إن العين
لتدمع والقلب ليحزن والفؤاد ليتفطر على ما يحدث في بلاد العرب وقد حل في ديارهم
ضيف كريم يحرم فيه المشاحنات والمنازعات وحتى التلاعن أو السباب فما بالك إذا ما
كانت السكين تحز الرقاب والمتفجرات تدك المساجد وتحل الخراب في دور الآمنين
والأبرياء!!
يوم أمس
ضرب الإرهاب الأعمى الضاحية الجنوبية من بيروت وذهب ضحية هذا الإرهاب العشرات من
الآمنين بين قتيل وجريح، وإحراق العشرات من السيارات والمحلات والأبنية التي
انهارت على الأطفال والنساء والشيوخ والمقعدين الذين لا ذنب لهم إلا أنهم كانوا
ضحية لسلوك إجرامي أقدم عليه أحد سفهائهم الذي انحاز بهم - عن غير إرادتهم - إلى
باغي الشام ونمرودها ليساعده في قتل شعب أعزل آمن ثار لطلب الحرية والكرامة
والتمتع بأبسط حقوق الإنسان.
ما حدث
في الضاحية الجنوبية يوم أمس يذكرنا بقصة الراهب اليهودي الذي حل عليه غضب الله
وهو قائم يصلي آناء الليل وأطراف النهار لسنين طويلة، والقصة تقول: أنه قد كان في
بني إسرائيل بلدة طغى حاكمها وبغى فقتل وارتكب الفواحش وأشاع الرذيلة والفساد بين
أهلها وقرب الأشرار وأبعد الأخيار وحكّم فيهم السفهاء وأراذل الناس حتى بات الحرام
حلالاً والحلال حراما، وكان في هذه البلدة راهب نذر نفسه لعبادة الواحد الديان لا
يكف عن الصلاة والسجود والركوع لا ليل ولا نهار، منعزلاً بعيداً معتكفاً في صومعة
بناها بعيداً في قمة جبل، ظناً منه أنه سيكون في منأى عن غضب الله إذا ما حال على
أهل تلك البلدة، حتى إذا ما غضب الله على أهل تلك البلدة وأراد عقاب أهلها، أمر
جبريل عليه السلام أن يقلب تلك البلدة عاليها سافلها ويدمرها على أهلها حتى لا
يبقى من ذريتهم أحد، وعندما نزل جبريل لينفذ أمر ربه وجد ذلك العابد في صومعته
واقفاً يصلي، فرجع إلى ربه قائلاً: (إن فيها راهب رأيته واقفاً يصلي ويدعوك،
فقال الله عز وجل إني أعلم منك بمن فيها فابدأ بهذا العابد وأسمعني صوته – أي صوت
عذابه إنه كان لا يتمعر وجهه – أي لا يحمر وجهه غضباً من معصية قومه لله ).
أردت سوق
هذه القصة لأستشهد بما فعله سفيه الضاحية الجنوبية حسن نصر اللات في القصير وما
يفعله اليوم في حمص ودمشق وحلب من قتل وسفك للدماء، ووقوفه إلى جانب باغي دمشق
ونمرودها الذي راح يقتّل الأبناء ويستحيي النساء ويدمر البلدان ويحاصر الناس في
الدواء والماء والغذاء، وينادي في الخلائق على رؤوس الأشهاد – قاتله الله - (أنا
ربكم فاعبدون)..!!
والله
سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي: (العظمة ردائي والكبرياء إزاري فمن
نازعني فيهما قصمت ظهره ولا أبالي. وفي رواية أخرى: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن
نازعني واحداً منهما قذفته في النار).
وكان
جزاء الله على الدوام من نفس العمل فكما تدين تدان وعين الله لا تنام، فهذا علي بن
ابي طلب رضي الله عنه يقول:
لا تظلمن إذا ما كنت
مقتدراً ..... فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عينك والمظلوم
منتبه ..... يدعو عليك وعين الله لم تنم
لم يتمعر وجه أهل الضاحية
الجنوبية لما فعله سفيههم حسن نصر اللات ومرتزقته في القصير فصب الله بعض عذابه
عليهم ليحذروا ما ينتظرهم في قابل الأيام من عذاب وإحن ومحن ونوازل إن لم يكفوا يد
هذا السفيه ويوقفوه عند حده ويمنعوه من التمادي بدم اشقائهم في سورية الذين كانوا
لهم والعون والسند، وقاسموهم رغيف الخبز وجرعة الماء والسكن في محنتهم عام 2006،
ولم يكونوا ينتظروا منهم أن يكون جزاء كل ما فعلوه لأجلهم كجزاء النعمان لسنمار..
فهل يعي أهلنا في الضاحية الجنوبية هذا الإنذار الذي جاءهم على يد مجموعة إرهابية
ويستفيقوا من غفوتهم ويعودوا إلى رشدهم ويكفوا عن غيهم ومساندة جبار دمشق
وباغيها؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق