بعد تفجيريّ حلب وتسارع العقيد المنشق "عارف
الحمود" لتبني العمليتين عبر وسائل الإعلام ثم تبرأ العقيد رياض الأسعد وغيره
من ضباط الجيش- وأعتقد أن عارف الحمود ربما اندفع لتبني العملية ليضعف شوكة النظام
أمام الإعلام ولم يحسب الأبعاد السياسية المخيفة وتأثيرها على المواقف العربية
والدولية- بعد هذا التناقض في التصريحات بتنا نحتاج بإلحاح إلى ضرورة تنظيم ودعم
الجيش الحر ضمن الأطر القانونية والعسكرية والسياسية المتعارف عليها في تأسيس جيش
الدول النظامي.. شكل التنظيم يكون على الشكل التالي:
(1) بعد اعتراف الدول تباعا بالمجلس الوطني السوري ينبغي
طرح صيغة لدمج الجيش الحر بهيكلة المجلس بحيث يكون الجناح العسكري للمجلس.
(2) الحصول على الاعتراف الدولي بالجيش الحر وربطه
بضرورة الالتزام بالأعراف القانونية الدولية من قبيل عدم استخدام المدنيين كدروع
بشرية أو شن هجمات من تجمعات يسكنها مدنيون وهذا بدوره يؤدي إلى تحول الجيش الحر
من حركة تمرد لا تحميها ولا تدعمها القوانين الدولية إلى جيش نظامي بديل للنظام
الحالي.
(3) الدعم العلني للدول العربية للجيش الحر وتسليحه
بالأسلحة الثقيلة بحيث يصبح قوة موازية للنظام وقادرة على تفكيك ميليشيات الأسد
وإضعافها وإفساح المجال لقوى الجيش النظامي بالانشقاق تمهيدا لإسقاط النظام.
(4) أخذ المجلس الوطني والدول الداعمة للجيش الحر ضمانات
لالتزام الجيش الحر بعد سقوط النظام بنقل سياسي للسلطة وتسليمه للسلطة من أجل
تحقيق ما خرج من أجله الشعب السوري وهو تحقيق دولة مدنية ديمقراطية.
شكل هذه
الضمانات كالتالي (راجع: معطيات تحليلية
موجزه
لواقع
الثورة
السورية – ناصر
الغزالي) :
أ-
أن
لا يكون لهذا
الجيش
والمجموعات
المسلحة
اليد
الطولى
في
تقرير
مصير
البلد،
بسبب
طبيعة
الأشياء أن
من
يمتلك
القوى
هو
من
يمتلك
القرار
وبذلك
ننتقل
من
نظام
عسكري
إلى
نظام
شبيه
مع
تغيير
الوجوه.
ب-
أن
لا ينتقل الصراع
من
مجموعة
حركة
تمرد
الجيش الحر مع
النظام
إلى
صراع
فيما
بينها.
ج-
عدم
القيام بعمليات انتقام
واسعة
خارج
إطار
القانون
بسبب
تناحر
مكونات
هذا
الجيش.
د-
ضمان
عدم توسيع عمليات
القتال
المفتوحة
ضد
مكونات
مجتمعية
كانت
مرتبطة
بالسلطة.
هـ- دمج الأغلبية
الساحقة
من
حركة
الجيش
الحر بكل مكونات المجتمع السوري خوف الوصول إلى حرب
أهلية مفتوحة.
و-
أن لا تؤدي زيادة قوة
التمرد
المسلح
إلى
ضعف الحراك المدني
السلمي
وإبعاد
الطبقة
المتوسطة
والمدن
عن
المشاركة في الانتفاضة
ضد
السلطة.
ز- عدم
ارتهان
الجيش
الحر إلى توجهات
الجهة
الممولة
سياسيا
في
السلاح
والمال
وهذا
ليس
اتهاما
بل تقرير
واقع
إذ
لا
يمكن
لحركة
تمرد
مسلحة
أن
تقوم
بدون
مدها
بالمال
والسلاح.
كل المؤشرات
الحالية تدل على أن المأمول غير الواقع وأن الاعتراف بالجيش الحر وتنظيمه لن تتجه
له الدول للأسباب التالية:
(1) ما زالت
الولايات المتحدة تراهن على المسار السياسي لإسقاط نظام الأسد وبالتالي عدم
اتجاهها إلى الاعتراف بالجيش الحر، والبعض يذهب أن دوافع الولايات المتحدة هو
تفكيك سوريا كدولة وليس كنظام كي تبقى لقمة سائغة لإسرائيل. وفي هذا السياق يمكن
التأكيد على أن الشعب السوري الذي خرج من أجل سوريا الجديدة قادر على بناء الدولة
دون الارتهان للدول المعادية والتي لها مصالح في إضعاف سوريا.
(2) أمام ضغط
الولايات المتحدة على دول الخليج لعدم الذهاب إلى السيناريو الليبي ذهبت السعودية
باقتراح مشروع قرار إلى الأمم المتحدة يحمل نفس مضمون قرار مجلس الأمن وهو تبني
المبادرة العربية، وربما يعود هذا أيضا -نتيجة ضغط الولايات المتحدة- إلى ضرورة سد
الفراغ السياسي بعد الفيتو المزدوج بمجلس الأمن.
(3) يبقى سبب آخر
أن اتجاه الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا وتركيا إلى تأسيس مجموعة أصدقاء سوريا
مهمتها الضغط السياسي والاقتصادي على النظام السوري وبالتالي ليس بالوارد الدعم
العسكري للمعارضة السورية.
من المؤكد أن
هناك الكثير من المخبوء لمستقبلات الثورة السورية ومدى قدرتها على الحفاظ على مسار
الثورة بالإبقاء على طابعها الشعبي لا سيما بعد تمدد الحراك الشعبي يوما بعد يوم
خاصة في مدينة حلب.
أعود وأقول إن
المأمول غير المعمول به أمام تزايد جرائم النظام بحق الشعب السوري، وإن الوضع
الإنساني المتردي ربما لن يبقي رهاناتنا بأيدي المنظرين وإنما بأيدي من يتألم
ويواجه آلة القمع الفظيعة للنظام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق