أولا أشكر الله تعالى على نهاية المسرحية الهزلية والتي امتدت عدة أشهر , هذه المسرحية والتي اعتمدت على الحراك السياسي على المستوى الداخلي والخارجي , فعلى المستوى الداخلي من أحزاب وشخصيات معارضة , كانت تسير وراء روسيا ومعتمدة عليها في الحلول السياسية بغض النظر عن أهدافها وبعيداً عن التشكيك بأهدافها
وعندما طرحت المبادرة السياسية في
حدها الأدنى من طلبات الثورة السورية , وقفت روسيا والصين ضد التحرك السياسي هذا ,
وبالتالي كان الفيتو ضربة مزلزلة للجامعة العربية والأحزاب السياسية والشخصيات
المعارضة في الداخل , وكذلك ضربة مؤلمة وقاسية للمجلس الوطني السوري , والذي مانفك
يعتمد على المبادرات السياسية , ومعاداته للجيش الحر البطل , وعدم الاعتراف فيه أو
دعمه على الأقل مادياً ومعنوياً.
فشل مجلس الأمن اليوم هو نصر
للثورة السورية , ودعم قادم للثوار على الأرض , وكذلك له تأثير كبير وبشكل مباشر
على نفسية الثوار إيجابياً , وتكمن هذه الايجابية في الاعتماد على النفس فقط والتوكل على الله , وأنه لامفر أبداً من
الاستمرار في الثورة حتى تحقيق أهدافها الكاملة وليست المنقوصة كما في المبادرات
السياسية والتي لن تحقق إلا الجزيء البسيط من أهداف الثورة , والتي تعتمد على
الحوار والحلول الوسط , وفي النهاية تضيع أهدافها مابين التنازلات والتفاصيل , وما
بين الطامعين في مركز جديد في الدولة بعد الوصول لحل تفاوضي , كما كان معروضاً في
المبادرة العربية .
يقال في المثل الشعبي (إن حاصرت
الهر يتحول نمراً ) , وبالتالي فإن فشل الحل السياسي جعل موقف الثوار في وضع
لايمكن إلا الاستمرار في طريق الثورة حتى تحقيق أهدافها , مهما بلغت التضحيات ,
وأمثلة التاريخ كثيرة على هذا ومنها :
الأنظمة الديكتاتورية أو الشمولية
لايمكن أن تسقط إلا بطريقتين الأولى عدو خارجي يحتل البلاد ويسقط الحاكم ,
والثانية عن طريق ثورة شعبية .
والثورة السورية موجودة على كامل
بقاع الوطن السوري ولا ترضى بديلاً عن سحق العصابات الحاكمة , وفي نفس الوقت تملك
جيشاً حراً له عمق استراتيجي كبير داخل الوطن وخارجه , وبعد فشل الحل السياسي
سيكون هناك أيادي كثيرة ممتدة لدعم الثورة السورية.
إن سعي العصابات الحاكمة في سوريا
لدى حليفاتها روسيا والصين , وبعد أن تخلت الهند عن دعمها , لإماتة الحل الساسي
والمدعوم دولياً لهو غباء منقطع النظير , وهو يدل بحتمية مطلقة على أن الذي يحكم
سوريا هم مجموعة يشكلون عمقاً كبيراً في مستوى الغباء السياسي , لأنهم أهدروا فرصة
لن تتكرر بعدها لهم , وقد كانت هذه الفرصة إنقاذاً أخيراً للخروج من هذا المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه.
في مجلس
الأمن ثلاثة عشرة دولة وافقت على القرار من أصل خمسة عشر دولة , ومن ضمنها أوروبا
وأمريكا والمجموعة الإفريقية واللاتينية , ومباشرة عبر عن الموقف القادم الرئيس
الأمريكي في أنه سيدعم الشعب السوري , وكذلك الرئيس الفرنسي في الدعوة لتشكيل كتلة
دولية مهمتها الدفاع عن الشعب السوري والثورة السورية.
توجد عقدة عند هذه العصابات
الحاكمة هي عقدة الغرور , والتي تكونت عندهم عندما استطاعوا إخماد الثورة في
الثمانينات من القرن الماضي , واعتقدوا ان الحالة الراهنة هي مشابهة ولها نفس
الكيان والوضعية , وعن طريق الحل السابق يمكن القضاء على الثورة الحالية , وبعد
عشرة أشهر من محاولة اخماد الثورة عن طريق الحل الأمني والذي فشل من أول يوم ,فلجأوا
للحل العسكري , وبعد كل هذه الشراسة في الاجرام المتبع ,فالثورة تتصاعد قوتها
يوماً بعد يوم , وأرادوا من مجزرة حمص البارحة انطلاقاً من عقدتهم السابقة , أن
الشعب سيخاف وستنتهي الثورة , ولكن قابلها الشعب الحر بخروج عارم معبراً عن تحديه
وأنه مستمر بالثورة حتى النصر .
فقناعتي أن ماحصل اليوم في مجلس
الأمن أكبر دعم للثورة وليس ضدها , وهذا الشعب العظيم المتحدي لكل أنواع القمع
والمذابح لن يسكت حتى التحرير الكامل , ولنا في ثورات الشعوب ضد الاحتلال وضد
حكامها أمثلة كثيرة وتجارب واضحة , وكان آخرها الثورة الايرانية ضد الشاه والتي
فقد الايرانيون فيها مئات الآلاف حتى انتصرت ثورتهم .
د.عبدالغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق