تاريخ النشر: 27 صفر 1434 هـ - 9 كانون الثاني 2013 مـ
ما يقرب من عامين والجرح السوري ينزف. والمجتمع الدولي بمؤسساته
السياسية والمدنية والإنسانية، اعتاد أن ينام وعلى وسادته قائمة بأكثر من مائة
شهيد، مطرزة دائماً بأسماء العشرات من الأطفال والنساء..
لقد أبدع المجتمع الدولي، بمؤسساته ودوله ونخبه، في إيجاد المعاذير
لقبوله باستمرار ملحمة الذبح والقتل في سورية، في أفق لانهائيّ، كما عبّر عنه
الحبر الأعظم البابا (بنديكتوس) السادس عشر منذ يومين..
يتحدّث المتقاعسون عن الوفاء بالتزاماتهم الحقوقية، تجاه حماية
المدنيين من أبناء الشعب السوري، بأنّ الوضع في سورية معقّد، وأنّ الجيوسياسية
السورية حسّاسة، وأنّهم يتخوفون في سورية من سيطرة المتطرّفين، وأنّهم قلقون على
مصير الأقلّيات، وأنّ الوضع في سورية يفتقر إلى موقف أمميّ موحّد.. فيختبئ بعضهم
خلف بعض، وأنّ المعارضة السورية ممزّقة متخلّفة، لا يمكن الوثوق بها.. كلّ هذه
التعلّات والمعاذير المنسوجة من خيوط العنكبوت، التي يحسبونها ورقة توت كافية لستر
عورة، تسمح لنا أن نطرح على هؤلاء المتقاعسين والمتخاذلين عن نصرة أبناء سورية:
وماذا عن حليب الأطفال؟. ودواء المريض؟. ورغيف خبز الجائع؟. وخيمة للجوء تصدّ
الريح والثلج والمطر؟.!.
كيف تفسرون وتبررون أمام ضمائركم وأمام شعوبكم، أن يموت ليلة أمس
طفلان سوريان، ليس بقذيفة بشار الأسد هذه المرّة، ولا على باب فرن ينشدان فيه رغيف
خبز، وإنّما في قلب مخيّم تشرف عليه منظّماتكم الدولية والإنسانية؟! كيف تفسرّون
وتبرّرون هذا الذي يعيشه أهلنا في مخيم (الزعتري)؟. أو في (البقاع)؟. أو تحت شجر
الزيتون في الجبال والسهول السورية؟.
إنّنا في جماعة الإخوان المسلمين في سورية..
نحمّل المجتمع الدوليّ، بمؤسساته السياسية والإنسانية، مسئولية
المعاناة الإنسانية التي يعيشها أهلنا في مخيّماتهم ومهاجرهم، في داخل سورية
وخارجها. نحمّلهم المسئولية الكاملة، بكلّ أبعادها السياسية والقانونية
والإنسانية..
ونعتبر كلّ الدول والحكومات والمؤسسات، التي تحول بين الأفراد
والمنظمات الإغاثية، وبين القيام بواجباتها في إغاثة الشعب السوري في الداخل
والخارج.. شريكة في الجريمة البشعة التي ينفّذها على هذا الشعب الجزار بشار الأسد،
بغطاء دوليّ لم يعُد يخفى على أحد. إذ لا يخفى وجود منظومة قوانين دولية متغطرسة
جائرة، تحول بين المحسنين من العرب والمسلمين خصوصاً وبين القيام بواجبهم.
نوجّه أنظار أبناء شعبنا في الداخل والخارج، إلى حقيقة المؤامرة
التي تشترك بها كلّ الأطراف الدولية، لاسيما الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.
فهذه المؤامرة التي لم تَعُد تخفى فصولها على أحد، والتي تتجاوز العملياتي
والسياسي، إلى الإنساني في أخصّ خصوصياته.. إنّما هي جزء من مؤامرة دولية وإقليمية
تاريخية، لا يمكن أن يتحمّل مسئوليتها أيّ فريق سوري وطني، لأنّ الكارثة التي
أنزلها بشار الأسد بشعبنا أكبر من طاقة الجميع..
نناشد شعوب أمتنا العربية والإسلامية في كلّ مكان، الوقوف مع
أهليهم في سورية، والبذل الصادق لإغاثتهم، فالعبء ثقيل، والجرح نازف، والحاجة أكبر
ممّا نتصوّر. و(سبق درهم ألف درهم). و(اتّقوا النار ولو بشقّ تمرة). ونندبهم أن
يتحرّوا أين يضعون ما يبذلون.
نعاهد أبناء شعبنا في الداخل والخارج، أن نبقى دائماً ملتحمين بهم،
أوفياء لمشروعهم، نسعى على تلبية احتياجاتهم بكلّ ما نستطيع.
((وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منكم، ليستخلفنّهم في
الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون
بي شيئا..)) (صدق الله العظيم)
26 / صفر / 1434 – 9 /
1 / 2013
زهير سالم
الناطق الرسمي باسم
جماعة الإخوان المسلمين في سورية
لاحياء لمن تنادى
ردحذف