لن أقصد هنا الاعلام بشتى أنواعه فقط , وإنما سيدور الحديث عن ماتتعرض له الثورة السورية من حملات مضادة لها , ليحل محل التفاؤل وزيادة الثقة بالنصر على المجرمين, انخفاض المعنويات والتحول لدرجة اليأس , من أن انتصار الثوار على النظام المجرم بات أمراً مستحيلاً لا سمح الله .
فإيران قالت إن بشار الأسد
خط أحمر , وروسيا تقول أنه لايمكن اسقاط المجرم , وملك الاردن الملك عبدالله يؤكد
أن نظام بشار مازال قوياً وبعيداً عن الانهيار
والمعتدلون يقولون إن هذا
النظام المجرم على شفا الانهيار
والثوار يؤكدون على تحقيق
أهدافهم مهما بلغت التضحيات
إن التصريحات السياسية
دائماً تحمل طابع الباطنية , وقد تعتمد غالبية هذه التصريحات على الأقوال بعكس
الأفعال , والتصريحات يجب النظر إليها على أنها منطلقة من الرغبة الداخلية لصاحب
التصريح , فقد تكون أمنيات شخصية أو تمثل الأمنيات النابعة عن السعي لتحقيق أهداف الدولة التي يمثلها
صاحب التصريح .
فروسيا وإيران موقفهما من
الثورة السورية معروفاً للجميع , وحتماً ستكون التصريحات السياسية التابعة لهما
محصورة في تقوية الشعور عند النظام والرفع من معنوياته , والسعي لفعل زرع روح
الاحباط واليأس عند الثوار .
وقد ركز النظام المجرم
وأعوانه على التقليل من أهمية الثورة , وأنها غير موجودة على أرض الواقع , وإن هي
إلا حرب ضد عصابات اجرامية , تعيث في الأرض فساداً , والشاهد على ذلك عندما ترى
التصريحات السياسية من أبواق النظام ومن مجرمهم الأكبر ومنذ انطلاق الثورة قبل
عامين تقريباً , ستجدها ديباجة مكررة لاتتغير أبداً .
قد لايهم الثوار هذه
التصريحات السياسية المضادة , فهم يعرفون الوقائع المادية أكثر من غيرهم , وفي نفس
الوقت , إن اعتقد الانسان أن مايسعى إليه هو هدف يستحق السعي للوصول إليه , عندها
لن يجد صعوبة إن فقد حياته في سبيل تحقيق الهدف
عند السعي لتحقيقه , وكلما عظمت مكانة الهدف كلما كان السعي لتحقيقه يحمل
في طياته تصاعد اً ببذل الجهد الأعظم لتحقيقه , وهنا يأتي هدف الثوار والذي يحمل
في طياته الكرامة والحرية والعدالة والتخلص من الطغاة والمجرمين , والتحول بمكانة
شعب بكامله من الدرك الأسفل في الحياة إلى النهوض
والمساواة أو العلو فوق الآخرين .
ولكن الذي تتعرض له الثورة
من مؤامرات قد تبدو للبعض أنها حرصاً على الثورة من أناس كانوا معها وقد حولهم طول
الزمن لموقف القانط واليائس من الانتصار , فجعل يرمي المسئولية يميناً وشمالاً دون
أن يع حقيقة الكلمة التي يرميها وأثرها على الثورة ومصيرها .
مادب الفساد في قوم إلا
وفسادهم هذا يكون بداية الانحدار للأسفل والنهاية الحزينة التي سترافق هذا
الانحدار
إن أولى علامات الفساد هو
زعزعة الثقة المتبادلة بين الناس ,وانطلقت حملات انتزاع الثقة بين الساعين لاسقاط
النظام , في التركيز على زاوية هامة جداً , أو يعد ركناً من أركان بناء الثقة أو
من عدمها , وتركزت الحملة على اتهام الاخرين بالسرقة , وعندما كثرت الحالات
واستغلها ذوي النفوس الضعيفة , أو المندسة في الثورة أو متسلقي الثورة , لتصبح
الشغل الشاغل لغالبية الناس , ومن النادر أن تسمع حديثاً أو ذكراً لأحد الأشخاص إلا
وينعت مباشرة بالسرقة وعدم الأمانة .
لن أدافع عن الفاسدين أو
المحتالين , أو عصابات إجرامية , ولكن عندما نضع الأمور في واقعيتها وطبيعتها يسهل
علينا التعامل معها , والتكيف بواقعها ومنها يمكن تقليل خطرها والحد منها لدرجة
تصبح قليلة الأثر على مسار الحياة الثورية والاجتماعية كلها .
فلو أخذنا المعايير
الأخلاقية عند الفلاسفة القدماء , نجد أنهم يميلون إلى أن الانسان أخلاقي بطبعه ,
في حين نجد عند الأنبياء والرسل عليهم
السلام , أن الأخلاق مرتبطة بمدى خوف الانسان من الله , والفلاسفة المعاصرين مالوا
إلى القول أن الانسان شرير بطبعه , والأخلاق لاتستقيم إلا عندما يخاف الشخص من
العقاب , بينما القرآن الكريم وصف الانسان بالقول (ونفس وما سواها فألهمها فجورها
وتقواها ) .
وبالتالي عندما يغيب
القانون وتغيب المحاسبة , فلا بد أن نجد في مجتمعنا الأصناف الثلاثة : صنف تصرفاته
حيوانية مطلقة كالشبيحة والمجرمين واللصوص , وصنف ترك الجانب الأخلاقي واتبع الهوى
, وصنف ثالث مال بهواه ناحية الخير وحسن الخلق , وهم الذين يقاتلون الصنفين
الآخرين , ويشقون طريقهم بالقوة والتضحية وهم سينتصرون حتماً , فهم الفريق الأوحد
والذي اختار طريق الحق والخير .
فعلى كل عاقل مع الثورة
ومساند لها أن يدعم هذا الفريق , ويقف ضد الدعوات والتي تسعى لنزع الثقة بين
الثائرين الصادقين , وهذا لايمنع من تعرية ممن ثبت فساده ولكن يشترط معها اثبات
الدليل القاطع , فالشك يفسر دائماً لصالح المتهم .
د.عبدالغني
حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق