الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-02-05

الأسد وثمن الفيتو الروسي – بقلم: د. حسان الحموي


أمس تم التصويت بالفيتو الروسي الصيني ؛ لمنع تمرير قرار مجلس الأمن المتعلق بالأزمة السورية، والذي كانت تسعى الدول العربية ومن خلفها الدول الغربية وأمريكا إلى حل الموضوع السوري من خلال التغيير السلمي للسلطة ، مع بقاء بعض رموز النظام.

قبل جلسة مجلس الأمن ؛ ربما كان البعض وأنا منهم يرجح امتناع روسيا عن التصويت بعد أن أعربت عن رأيها في رفض بعض بنود القرار ، إلا أن روسيا فاجأت الجميع في اللحظات الأخير بتغير موقفها وانحداره نحو الفيتو ، بطريقة سافرة استغربتها الدول الغربية وأمريكا ، خاصة بعد أن أبدو ليونة منقطعة مع طروحات التعديل ؛ خلال الماراتون التفاوضي في مجلس الأمن ، مما استدعى التصريح بعبارات قاسية لم تكن روسيا لتقبلها لولا أنها تعرف مسبقا أن موقفها يتطلب ضبط النفس .


 أما التنين الصيني الذي كان مختبئا وراء الموقف الروسي فقد بدا غامضا منذ البداية ، و خطابه كان متلونا حمال أوجه ، يستطيع من خلاله تحويل موقفه حسب ظروف الجلسة العلنية للتصويت.

لكن السؤال الأهم هنا ما هو الثمن الذي دفعه بشار حتى تقبلت روسيا كل تلك الاهانات من قبل أعضاء مجلس الأمن جميعهم دون استثناء؟.

إن المتابع لمجريات الأحداث وما تناقلته الأنباء عن تحويل لأموال الأسد ومخلوف من دبي الى موسكو ، إضافة الى نقل جزء كبير من الاحتياطي النقدي السوري عبر الطائرات الى روسيا ، وصفقات التسلح التي أبرمتها سوريا مع حكومة ميدي يتف في الأيام الأخير ، جعل الأخيرة غير قادرة على التصرف حسب الهوى الأممي في القضية السورية .

أما الصين فهي غير متضررة لعدم وجود البديل لها على الساحة السورية ، بعد أن أوعز خامنئي لحكومة طهران بضم سورية الى الدائرة المغلقة الصينية الايرانية ، والتي تشكلت للتحايل على العقوبات الغربية تجاه ايران ، بحيث يتم تحييد الدولار عن التعاملات اليومية بين الصين وتلك الدول ، ويتم التقاص مباشرة بين النفط الايراني و السلع المصدرة من الصين ، من خلال شركة أنشأتها الصين لهذا الغرض ، بحيث تقوم الشركة بشراء كافة مستلزمات ايران من السلع في أي مكان في العالم ، ومن ثم تعمد إلى اعادة تصديرها إلى ايران .

 وبالتالي فإن الصين على جميع الأحوال غير متضررة لعدم وجود البديل الجاهز الذي يقوم بهذه المهمة في المرحلة الحالية .

ربما هذا المنطق واقعي فيما افترضنا أن هذه الدول تعمل في جو منعزل عن التأثيرات الخارجية، لأن الصين بداية عملت على تفادي الحصار الغربي على ايران من خلال استجرار النفط السعودي كبديل للنفط الايراني، وهذا الأمر الذي جعل خطاب الصين لينا وغامضا حتى اللحظة الأخيرة .

أيضا روسيا كانت تريد من مجلس الأمن تأجيل الجلسة لبعض الوقت للتمهيد لوضع تفاوضي ما مع النظام السوري ، يشكل مخرجا لها من دون التخلي عن النظام ككل ، وهذا ما ستعمل علية روسيا في الأيام القادمة من خلال زيارة لافروف و رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية اليهودي الثلاثاء القادم الى سوريا .

لأنهم يدركون أن المعارضة سوف تذهب بمشروع الجامعة العربية الى الأمم المتحدة ، وتستحصل على القرار من خارج مجلس الأمن، خاصة في ظل الاجماع المنقطع النظير والذي بدا في مجلس الأمن ، إضافة الى ذلك بروز مشروع أصدقاء سورية للعلن والذي سوف تعمل علية فرنسا في المرحلة القادمة.

إن الثمن الباهظ للفيتو الروسي والذي كلف بشار ما تبقى له من ثروة ، سوف يقوض حكمه في الأيام القادمة ، نتيجة الافلاس الحتمي لهذا النظام ، وسوف تتخلى روسيا عنه في اللحظات التي تستيقن فيها موسكو أنه لم يعد لدى الأسد ما يقدمه ثمنا للفيتو القادم.

بقي أن نقول أن المجلس الوطني مازال يعمل بطريقة غير فاعلة ، وغير ممسكة بمتغيرات الحل السوري ، وبالتالي فهو لا يمسك بأوراق الحل الأساسية ؛ ويدعمها على الأرض ؛ والمتمثلة:

-       أولا : بورقة الجيش السوري الحر ، لأنها الورقة الرابحة في ميزان العمل الدبلوماسي مع روسيا والصين ، فالاستخبارات الروسية تعلم أن مكامن السيطرة للنظام السورية بدأت تنهار شيئا فشيئا ، وأن بقاء الأسد على سدة الحكم أصبح خيارا غير وارد لا داخليا ولا خارجيا.

-      ثانيا : تعزيز حركة الانشقاقات من خلال تهيئة الظروف اللوجستية المناسبة لتحفيز العناصر الراغبة في الانشقاق عن النظام؛ بالتخلي عن موالاتها والانضمام الى الثورة ، لما لذلك من تأثير على ميزان العمل الثوري الداخلي .

إن هذان العنصران يشكلان الركيزة الأساسية لأي عمل ثوري ناجح في المرحلة القريبة القادمة.

بقي أن نتساءل : فيما إذا كان ثمن الفيتو الروسي الصيني باهظا على بشار بالدرجة التي تجعله يفقد أوراق اللعب الرئيسية في العمل السياسي القادم؟
الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق