تزوج رجل من امرأة وأنجبت له خمسة من الأولاد دفعة واحدة واختار كل واحد منهم بعد سن الشباب مكاناً يأوي إليه ويعيش فيه , فاستهوى الأول حياة الجبال , والثاني بجانب البحر والثالث عند أطراف الوديان , والرابع كان السهل من طبيعته . والخامس لم يستهويه أي مكان فقد كان يعتريه القلق والضجر والملل , فكان يتنقل بين الأماكن التي يقطن فيها إخوانه , وحتى تكون الفائدة له أعم وأشمل اختار لمسيرة حياته طريقاً يكون فيها هو الرابح الأكبر من الجميع , فكان ضعف جسده وانعدام الهمة في داخله جره ذلك لعمل يتناسب جيداً مع أعمال الشيطان, لذلك اختار جلد الشيطان عن جلد الإنسان وسلك طريق الفتنة وتسويقها , فهو الضعيف بين أشقائه ولكنه الأقوى بين الجميع بمكره ودهائه
رسم الأب للأخوة حدوداً جغرافية يعيشون عليها ,
ورسم لهم حدودها واختار لها اسماً محبباً لدى الجميع , ومع مرور السنين وتكاثر
الأجيال والتبادل الثقافي والفكري والعقدي , كان من المفترض أن يكون هناك سلطة
تدير شئون المجتمع المتنامي في ذلك الحيز الجغرافي الجميل
بدأت
الحياة الاجتماعية المتنامية في هذه المنطقة الجغرافية قوية بتنظيمها عادلة
بحكامها والسلطة التي تدير شئونها , ولكن نسل الشيطان غاب تأثيره عن المشهد عندما
وجد القوة والعدل والأمان يقفون في طريقه سداً منيعا , واختفى فعله المباشر ليستمر فعله الخفي للوصول
لهدفه الذي بُني عليه نسله
كانت تربط السلطة بالمحكومين المنظومات الأخلاقية
العالية والتي يتمتع بها أي مجتمع ناشئ
حديث , وفي نفس الوقت المصلحة والمنفعة المتبادلة بين السلطة والشعب فهي كعلاقة
الوالد مع ابنه , فالشعب هو الذي يوجد
السلطة وليست السلطة هي التي توجد الشعب
وعندما دب الفساد في السلطة وتحولت من العدل إلى
الظلم ومن الحماية للوطن إلى ناهبي الوطن ناهبي خيراته وسافكي دماء أبنائه , بدأ
الصراع بين الأخوة وتحول رابط الدم والقربى ورابط الجغرافيا , إلى صراع يديره نسل
الشيطان فقد جاء دور تأثيره وأصبح يتحكم بكل شاردة ووارد ة, والبقية عبارة عن دمى
يحركها كيف يشاء وفي أي وقت يشاء , والمغانم تصب فقط في جيوب الأبالسة وهم بعيدون
عن كل أذى والبقية كل ماعندهم مباح بينهم وبين فرقائهم وبين الآخرين , ولا توجد
أية ضوابط أخلاقية , ولا ضوابط سلطوية , وإنما الضوابط يتحكم فيها نسل إبليس الذي
بنى كيانه منظماً يعمل في الظلام عندما تكون القوة أكبر من مكره , ويظهر للعلن
عندما تصبح القوة المضادة في الحضيض
أمام تلك الفوضى والتهجير والقتل والظلم والتدمير
ونسل الشيطان يضحك , ويُسعّر النار كلما وجد فيها ضعفاً لتأكل أكثر وأكثر من دماء
وأموال الأبرياء , كان لابد من منقذ ولا بد
من وجود صوت أولي يتبعه أصوات للتحول من الواقع المؤلم إلى الخلاص من
الواقع المدمر لكل شيء
فلا يمكن للحرب أن تنهي النزاع بين الأطراف وانتصار
فريق على فريق آخر يعقبه تفتت في رؤى الفريق المنتصر وتربص دائم للفريق المنهزم
للانقضاض على خصمه في أي فرصة سانحة لذلك
فكان من
العاقلين والوازنين للأمور بميزان أخلاقي
,أن تخرج من قلب هذا الزحام ثورة سلمية
فالجميع يقتل والدم يسفك والأعراض والأموال تستباح
, ونسل الشيطان يضحك وهو المستفيد الوحيد
وبدأ العمل في الدعوة لاجتماع مختار الجبل والسهل
والوادي والبحر , واستجاب الأربعة لحضور الاجتماع واتفقوا على السلام ووضع السلاح
جانباً وعودة المهجرين وحرق الأرض من تحت كل من يحمل سلاحاً لقتل الآخرين , فعندما
ينتفي المكان , سينتفي معه السلاح
وبكت طهران
وانتحبت إسرائيل وأمريكا وروسيا وأوروبا حائرة بين البكاء والعويل والصمت
الفظيع
والفرح والسرور عم على الشعب في الإقليم
وإبليس وأعوانه يستغيثون ولكن لن تجد لهم من مغيث ولا
معين!!.
د.عبدالغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق