عندما
سقطت القصير مطلع الشهر الماضي، أدرك أهل حمص المحاصرين أن الدور سيأتي عليهم. تجهّزوا
جيداً وقرروا القتال والاستشهاد. كان اعتقادهم في محله؛ فاحتلال القصير من قبل
"حزب الله" وجيش النظام السوري، كان مقدمة ضرورية لاحتلال حمص. وهو -في
الأحوال كلها- جزء من مخطط الدولة العلوية.
قبل
نحو عشرة أيام بدأ القصف التمهيدي، والاستطلاع بالنار، ومحاولات التقدم نحو
الأحياء المحاصرة في حمص. استعمل النظام السوري مواد كيماوية ومواد حارقة (في إحدى
المرات تسببت الريح بارتداد المواد الكيماوية إلى الجهة التي أطلقتها). قصَفَ
المنطقة بصواريخ تدميرية هائلة (سكود وغيرها، وفي إحدى المرات تسببت النيران
الصديقة بمقتل جنود للنظام). بلغ حجم القصف والحصار مستويات تنذر بـ"سيناريو" سقوط القصير.
ومع
أن خسارة القصير أعقبها تعويض في مناطق كثيرة، بتأثير من السلاح النوعي، الذي وصلت
كميات منه، لا سيما في درعا (تحرير المدينة كاملة، ومدينة إنخل ونحو 40 حاجزاً،
والمنافذ الحدودية مع الأردن كلها عدا نصيب)، وفي حلب وإدلب ودير الزور؛ إلا أن
أوضاع حمص ازدادت سوءاً.
حمص
في حال خطيرة جداً اليوم، بلا غذاء ولا دواء ولا مشافٍ ولا بنية تحتية، وحصار
خانق. ويقاتل "حزب الله" إضافة إلى جيش النظام والشبيحة على أكثر من
جبهة في حمص: جبهة القصور – القرابيص، وجبهة جورة الشياح، وجبهة باب هود، وجبهة
شارع القاهرة، وقد حاولت عناصره التقدم نحو الخالدية مرات عدة، وأعلن الثوار قبل
أيام عن مقتل فراس حسن القافلي، المسؤول عن جبه القاهرة- الخالدية.
وتعتبر
أحياء: الزهرة، والنزهة، وباب هود، وباب الدريب، والبغطاسية، والقصور، والقرابيص، وأجزاء
من باب السباع، تحت سيطرة جيش النظام وعناصر "حزب الله"، وهي تسعى انطلاقاً
من هذه الأحياء لاستكمال سيطرتها على حمص، والدخول إلى الأحياء المحاصرة؛
الخالدية، وجورة الشياح، والبياضة، وتيرمعلة، وأجزاء من حي باب هود (مرفق: الخريطة
رقم 1: أحياء حمص المحاصرة).
ويجري منذ أيام قصف عنيف على الأحياء الحمصية
المحاصرة، بالتزامن مع مجازر تُرتكب بحق العائلات الحمصية، ورغم
محاولات قيادة الجيش الحر إدخال السلاح إلى المناطق المحاصرة، إلا أن الظروف
الميدانية لا تسمح بذلك، ما يجعل صمود المقاتلين في حمص، المحاصرين منذ أكثر من
سنة أسطورياً (تظهر الخريطة رقم 2 حجم المناطق التي بات "حزب الله" يحتلها؛
اعتباراً من الحدود اللبنانية، وصولاً إلى حمص).
لقد قدّمت حمص أكثر من غيرها من المدن السورية؛ من
أبنائها ومن عمرانها، وهي أول من ناصر درعا؛ مهد الثورة، حتى استحقت لقب عاصمة
الثورة السورية، فهل تصبح حمص عاصمة الثورة المحتلة، من جيش انتفضت عليه، وممن أوتهم
في العام 2006، فعادوا إليها مسلحين يردون الجميل؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق