المستقبل - السبت 5 كانون الثاني 2013 - العدد 4566 - شؤون لبنانية -
صفحة 5
بعد
أربعين يوماً على إقراره باستكبار حزبه (بحجة أن الفريق الآخر "يتكبّر
علينا")؛ أطل السيد حسن نصر الله في احتفال لـ"حزب الله" في ذكرى
أربعينية الحسين واعظاً ومطالباً نفسه!
الوعظ
في
خطابه الأول لهذا العام؛ تناسى نصر الله الوقائع ولبس ثوب الوعّاظ؛ تحدث عن
التكفيريين وهو يمدهم بإكسير الحياة بتطرفه واستكباره وتبنيه سياسة إيران
الطائفية. باع المسيحيين كلاماً عن التسامح الواجب "في أكثر من بلد عربي أو
أجنبي"، وهو الذي يحاول منذ سنوات إخضاع مسيحيي لبنان إلى سياسة ولاية
الفقيه. دعا اللبنانيين إلى الوحدة وهو في كل إطلالة يتحفهم بما يعمق الانقسام
بينهم. تذكّر النازحين وتناسى أن حزبه أوجد بيئة طاردةً لهم، حتى اضطر من يقيم
منهم في مناطق نفوذه إلى التقية خوفاً من تضييق أو اعتقال. قارب الأزمة في سوريا
من موقع الناصح المشفق على الشعب السوري متغافلاً أنه سبق واعترف بتورط حزبه في
القتال. حلّل واقع الاقتصاد وتغاضى عن أهم سبب لتراجعه؛ لأنه هو المسؤول عنه لا
سواه. ذكر أن جهوداً "تبذل لشيطنة المقاومة" ولم يذكر أن كثيراً من
أعمال حزبه هي أفعال شيطانية بالفعل... وأخيراً شكر حكومة "فريقه
السياسي" على إصدار مراسيم التنقيب عن النفط... والله يستر النفط بعدما شملته
رعايته وحمايته.
... ويطالب نفسه
وبين
الوعظة والأخرى فتح السيد نصر الله ملف المخطوفين اللبنانيين، وليته لم يفعل، لأنه
المسؤول الأول عن محنتهم، بمواقفه التي طوّقت أهل بيئته وفرضت عليهم خصومة إجبارية
مع الشعب السوري ومع الغالبية الساحقة من العرب والمسلمين من حولهم. ليس في الأمر
أي تحامل؛ فالخاطفون ابتداءً فعلوا ذلك بدعوى أن ضحاياهم ينتمون لـ "حزب الله
الذي يقتل الشعب السوري"، وهم يحتجزون اللبنانيين راهناً بدعوى استمرار الحزب
بـ "ذبح الشعب السوري"... ومع ذلك استمر نصر الله في دعمه للأسد، لدرجة
أنه وصف عتاة إجرام النظام الأسدي عند مقتلهم- بأنهم "رفاق سلاح"، وذلك
قبل أن يتبنى علناً "شهداء الواجب الجهادي" من أتباعه الذين قضوا في
سوريا. هاجم نصر الله دولاً عدة بوصفها لا تساعد على إنهاء محنة المخطوفين ولم
يذكر مرة النظام المسؤول عن محنتهم؛ ألا وهو النظام السوري، حتى عندما قصفت طائرات
هذا النظام إعزاز بقصد قتلهم وإشعال فتنة في لبنان. طالبه الخاطفون باعتذار، فتجاهل
الأمر، مع أنه ويا للمفارقة- طالب الدولة بالتفاوض المباشر مع الخاطفين، تماماً
كما تتنازل دول عظمى وتجلس مع إرهابيين كرمى لعيون مواطنيها (وفق نصر الله)، لكنه
لم يهضم هذا الكلام بحقه، إذ لا يجوز له أن يتنازل ويعتذر مقتنعاً أو غير مقتنع-
كرمى لعيون من تسبب لهم ولو أدبياً- بهذه المحنة.
ما
فعله نصر الله في ملف المخطوفين اللبنانيين في أعزاز أنه أيّد تحرك أهالي
المخطوفين بكلام يضر قضيتهم ولا ينفعها، متنصلاً من المسؤولية مرتين:
أولاً:
المسؤولية عن أساس محنتهم بعد تحميلها لـ "الدول التي تؤثر على هذه المجموعات
الخاطفة وهي تمول وتؤثر وتفتح الحدود، وهي السعودية وقطر وتركيا" (لم يذكر
النظام السوري حتى)!
ثانياً:
المسؤولية عن أداء الحكومة السيئ لهذا الملف على اعتبار أن نصر الله وفي الخطاب
إياه- تفاخر بأداء حكومة فريقه السياسي في مقاربة الأزمة السورية، إذ لو كان
"الفريق الآخر في سدة الحكومة لكان ورط البلد ليس بقتال داخلي بل بقتال مع
سوريا أيضاً". ترى من يطالب نصر الله في ملف المخطوفين إذا كان فريقه السياسي
والحزب رافعته طبعاً- في سدة الحكومة كما قال هو؟ ليس من معنى لذلك غير أن نصر
الله يطالب نفسه. يقول المثل عش رجباً (كناية عن الدهر) تر عجباً!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق