الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-01-31

في ذكرى مجزرة حماة وقفات وملامح – بقلم: الدكتور عامر أبو سلامة


في عام اثنين وثمانين من القرن الماضي، ارتكب نظام العصابة الطائفي، في سورية، مجزرة كبيرة، بمدينة حماة، راح ضحيتها قريباً من أربعين ألفاً من أهالي هذه المدينة، من المدنيين، شيباً وشباباً، إناثاً وذكوراً، صغاراً وكباراً، مسلمين وغير مسلمين، وهدمت المساجد، ولم تسلم الكنائس من هدمهم وتخريبهم، انتهكت الأعراض، أهينت المقدسات، خربت البيوت، نهب الناس، مثل بالشهداء.

إن أحداث حماة بمأساتها المعروفة، حفرت في ذاكرة السوريين، تاريخ هذا النظام، إذ هي أكبر بصمة، تؤشر على حقيقة هذا النظام الإجرامية، وأنه نظام دموي لا يفهم سوى لغة واحدة، في التعامل مع الأحداث والأشياء، هذه اللغة، هي لغة التخويف والإرعاب للشعب وإرهابه، وإن كل من يقف في وجه فساده وإجرامه، ولو بشطر كلمة، ليس له من هذا النظام المجرم العصابة، إلا السجن الطويل، والعذاب الأليم، والمشانق، والحرمان من الحقوق.


إن الذي دمر حماة وحرقها، هو نفسه يدمر سورية، كل سورية ويحرقها، فالنظام العصابة، هو هو، مدرسة واحدة لا ينفع معها سوى أسلوب واحد في التعامل، هو أسلوب الاستئصال والبتر، وبعد جلاء الأمر لكل ذي عينين، من أبناء هذا الشعب، قرروا( الشعب يريد إسقاط النظام)، ولا غير ذلك، وواهم من ظن يوماً، أن هذا النظام ينفع معه أسلوب آخر، إلا إذا أردنا تضييع الوقت، ومنحه مجاناً للمجرم كي يفيد منه. 

هذا النظام العصابة، الذي أقام بنيانه على أسس الطائفية، من أعلى رأسه، إلى أخمص قدميه، وفي كل مفصل من مفاصل الحياة، سياسياً وأمنياً واقتصادياً وعسكرياً، بحيث إنك، وأنت ترقب المشهد بدقة، لا يمكن أن ترى، واحداً في موقع مهم، خارج إطار البناء الطائفي لمراسم النظام، وهياكله العامة، ومفاصله الأساسية، وصنع النظام بعض الصور الديكورية، لآخرين من الذين ينتمون له، بصفة الأراذل، ممن قبلوا الفتات، ورضوا بهذه اللعبة القذرة، التي أضرت بالموقف العام، وبالصورة السطحية المنظورة، التي ربما دفع أبناء الوطن، ثمنها غالياً، في مربعات إثبات الحقيقة، لشرح الموقف الصادق في المسألة.

ورغم طائفية النظام، بالأمس، واستمراره على النهج نفسه، إلا أن شعبنا بقي ضابطاً نفسه، ماسكاً أعصابه، رافضاً أن يغطس بمستنقع الطائفية، وفعلاً أثبت هذا الشعب أصالته، وأنه كبير، لا يؤخذ بردود الأفعال، ولا يتصرف بطريقة الحمقى، علماً بأن مجزرة واحدة من مجازر هذا النظام، في أي مكان كافية أن تشعل عشرين حرب طائفية، لكنه التعالي على الجراح استعداداً( للعدالة الانتقالية) حيث لا يفلت أحد ارتكب جرماً، من العقاب العادل.

في ذكرى مأساة حماة، لا بد أن نتذكر بأن وحدة الموقف الثوري، ضرورة منهجية، وفريضة عملية، ولازم تحريري، والحذر من اختلال ميزان التوازن، في التنسيق والترتيب والتعاون، حتى لا ينطبق علينا المثل العربي المشهور( أكلت يوم أكل الثور الأسود)، فالوحدة قوة، وهي شكل من أشكال النصر، من هنا كان شعار أبناء الشعب السوري( واحد واحد واحد.......الشعب السوري واحد).

والعدو الفتنة من طبيعته، حب الفرقة، والاصطياد بالماء العكر، والانفراد بأبناء هذا الشعب، بطريقة أو بأخرى، وبلافتات مختلفة، وعناوين متعددة، ولكن هذا الأمر ما عاد يمر على أبناء شعبنا، الذي شب عن الطوق، وفهم اللعبة، واستوعب الدرس، وقد أحسن الثوار، لما جعلوا جمعة من جمعهم، تحت مسمى( عذراً حماة).
فحماة تستحق منا العذر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق