الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-02-05

رؤى وآفاق مابعد فشل مجلس الأمن – بقلم: د. عبد الغني حمدو


 أولا أشكر الله تعالى على نهاية المسرحية الهزلية والتي امتدت عدة أشهر , هذه المسرحية والتي اعتمدت على الحراك السياسي على المستوى الداخلي والخارجي , فعلى المستوى الداخلي من أحزاب وشخصيات معارضة , كانت تسير وراء روسيا ومعتمدة عليها في الحلول السياسية بغض النظر عن أهدافها وبعيداً عن التشكيك بأهدافها

 
وعندما طرحت المبادرة السياسية في حدها الأدنى من طلبات الثورة السورية , وقفت روسيا والصين ضد التحرك السياسي هذا , وبالتالي كان الفيتو ضربة مزلزلة للجامعة العربية والأحزاب السياسية والشخصيات المعارضة في الداخل , وكذلك ضربة مؤلمة وقاسية للمجلس الوطني السوري , والذي مانفك يعتمد على المبادرات السياسية , ومعاداته للجيش الحر البطل , وعدم الاعتراف فيه أو دعمه  على الأقل مادياً ومعنوياً.

فشل مجلس الأمن اليوم هو نصر للثورة السورية , ودعم قادم للثوار على الأرض , وكذلك له تأثير كبير وبشكل مباشر على نفسية الثوار إيجابياً , وتكمن هذه الايجابية في الاعتماد على النفس فقط  والتوكل على الله , وأنه لامفر أبداً من الاستمرار في الثورة حتى تحقيق أهدافها الكاملة وليست المنقوصة كما في المبادرات السياسية والتي لن تحقق إلا الجزيء البسيط من أهداف الثورة , والتي تعتمد على الحوار والحلول الوسط , وفي النهاية تضيع أهدافها مابين التنازلات والتفاصيل , وما بين الطامعين في مركز جديد في الدولة بعد الوصول لحل تفاوضي , كما كان معروضاً في المبادرة العربية .

يقال في المثل الشعبي (إن حاصرت الهر يتحول نمراً ) , وبالتالي فإن فشل الحل السياسي جعل موقف الثوار في وضع لايمكن إلا الاستمرار في طريق الثورة حتى تحقيق أهدافها , مهما بلغت التضحيات , وأمثلة التاريخ كثيرة على هذا ومنها :

الأنظمة الديكتاتورية أو الشمولية لايمكن أن تسقط إلا بطريقتين الأولى عدو خارجي يحتل البلاد ويسقط الحاكم , والثانية عن طريق ثورة شعبية .

والثورة السورية موجودة على كامل بقاع الوطن السوري ولا ترضى بديلاً عن سحق العصابات الحاكمة , وفي نفس الوقت تملك جيشاً حراً له عمق استراتيجي كبير داخل الوطن وخارجه , وبعد فشل الحل السياسي سيكون هناك أيادي كثيرة ممتدة لدعم الثورة السورية.

إن سعي العصابات الحاكمة في سوريا لدى حليفاتها روسيا والصين , وبعد أن تخلت الهند عن دعمها , لإماتة الحل الساسي والمدعوم دولياً لهو غباء منقطع النظير , وهو يدل بحتمية مطلقة على أن الذي يحكم سوريا هم مجموعة يشكلون عمقاً كبيراً في مستوى الغباء السياسي , لأنهم أهدروا فرصة لن تتكرر بعدها لهم , وقد كانت هذه الفرصة إنقاذاً أخيراً للخروج  من هذا المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه.

في مجلس الأمن ثلاثة عشرة دولة وافقت على القرار من أصل خمسة عشر دولة , ومن ضمنها أوروبا وأمريكا والمجموعة الإفريقية واللاتينية , ومباشرة عبر عن الموقف القادم الرئيس الأمريكي في أنه سيدعم الشعب السوري , وكذلك الرئيس الفرنسي في الدعوة لتشكيل كتلة دولية مهمتها الدفاع عن الشعب السوري والثورة السورية.

توجد عقدة عند هذه العصابات الحاكمة هي عقدة الغرور , والتي تكونت عندهم عندما استطاعوا إخماد الثورة في الثمانينات من القرن الماضي , واعتقدوا ان الحالة الراهنة هي مشابهة ولها نفس الكيان والوضعية , وعن طريق الحل السابق يمكن القضاء على الثورة الحالية , وبعد عشرة أشهر من محاولة اخماد الثورة عن طريق الحل الأمني والذي فشل من أول يوم ,فلجأوا للحل العسكري , وبعد كل هذه الشراسة في الاجرام المتبع ,فالثورة تتصاعد قوتها يوماً بعد يوم , وأرادوا من مجزرة حمص البارحة انطلاقاً من عقدتهم السابقة , أن الشعب سيخاف وستنتهي الثورة , ولكن قابلها الشعب الحر بخروج عارم معبراً عن تحديه وأنه مستمر بالثورة حتى النصر .

فقناعتي أن ماحصل اليوم في مجلس الأمن أكبر دعم للثورة وليس ضدها , وهذا الشعب العظيم المتحدي لكل أنواع القمع والمذابح لن يسكت حتى التحرير الكامل , ولنا في ثورات الشعوب ضد الاحتلال وضد حكامها أمثلة كثيرة وتجارب واضحة , وكان آخرها الثورة الايرانية ضد الشاه والتي فقد الايرانيون فيها مئات الآلاف حتى انتصرت ثورتهم .
د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق