قتالية ما .. وفي خضم المعركة
.. ومع اشتداد أوارها .. وازدياد شراسة هجوم الأعداء عليهم جميعاً .. وإذا ببعض
الكتائب تتوقف عن القتال فجأة .. وتنسحب من أرض المعركة تاركة أخواتها لوحدهم
يتحملون أعباء المعركة .. وإذا بالذخيرة لدى المتشبثين بالأرض تنفذ .. مما يضطرها
للإنسحاب .. والفرار من أمام أعدائهم جميعاً .. وبالتالي تمكن الأعداء من السيطرة
على الأرض .. وإسترجاعها من المجاهدين ...
والسؤال
البريء الطفولي الثاني :
لماذا تتصرف هذه الكتائب –
وهي تدعي وتزعم وتعلن أنها تقاتل في سبيل الله – هذه التصرفات الهوجائية ..
الرعناء .. المضادة للأهداف المعلنة للجهاد ؟؟؟
ولماذا تطعن الواحدة ظهر
الأخرى بخنجر مسموم ؟؟؟؟
لماذا يخون بعضهم البعض
؟؟؟
وكيف تقبل قلوب بعضهم .. رؤية
إخوانهم .. أو رفاق دربهم .. يتعرضون للقتل على يد أعدائهم جميعاً .. ويتخلوا عن نصرتهم
ومؤازرتهم .. فينسحبون ويتركونهم ليُقتلوا على يد أعدائهم ؟؟؟
الحقيقة ..
ثمة أسئلة كثيرة .. وكثيرة
تجول في الخاطر .. وتتردد على الألسنة .. بمرارة .. ولوعة .. وحسرة .. وألم شديد
..
لماذا .. ولماذا يحدث هذا
.. وهذا ؟؟؟؟
جاءتني أجوبة من مصادر
مطلعة .. وقريبة .. وعلى صلة وثيقة .. وتماس مباشر مع الكتائب الجهادية .. تقول :
1- ظهر على الساحة ما يسمى بأمراء الحرب ...
2- هؤلاء لا يحملون عقيدة .. ولا ديناً .. ولا فكراً .. ولا
مبدأً .. ولا خُلقاً .. ولا عاطفة إنسانية .. ولا قلباً بشرياً .. ركبوا عربة
الثورة .. واستغلوا ظروف الناس القاسية ليبنوا ممالك خاصة بهم .. على جماجم القتلى
..
3- همهم الوحيد جمع المال من أي مصدر كان .. والقتال لأجل
المال .. والذي يدفع أكثر يقاتلون في سبيل تحقيق مآربه .. وأهدافه .. فقط لا غير
..
4- بعض الكتائب تحمل فكراً دينياً .. فيه شيئ من التزمت ..
والغلو .. والتضييق .. وحصر الدين في نقاط معينة .. محددة .. لا يتجاوزونها ..
يقاتلون .. ويضحون بأرواحهم في سبيلها .. ويتركون سعة الإسلام .. ورحابة فكره ..
وشمولية تصوره الواسع ..
5- تظن بعض الكتائب .. أنه لا يجوز لها القتال تحت راية غير
الراية التي تؤمن بها .. وترفعها .. حتى ولو كانت هذه الراية إسلامية أيضاً ..
متناسين أن المهم في الجهاد هو النية .. وليس
اللافتة .. وليس قطعة القماش المرفوعة..... فقال
رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من قاتَل لتكون كلمةُ اللهِ هي العُليا ، فهو في سبيل اللهِ
6- يلتبس على بعض الكتائب الحديث التالي :
مَنْ قاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ .. يَدْعُو إلى عَصَبِيَّةٍ .. أوْ يَغْضَبُ
لِعَصَبِيَّةٍ ..فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ
فيظنون
أن أي راية غير رايتهم فهي راية عمية ..
وهذا جهل مطبق .. وتفسير خاطئ للحديث النبوي الشريف ..
لأن
المهم هو : الهدف الذي لأجله يقاتل .. ويُقتل في سبيله الإنسان .. وليس الراية
!!!!
لأنه
لم يرد في كتاب الله أي ذكر للراية ...
ولكن
في سبيل الله وردت آيات كثيرة مثل :
وَقَـٰتِلُوا فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱعْلَمُوا أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ البقرة آية 244
أمام هذا الوضع
المأساوي .. الحزين .. المخيف .. المرعب ..
وأمام رغبة العالم
أجمع .. لإستمرار .. وديمومة الحرب لسنوات عديدة .. مديدة .. حتى أن بعض المصادر تعلن
صراحة .. أنها قد تستمر لعشر سنوات أخرى .. وتعمل على هذا السيناريو ..
ماذا نحن فاعلون ؟؟؟
هذا السؤال موجه إلى
الكتائب ...
إذا كان يهمهم أمر
الله حقاً .. ويهمهم مرضاته .. ويهمهم دخول الجنة ..
ثم يهمهم تحرير الناس
من العبودية للطاغوت الأسدي ..
فعليهم القيام بما
يلي :
1- توحيد
الكتائب كلها على إختلاف توجهاتها .. وإنتماءاتها .. وأفكارها في كتيبة أو لواء أو
جيش واحد ..
2- تشكيل
قيادة واحدة سواء بالإنتخاب أو بالتوافق .. لوضع خطة واحدة .. وخضوع الجنود كلهم
لأوامر واحدة .. وتوزيع السلاح على الجميع بالتساوي ..
3- الخطوة
التالية .. والمهمة جداً هي : الإندماج مع الجيش الحر – خاصة وأن معظم عناصره ذات
توجهات دينية فكرية أو عاطفية – وتشكيل قيادة واحدة مشتركة من الكتائب والجيش الحر
...
أنا أعلم وأتفهم أن
تحقيق هذه الطلبات قد تكون صعبة .. وتقف في طريق تحقيقها عقبات جمة .. ولكنها
بالتأكيد ليست مستحيلة ..
خاصة إذا وجدت
الإرادة والرغبة الصادقة في تحقيق الهدف الأساسي من الثورة .. وهو القضاء على
الطاغوت الأسدي .. الذي من المستحيل .. والمستحيل أن يتحقق بدون الإنصياع والخضوع
لأمر الله الذي يقول :
وَٱعْتَصِمُوا۟
بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًۭا
وَلَا تَفَرَّقُوا۟
ۚ آل عمران آية 103
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوا۟
بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُوا۟
بِهِۦ
فَسَيُدْخِلُهُمْ فِى رَحْمَةٍۢ
مِّنْهُ وَفَضْلٍۢ
وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَٰطًۭا
مُّسْتَقِيمًۭا النساء
آية 175
ويقول الرسول صلى
الله عليه وسلم :
يدُ اللَّهِ مع الجماعَةِ ومن شذَّ شذَّ إلى النَّارِ
هذا
هو طريق النصر .. وإلا ستطول الحرب سنوات .. وسنوات .. وسيتحمل وزر ذلك .. وإثم
ذلك .. المجاهدون الذين أبوا أن يتحدوا وهم يعلمون علم اليقين أن :
الإتحاد
قوة .. والتفرقة ضعف ...
السبت
3 شوال 1434
10
آب 2013
د/
موفق مصطفى السباعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق