اعزائي القراء
لأسباب نعرفها جميعاً ولدت الثوره
السوريه كتيار جارف إنفجر فجأة كبخار مضغوط في وعاء لم يتمكن صمام الأمان المركب على
هذا الوعاء من تحمل شدته...فإنفجر كل شي ونفذ البخار إلى كل مكان من أرجاء الوطن.
ثم دارت أعزائي عجلة الثوره وإنطلقت
بسرعة شديده إلى كل قرية وبلدة ومدينه ...فعمت
المظاهرات ارجاء الوطن ... كل ذلك حصل في فترة قياسيه بينما كانت الثوره تتقدم عشوائياً بدون قياده واضحه
أو شخصية كاريزمية تستطيع ان تسيطر على الأمور وتكون صاحبة القرار والتوجيه والكلمة
المُطاعه لدى الشعب السوري..ويؤسفني ان اقول ان غياب مثل هذه الشخصيه القياديه قد أخرت
الكثير من نجاحاتنا وإنتصاراتنا ..ويعود غياب هذه الشخصيه الكارزميه حتى الآن الى عاملين:
الأول : طبيعي وهو ان النظام حاول
جاهداً وعلى مدى ما يقارب من نصف قرن تفريغ
البلد من كل شخصية وطنيه مقتدره تتمتع بلغة خطابية راقيه وتفكير وسطي وفعل حقيقي على الأرض لحشد الشعب السوري تحت مظلته.
والثاني : وهو امر يعود لنا كشعب وما
طرأ على تصرفات معظمنا من ثقة وهميه بعد الثوره غذتها سهولة التعامل مع وسائل الإتصال الحديثه على الإنترنت والأقنيه الفضائيه حيث مراكز التواصل الإجتماعي
اضحت في متناول معظم ابناء الشعب السوري ..فإعتقد الكثير منا ان الفرصه صارت مواتيه
له ليصبح صحفياً ناجحاً.. وقناة تلفزيونيه
واسعة الإنتشار...ودار إذاعه ...وهيئة اركان عسكريه... ومحللاً سياسياَ , ففاض القدر
بما فيه .. فهذا يلعن ذاك وعلى شفتيه عبارة فندق خمس نجوم تهمة لاتنتهي رمزاً للترف
... وهذا يشتم وعبارة سرقة الملايين وعلى شفتيه
قيمتها مفصلاً مقدارها حتى آخر سنت
دليلاً لدقة معلوماته! مدعما حجته بذكر رقم
حساب المتهم ومكانه في الباهاما.. وآخر يشكك بوطنية من لايحبه معتبراً إياه عميلاً
موسادياً خطيراَ ملوحاً بإظهار الوثائق التي تدينه ورابع يُخوّن ...وخامس...وسادس...وصارت الأمور شوربه
...فزهد الكثير ممن يتمتعون يشخصية قياديه
بإحتلال هذا المركز والذي بدونه تبقى الثوره أي ثوره حركة مبتوره وعرجاء وهو ما يحاول
النظام اللعب عليه..ولقد إستفاد النظام من هذه الحاله فأدخل عناصره في هذه اللعبه وبدأ
بطبخ الفتن تحت مسمى الوطنيه والثوريه فزاد عامل فقدان الثقه بين افراد المجتمع بينما
كان هؤلاء الكَتَبه يشعرون بالغبطه وهم يحصدون مئات اللايكات وإشارات الإعجاب على مقالات
الفتن .
أعزائي القراء
معظم الثورات العالميه تبدأ بالإلتفاف
حول الشخصيه الكاريزميه المحركه ثم يُضبط إيقاع الثوره على هدي إرشادات وتعليمات هذه
الشخصيه القياديه..تاريخنا الإسلامي حافل بالشخصيات القياديه وخلفاءنا الراشدين كانوا
في مقدمة هذه القيادات ولنتعمق في التاريخ اكثر لنجد صلاح الدين كان شخصية قياديه وحد
القلوب اولاً ثم السيوف ثانياً وبعدها قاد
الأمة الى النصر.. طارق بن زياد شخصية قياديه حدّد الهدف واغلق ابواب التردد وقاد جيشه
الى النصر...المعتصم شخصية قياديه الغي كل التمائم وإسترجع شرف الأمه مستجيباً لصرخة
عربيه حره وبالتاريخ الحديث نجد شكري القوتلي وهاشم الأتاسي وصحبهما كانوا شخصيات قياديه
فحققوا إستقلال الوطن ...الثوره الجزائريه في الخمسينات قادها شخصيات قياديه ثم حقق
رجالها الإنتصار. .الجنرال ديغول قاد حرب العصابات ضد الإحتلال الألماني في الحرب الثانيه
وهو شخصية قياديه ..هوتشي منه الفيتنامي في ستينات القرن الماضي كان شخصية قياديه إلتف
حوله الفيتناميون لتحقيق الإنتصار ضد الفرنسيين والأمريكان.. مانديلا الجنوب افريقي شخصية قياديه.. ...والأمثله لاتعد ولاتحصى..
اعزائي القراء
الشخصية الكاريزميه ليست صفه زرعها
الله سبحانه وتعالى في الإنسان فقط بل تتعدى
هذه الصفه لسائر مخلوقاته..فالطيور في السماء
تشكل سهماً في طيرانها رأسه طيٌر قيادي..والنحل في مملكته يقود اسرابه ملكة قياديه...
والنمل في سيره وتعرجه تترأس رتله نملة قياديه.... فهل عجز الثلاث وعشرون مليون سوري عن إيجاد هذه الشخصيه!!؟؟...
الوطنيون موجودون.. والسياسيون موجودون..
والبلاغيون موجودون.. واذكياؤنا الذين يتعاملون
بكل حكمه مع كل اطياف الشعب السوري موجودون...فلماذا مازلنا مقصرين؟
إخوتي وأخواتي
هناك حقيقه ساطعه يجب ان نعرفها جميعاً
هي: إذا كنا نريد إنتصاراً لايشوبه فوضى او تأخير فإنسوا كل إنتماءاتكم وليتوقف كَتَبة التحريض على مراكز التواصل الإجتماعي
عن كتابة ارائهم السديده! او ليأخذوا إجازة .ثم ليجتمع بعدها كل حكماء الوطن ليس فقط
من اولئك الذين يتبادلون المراكز السياسيه وليلتقوا بقلوب مفتوحه وليختاروا لنا شخصية
قياديه تعبر عن كاريزما الثوره... وبذلك نكون قد إختصرنا معاناتنا وقصّرنا طريقنا الى النصر .
مع تحياتي
المهندس هشام نجار
المنسق العام للهيئه السوريه للإعمار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق