الدعاء، سلاح قوي لا بد منه في كل
العوالم، لا غنى عنه للسياسي، والعسكري إن أهمله هلك، والمجتهد المبتعد عن التوفيق
الإلهي، والعون الرباني، ( فأول ما يقضي عليه اجتهاده) والعابد لا يكون عابدا بحق،
إلا إذا لجأ إلى الله تعالى، وسأله، واستعان به، كيف لا وفي الصحيح ( الدعاء هو العبادة).
الدعاء حاجة إنسانية، وهو تعبير صادق
عن حرية الإنسان، فالعبودية لله، والخشوع بين يديه، والخضوع تذللا له، تعبير صادق عن
نبذ عبودية من سواه، حقيقة أم جازا.
الدعاء، سهم يطلقه العبد الصادق، الذي
لم يأكل الحرام، ولم يلبسه، ولم يشربه، فتتفتح له أبواب السماء، وبها يغير الله من
حال إلى حال، ومن وضع لآخر، ومن ظرف، كان يظن، أنه حبيس حالة، وأسير وضع، فتكون ((
كن) الربانية، مغيرة لكل ما ظن أنه لا يكون...فالعقد تحل، والمعضلات تفكك، والصعاب
تسهل، والمغلقات تفتح، والشاردات تذل، والوحوش تؤنسن، والقاسيات تلين، ( ادعوني أستجب
لكم).
وكم في التاريخ من أمثلة، تؤكد هذه
الحقيقة، وبطون الأسفار مليئة بالبراهين، على صدق هذا الأمر، ووقائع الأمس واليوم طافحة
تنادي على نفسها، بهذا المعنى الجليل.
الأمور والقضايا والمسائل، في كثير من الأحيان، قد
تبدو سياجها عالية، ومن العسير تجاوزها، خصوصا مع ارتفاعها، وعظيم أسلاكها الشائكة،
ما كان يحسب المرء لها حسابا، حتى ليخيل للمرء،
أن لا نجاة، وكل الأبواب موصدة، ويجيء الفرج من الذي بيده مقاليد السموات والأرض، وتمضي
تلك الأيام، وتبقى كأنها ذكرى، في عالم التاريخ لنأخذ منه العظة والعبرة والدرس.
**********
وجاء في الحديث الصحيح ( ما من عبد
مسلم يدعو لأخيه في ظهر الغيب، إلا قال الملك: ولك بمثل).
وفي الصحيح أيضا ( دعوة المرء المسلم
لأخيه بظهر الغيب مستجابة).
واليوم في سورية جرح يثعب، وألم مستمر،
وجراحات تترى، وماصابات تتوالى، وأهلنا بمصر في محنة، وناسها على مفترق طرق، ونحن في
شهر مبارك، يضاعف فيه الأجر، ودعاء الصائم مستجاب، وله عند فطره دعوة لا ترد، فلا تنسوا
إخوانكم من دعواتكم، وأنتم سجود، وإثر الصلوات، وعند نزول الغيث ، وفي أوقات السحر،
وذهب العلماء إلى سنية القنوت في الصلوات المكتوبات، في حال النوازل، وما أكثرها في
هذه الأيام، فأروا الله من أنفسكم تضرعا وخيفة، وذلا بين يديه، فسهام الغيب غلابة.
ثقوا بوعد الله، وسلموا أمركم له،
واعملوا وجدوا واجتهدوا ، فما خاب من توكل على الله، حق توكله، وهلك المتواكلون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق