الشام
المباركة, شام الرسول, شام كل مؤمن
الشام : هي أرض أكثر الأنبياء،
وهي مهاجر إبراهيم، وموطن عيسى وفيها ينزل آخر الزمان ومهلك الدجال فيها، هي أرض
الاسراء والمعراج، وفيها اجتمع الأنبياء خلف النبي في بيت المقدس أولى القبلتين
وثالث الحرمين، وهي أرض المحشر والمنشر والحساب، وهي ملاذ المؤمنين، وعلى أرضها
رفات عشرة آلاف صحابي، هي أرض الرباط الى قيام الساعة وعلى أرضها تدور الملحمة
الكبرى في آخر الزمان وينتصر المؤمنين على المتكالبين عليها من روم وعجم.
هي شام رسول الله: حيث أجمع أهل العلم أنه لم ترد نصوص شرعية في فضل بلد من
البلدان بعد مكة والمدينة كما وردت في فضل الشام وأهل الشام.
وهي شام الصحابة: فهناك عشرة آلاف صحابي اتبعواهدي ونصيحة الرسول باللجوء
الى الشام عند الفتن وفيها عاشوا وفيها دفنوا وفيها يعيش نسلهم .
وهي شام السلف :يقول عطاء الخرساني: بدا لي أن أهاجر الى بلد فسألت
علماء مكة وعلماء المدينة والبصرة والكوفة فأجمعوا أن أهاجر الى الشام.
وهي شام كل مؤمن : كل من لجأ اليها واستوطنها من المؤمنين أصبح واحد من
أهلها الذين ذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم في فضل الشام
وأهل الشام :هم من دعا لهم رسول الله بالبركة ، وهم من أشاد بهم
لنيلهم الكرامة الإلهية, وهم من ينتقم الله بهم ويسلطهم على من يشاء من عباده . وهم
ميزان لصلاح الأمة أو فسادها فان صلحوا صلح سائر المسلمين وان فسدوا فسد سائرهم،وهم
من أشد الناس بلاء بعد الأنبياء ،هم أهل الرباط والجهاد ما داموا فيها الى آخر
الزمان .
فقد ورد ذكر
الشام وبركتها آيات تدل على خصوصية تلك البقعة من الأرض:
وعن ذكر المسجد الاقصى و ما
حوله :
{ سبحان من أسرى بعبده
ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله}
الاسراء"1"
وعن ذكر سيدنا ابراهيم
{ونجيناه ولوطاً الى الارض التي باركنا فيها للعالمين } الأنبياء 71"
1. وعن قول موسى
{يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم , ولا ترتدوا على أدباركم
فتنقلبوا خاسرين } المائدة "21
وعن ذكر المؤمنين من بني
اسرائيل {وأورثنا القوم الذين كان يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التي باركنا
فيها }الاعراف"137"
وعن ذكر النبي سليمان
{ولسليمان الريح عاصفةً تجري بأمره الى الارض التي باركنا فيها } الانبياء
"81"
وعن ذكرسيدنا عيسى عليه
السلام {وجعلنا ابن مريم وأمه آية،وأويناهما الى ربوة ذات قرار ومعين }
المؤمنون "50"
وذكر أرض الشام {والتين
والزيتون وطور سنين، وهذا البلد الأمين } التين
وعن ذكر قوم سبأ {وجعلنا
بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرةً،وقدرنا فيها السير، سيروا
فيها ليال وأيام آمنين }سبأ "18"
وما ورد من
أحاديث الرسول في فضل بلاد الشام
حديث يوضح أن عمود الكتاب
والإسلام سيكون بالشام ، وتمام دين الله وظهوره سيكون فيها.
"رأيت ليلة أسريَّ بي
عموداً أبيضا كأنه لؤلؤة تحمله الملائكة ، قلت: ما تحملون ؟ قالوا : عمود الاسلام
أُمرنا أن نضعه بالشام"."وبينما أنا نائم رأيت عمود الكتاب اختلص من تحت
وسادتي ،فأتبعته نظري فإذا هو نور ساطع بين يدي حتى وضع بالشام ،ألا ان الايمان
اذا وقعت الفتن بالشام "
"ان الله تكفل لي
بالشام وأهله"
وينصح رسول الله صلى الله
عليه وسلم أصحابه والمؤمنين من بعدهم أن يختاروا في جهادهم أرض الشام وان ينضموا
الى الفئة المنصورة من جنده
اذ يقول الرسول صلى الله
عليه وسلم :" ستجدون أجناداً، جنداً في الشام ، وجنداً في العراق ،وجنداً في
اليمن . قال عبد الله بن حوالة : فقلت:خر لي ، قال : عليك بالشام ، فإذا ابيت
فعليك باليمن واستقي من غدرهم ، فان الله قد تكفل لي بالشام وأهله "
وقال صلى الله عليه وسلم
" ستكون فتن قالوا:ماذا تآمرنا ؟ قال:عليكم بالشام
وقال صلى الله عليه وسلم
:"عقر دارُ المؤمنين بالشام "
وقال عنهم صلى الله عليه
وسلم إنهم الطائفة المنصورة وهم الطائفة الناجية بإذن الله : "لا تزال طائفة
من أمتي ظاهرين على الحق ،لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم "
"لا تزال طائفة من
أمتي على الحق ظاهرين ولعدوهم غالبين ، قال حتى يأتي امر الله وهم على ذلك، قيل
اين هم يا رسول الله ، قال: هم بالشام "
وأوضح النبي صلى الله عليه
وسلم أن أهل الشام في رباط الى اخر الزمان قال :" إن أهل الشام وأزواجهم وذراريهم
وعبيدهم وإيمائهم إلى منتهى الجزيرة مرابطون ، فمن نزل مدينة أو قرية من المدائن
والقرى فهو في رباط ،أو ثغر من الثغور فهو في جهاد " .
و مدح حبيب الله صلى الله
عليه وسلم الشام وأهلها إذ يقول: "يا طوبى للشام ’ يا طوبى للشام, يا طوبى
للشام، قيل لما يا رسول الله ؟ قال : تلك ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها على الشام
"وفي حديث "على أهل الشام "
و دعا لهم بالبركة
"اللهم بارك لنا في شامنا "مرتين
وبين المصطفى صلى الله
عليه وسلم أن أهلها هم سوط الله في الأرض :"أهل الشام سوط الله في الأرض
ينتقم بهم ممن يشاء ، كيف يشاء ، وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم ، ولن
يموتوا [المنافقين] إلا هماً أو غيظاً أو حزناً".
وأوضح الرسول أن أهل الشام
من المؤمنين هم ميزان لصلاح الامة او فسادها
"إذا فسد أهل الشام
فلا خير فيكم ، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة
"
وذكر الرسول صلى الله عليه
وسلم أن الشام : هي أرض الملحمة الكبرى ، وفيها ينزل عيسى عليه السلام آخر الزمان
في دمشق ، وفيها يقتل الدجال عند باب لُد . وفيها يحشر الناس ، وفيها ينشر الناس ،
وفيها يقوم الحساب ، فهي أرض المحشر والمنشر والحساب
"يوم الملحمة الكبرى ،
فسطاط المسلمين بأرض يقال لها : الغوطة ، فيها مدينة يقال لها دمشق خير منازل
المسلمين يومئذ"
"ينزل عيس بن مريم
عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق "مسلم
"ستخرج نارٌ قبل يوم
القيامة من بحر حضرموت تحشر الناس قالوا فبما تأمرننا يا رسول الله ؟ قال :عليكم
بالشام " فيهاجر آخر الزمان خيار الناس طوعاً،وشرار الناس كرهاً.
"قال:الشام أرض
المحشر والمنشر "أحمد والطبراني
قال ابن تيمية:والنبي صلى
الله عليه وسلم ميزأهل الشام بالقيام بأمر الله دائما إلى آخر الدهر , وبأن
الطائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدهر فهو إخبار عن أمر دائم مستمر فيهم مع الكثرة
والقوة ، وهذا الوصف ليس لغير أهل الشام من أرض الإسلام ،فإن الحجاز التي هي أصل الإيمان
نقص في آخر الزمان منها العلم والإيمان والنصر والجهاد وكذلك اليمن والعراق
والمشرق . وأما الشام فلم يزل فيها العلم والإيمان ومن يقاتل عليه منصوراً مؤيداً
في كل وقت"مجموع الفتاوى [4/449]
نداء للمؤمنين
في كل مكان
يخوض أهل الشام هذه الأيام
ملحمة كبرى ونظنها ملحمة العصر ولم يُرى مثلها منذ الغزو الصليبي والتتري , وأرى
أن أهل الشام في هذه الملحمة لا بواكي لهم إلا القليل من المؤمنين.
لقد اجتمع على أهل الشام شرار
العالم بأسره وكانوا بين عدو ظاهر وخفي أما الظاهر فيتكون من حكام مجرمين نصيرين
ومن خلفهم حاقدين مجوس وصليبين روس وملاحدة صينيين ومنافقين منتفعين ، وأما العدو
الخفي فهو يدعي الإنسانية والحرية وفي حقيقته أنه ألد الخصام وأشد وأنكى من العدو
الأول وجميعهم على اتفاق على تدمير وإبادة بلاد الشام وأهلها من المؤمنين .
ولذا نرى أهل الشام يشكون
بثهم وحزنهم إلى الله وحده وشعارهم"يا الله مالنا غيرك يا الله"
ولكنهم في جهادهم من أجل
الحرية والكرامة نراهم مقبلين غير مدبرين ويرجون أن يكونوا ممن أشار اليهم الرسول
صلى الله عليه وسلم أنهم هم الفئة المنصورة , ونراهم في اندفاعهم ودفاعهم عن حقهم
وكرامتهم وأرضهم وعرضهم، لسان حالهم يقول للعدو الظاهر منه والخفي , نحن من أشار إلينا
رسول الله بقوله :" لا يضرهم من خذلهم " ونحن المنصورون إن شاء الله جزمنا لا تعليقاً.
أهل الشام نراهم يعانون
أشد أنواع المعانة من قتل وتعذيب واعتقال وحصار وتهجير وتجويع، برد ومرض وفقر
وبالغ الجراح والإعاقة وقلة المال والسلاح للدفاع عن النفس, ويمنعون المدد من
المحسنين القلائل من المؤمنين ,ولا مغيث لهم إلا الله ,لكنهم صابرون ومرابطون
مجاهدون أذهلوا العالم أجمع رغم تآمره
عليهم بما احرزوه من إنتصارات تلو الإنتصارات .
الفاجعة الكبرى ليست مصاب أهل
الشام مع عظم ماحل بهم من كوارث , ولكن الفاجعة هو مصاب المسلمين بأنفسهم ‘ يعلمون
ما يعلمون في وجوب النصرة والدفاع عن الإسلام وأهله وعن عقيدة الإسلام في الولاء و
البراء فأهملوا أرض الأنبياء وباعوها بثمن بخس لأعداء الله الذين تكالبوا عليها من المشرق والمغرب .
ويلٌ للمسلمين إن تركوا أهل
الشام ينهشهم وحوش البشر ‘وكأني أرى رسول الله يدعو للمرابطين من أهل الشام ويقول
:"اللهم أن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام
لا تُعبد في الأرض وكيف لا وقد أخبرنا المعصوم صلى الله عليه وسلم أن أهل
الشام هم الميزان الذي يعرف به صلاح الأمة أو فسادها إذ يقول"إذا فسد أهل
الشام فلا خير فيكم " فهل من مدكر؟
هل قام المسلمون بحق الله
وحق دينه وحق سنته وإتباعه صلى الله عليه وسلم قياما كافيا ؟
هل قام المسلمون بنصرة إخوانهم
في الشام الذين أحاط بهم أهل الشر في العالم أجمع إحاطة الموج بالغريق ؟
إن مفسدة انكسار جند الشام
في هذه الملحمة العظمى لا تدانيه أي مفسدة أُخرى تمس الدين والدنيا
الشام وأهلها مازالوا على
مدار التاريخ هم زينة الإسلام وأهله ، وحصن الإيمان وجنده ويكفى قول النبي صلى الله
عليه وسلم " كن مع جند الشام ، إن الله تكفل لي بالشام وأهله"،فأروا
الله من أنفسكم خيراً أيها المسلمون .
الدكتور جمال تركاوي
26 /01/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق