تنفس العالم
العربي الصعداء عندما تمّ الإعلان من المخلوع حسني مبارك عن تنازله للسلطة ،
ولاسيما الشعب السوري الذي أيد هذه الثورة ، وتتطلع من خلالها لثورته الأعظم ، التي إن لم يكن لها من المحاسن إلا كشف
الأقنعة عن الوجوه القبيحة المختبئة وراء الشعارات الزائفة لكفاها فخراً ، فكيف وهي تواجه عدوا سفاحاً رعديداً
مُمثلاً بالمجرم بشار وأسرته القذرة الملوثة أياديها بدماء السوريين والفلسطينين
والعرب على مدار أربعين عاماً ، ومن معهم من العصابات ، وتواجه مشروعاً فارسياً
أوقفوه لفرسنة المنطقة والسيطرة عليها ، لإقامة امبراطوريتهم عليها وتواجه
احتلالاً روسياً غاشماً ، اخذ على عاتقه رعاية الحثالات الأسدية والدفاع عنها ،
لأنها من شكلها ، ومرتبطة معها بعقود مافاوية وتجارة مُحرمة ، وأعمال مشبوهة ، عدا
عما تتناوله من رشاوي ايرانية وأتاوات ، وما تمّ نهبه من الخزينة والمُدخرات
السورية تُقدر ب 20 مليار دولار
وقد رأينا في السابق كيف لهذه الوجوه القومجية والاسلامنجية النتنة وهي تؤيد هذه السلطة الغاشمة تحت دعاوي الممانعة والمقاومة ، وإذا بالمقاومة لم تكن إلا على الشعب السوري وقتل الفلسطينيين ، والممانعة لم تكن إلا التدمير الشامل لسورية خدمة لبني صفيون وصهيون ولكن السؤال الأهم هو الرأي حول الثورات العربية لما يدور في سورية ؟
لربما يكون الجواب صعباً ، وبكل الأحوال هو غير مُرضي ، ومعظم تلك الدول هي بعيدة عن سورية ، ولربما ليست ذات تأثير كما هو الحال لمصر ، التي تأملنا فيها الخير الكبير ، ونقولها بصراحة ، وعلى مدار السنة والنصف الأولى كُنّا كسوريين نعمل بمفردنا ، ويُساندنا الرأي العام المصري والتأييد الشعبي ، إلى أن تدخلت الجمعيات والهيئات الشعبية بتحمل مسؤولياتها في عمليات الإغاثة للاجيئين السوريين الى مصر شاكرين لهم جهدهم الطيب والمحمود
وكنا في السابق قد التقينا كمجموعات عمل مع معظم القوى السياسية ، وكانوا بمعظمهم المطلق مؤيد للثورة السورية إلا بعض القومجيين الجهلة الذين لايُجيدون بشيء إلا بالخطابات الفارغة والتحدث بأمور خارجة عن الزمان والمكان ، وصارت حديثهم الخشبي المُحنط مما عابه الناس وقرفوا منه ، وهؤلاء لم يكن يعنينا أمرهم ، فلقد جربناهم في عهود حكمهم ، وكيف كانت الديمقراطيات والحريات على أوجها بأقبية المخابرات ، وما أتت تلك الأنظمة إلا بحثالات كجراثيم آل الأسد ، والجرذان القذافيون ، ولكن ما يعنينا هو كل تلك القوى الوطنية المصرية الإسلامية منها والمدنية ، التي لم تُقدم الى الآن شيء للشعب السوري يُذكر سوى وعود وأماني ، بسبب خلافاتها وتشاحناتها ، وهي بالتالي لم تُقدم المطلوب للشعب المصري ، مما دفعني أن أتوجه اليوم وباسم الشعب السوري العظيم لتهنئة أهلنا في مصر بثورتهم المجيدة ، وأن نتمنى على كل القوى السياسية والهيئات المصرية أن تسعى إلى وحدة الصف وتقارب وجهات النظر ، وذلك عبر تفهم مخاوف الأطراف جميعها والعمل على بث الطمأنينة وزرع الثقة وليس عبر المراهنات أو الاستقواءات التي لاتأتي بخير لا على الوطن ولا المواطنين، أو تجاهل الواقع والمحيط هذا كله يصب في خانة إضعاف مصر ، ناهيك عن سمعة مصر ومسؤوليتها الأدبية والأخلاقية والتاريخية لما يجري في سورية
المسؤولية الأدبية والأخلاقية والتاريخية وحتى الدينية لما يجري في سورية هذا ليس قولي ، بل كان قول كل القوى السياسية والدينية التي التقيناها منذ سنة ونصف تقريباً ، بدءاً بمشيخة الأزهر وإمامها الأكبر إلى نوّاب البابا شنّودة الراحل ، وماجاء على لسان الأحزاب وكل القوى الثورية من الوفد الى الإخوان فالنور إلى الغد وأكثر من خمسين حزب ،وآخرها ماكُنا قد انتزعناه من تواقيع من تكتل الأحزاب قبل الانتخابات لترفع للمجلس العسكري الحاكم آنذاك الذي حملته مسؤولية التقاعس ، وعدم التماشي مع متطلبات الشعب المصري في نُصرة الشعب السوري ، واليوم نجد الحكومة والمعارضة تقع في نفس المطب ، إذ صار الملف متجاهلاً ، وهم يخوضون صراعاً مريراً على السلطة في محاولة لكسر الإرادات ، وهذا أكبر خطأ ، نتج عنه ضياع ثمرة الثورة في التنمية والتطور وترسيخ القيم الديمقراطية ، ونتج عنه خيبة أمل شعبية مصرية في دعم الشعب السوري الذي تربطه علاقات وثيقة وصلة أرحام وبُعد استراتيجي مع مصر ، فهل تعود تلك القوى الى رشدها ؟ وهل تكون هذه المناسبة فرصة لإعادة اللحمة بدل زيادة التفرقة ؟ وهل يكون هناك حوار وطني هادئ تتفهم كل القوى مخاوف ومتطلبات الآخر ؟ وهل هناك من صيغة توافقية تكن مُرضية للجميع ؟ فإن كان وارد الحدوث فهذا هو الرجاء ، والجميع سيكون رابح ، والوطن المصري سيكون الرابح الأكبر ، والثورة السورية ستستفيد ، وعلاقات الثورتين ستتحسن على غير وضعها اليوم المتأزم بسبب إدارة الظهر من الثورة المصرية حكومة ومعارضة للوقائع ، ظنا منهم أن ذلك يُمثل موقفا سياسيا ، حتى وصل الأمر بالبعض تخليه عن المطالبة بتنحي بشار بينما العالم كله لم يعد يجد هذا المعتوه وعصاباته على الخريطة وإنّ ثورة شعبنا السوري هي الأعظم ، وسيخذل الله من خذلها ، ويُعز من عزّها ، وإنها لكلمات سأُسال عنها يوم القيامة ، والله أكبر والنصر لشعبنا السوري العظيم
مؤمن محمد نديم كويفاتيه mnq62@hotmail.com ، كاتب وباحث معارض سوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق