يقارن المفكر العربي الدكتور زكي نجيب محمود في كتابه (كوميديا فكرية ) قصة علاء الدين والفانوس السحري , ويرى من خلال هذه القصة مدلولات متعددة , أهمها أن الانسان يميل بطبعه إلى البناء والهدم , فيهدم هنا ثم يبني شيئاً آخر في نفس المكان . يقابل ذلك حكاية شعبية صينية , في أن الملك ركب مع مخترع جسماً طائراً استقله مع الملك وعلا في رحلة إلى الفضاء , وبعد عودتهما إلى الأرض , أمر الملك بتدمير الآلة , ومنع صانع الآلة من التفكير بعدها في بناء أية آلة أخرى .
فعلاء الدين كان هدفه
التغيير , والخروج عن المألوف , بينما كان الهدف الذي يقابله لملك الصين رفض كل تطور , وعدم خروج الناس عن
عاداتهم التي عاشوا عليها قروناً متعددة .
فلو أسقطنا ماستخلصه
فيلسوفنا الكبير رحمه الله , على الثورة السورية نستطيع من خلال هذا الاسقاط أن
نجد تيارين رئيسيين , هما تيار الثورة والتي تسعى جاهدة لهدم الفساد بكافة أشكاله
, وبناء نظام جديد , يبقى منه مايصلح ويحقق رغبات المجتمع , ويهدم مافسد منه ليقام
مكانه مايصلح لرغبات الامة وتطلعاتها , فعلاء الدين كان يبني بمصباحه السحري بما
يحقق رغباته , ومن ثم يهدم مابناه إن وجد أن الرغبة في وجوده قد اختفت من داخله .
فالانسان بطبعه يميل
للبناء , ويميل للهدم , رغبات كامنة في داخله فطرية في تكوينه , يميل للفرح
أحياناً , وفي أو قات أخرى يحب أن يختلي بنفسه وقد يبكي أو يعيش بحزن يصطنعه , فقد
يكون وقتياً أو يتلبسه ليصبح في كآبة دائمة , كالحال الذي استعاد عليه مواطننا
العربي منذ قرون عديدة .
ولكن صرخة هبت من تونس من
خلال جسم يحترق رافضة الواقع المشين التي تحياه شعوبنا , استنهضت الملايين من
حولها وعلى مساحات شاسعة من العالم , رافضة شعار ملك الصين ومتبنية شعار علاء
الدين .
لننظر إلى المواقف والتي
لاتريد التغيير :
أولاً: الموقف الأمريكي
والأوروبي تتسم مواقفهم دائماً بمواقف حركية ليست ثابتة وتكون هادئة, وعندما
يشعرون بميلان الكفة لجانب ما ...يميلون مع الأقوى .
ثانياً :الموقف الروسي
والصيني , يراهنان دائماً على بقاء النمط القديم , وقد يصلان باللحظة الأخيرة أو
لايصلان أبداً , لذلك نجد كيف يبرران القتل والتدمير وارتكاب الجرائم ضد الانسانية
, ففاقد الشيء لايمكن أن يعطيه أبداً .
ثالثاً : مواقف الدول
الأخرى تتبع كلا الفريقين أعلاه
رابعاً : الموقف الايراني
ومن يمثلهم في المنطقة العربية كالمالكي وحسن نصر الله , فأينما تميل كفة الطائفية
تراهم بها وحولها ومنها , وسببها المباشر وغير المباشر في النزاعات الطائفية ,
وإيران وتوابعها هم نار الطائفية التي تندلع في أي مكان في عالمنا العربي
والاسلامي .
فإيران ونظام الأسد وحزب
الله , أكثر الناس والملل والتي تقتل باسم الطائفية , وفي عصرنا الحديث ملايين
أزهقت أرواحها باسم التعصب المذهبي ضد المسلمين السنة , كما حدث ويحدث في العراق
وفي إيران ولبنان وسوريا, ثم نسمع كلام المأفون في لبنان حسن الشيطان يحذر من
التقسيم والاقتتال الطائفي وهو المحرك الفعلي لها في لبنان والعراق وسوريا , وكل
عناصره التي تقتل في سوريا دفاعاً عن الطائفة يقول إنها عمليات جهادية , ويحذر من
التقسيم وهو الذي يسعى للتقسيم مع بشار الأسد بيديه ورجليه وأسنانه .
الغرب متخوف على الأقليات
كما يدعي , ويطيل أمد الثورة , فهو يمسك العصا من المنتصف , ويخشى التغيير , ولكن
التغيير واقعاً لامحالة ويراه في عينيه, فلا بد من اطالة أمد الثورة لعل الثوار
يصلون لدرجة يكون فيها الحوار هو الطريق والقاسم المشترك الوحيد , ويكون محصلة ذلك
عدم التغيير .
وكل الدول المؤثرة لاتريد
التغيير , لذلك يضعون العراقيل المستقبلية في طريق الثورة , وعلى رأس هذه العراقيل
والمدعين ستكون مهلكة في المستقبل هو الفوضى , وخلو البديل المناسب والحروب
الطائفية والعقدية والمذهبية .
إن مقتل وجرح مئات الآلاف
من السوريين , والمرتكبة باسم الطائفية المدعومة من الطائفيين الفرس ومن والاهم
والروس وغيرهم , فالقتل والتدمير بحقِ طائفة تمتلك الأغلبية من الشعب السوري , فلو
أبيدت هذه الطائفة كلها , أو عندما تصبح أقلية في سوريا , عندها قد نسمع صوتاً
يخاف عليها لأنها أقلية , بينما الواقع يشير كله على أن الطائفية ليست من فكر
الأكثرية أبداً وإنما يملك الحقد الطائفي هم الأقلية فقط , كما نجد جلياً وواضحاً
في سوريا .
إن المناطق المحررة من
سوريا لايوجد فيها فوضى , وإن الفوضى الحقيقية هي من صنع عصابات السلطة , وبالتالي
كل دعوة تنطلق بالخشية من الفوضى أو الصراع الطائفي بعد سقوط النظام , إن هي إلا شماعات
يتوارى بها المجتمع الدولي لمحاربة التطور والتقدم وهدم القديم الآسن ليحل محله
بناء جديد يضم الانسان الواعي والساعي إلى أن يثبت للجميع أننا نساوي الأمم الخيرة
أينما وجدت وقد نتفوق عليها .
د.عبدالغني
حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق