الثورة تعني التغيير الجذري لوضع موجود أو
الخروج عن المألوف بسبب التغيير إلى وضع آخر وليس إجراء عملية تجميل لوضع راهن
ولهذا أقول الثورة السورية لا تقبل بأنصاف الحلول ولن تتعامل إلا بالواحد الصحيح لهذا
انطلقت لتغيير نظام حكم هو بدأ بثورة كما يدّعي حزب البعث ويحب تسميتها وقادها على
ما يسـمى أنظمة الاستعمار حيث كانت سـورية في ذلك الوقت قد خرجت من تداعـيات تفكيك
الوحدة بين مصر وسـورية علما أن الوحدة
العربية هي مطلب جماهيري واسـع واسـتلم حزب البعث السـلطة على أسـاس هذه الشـعارات
وبقيادة حزب البعث في سورية .
وفي عام 1970 قام وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد بانقلاب عسكري سمي بالحركة التصحيحية في
ظاهره بدعوى الفـسـاد في صفوف الحزب القائد والحاكم ولكن الحقيقة كانت حركة للسيطرة
على الجيش ومقدرات البلاد و تهميش وإقصـاء لكل من هو وطني ويؤمن بحق المواطنة ولجعل
الحزب مطّية لأطماع خبيثة في نفس حافظ الأسـد وتم تعديل الدسـتور وتفصيله على مقاس
طموحاته من هيمنة طائفية والسـيطرة الكاملة على قيادات الجيش السوري وإبعاد
المعارضين له من خلال جعل حزب البعث هو الحزب الحاكم والقائد للدولة والشعب حسب نص
الدسـتور مما أدى إلى بعض الاحتجاجات وتسـريح الكثير من الضباط الغير موالين له
وجعل الجيش لحماية الثورة والأمن الذي
بدأت تتعدد فروعه ويزداد أعداد أفراده سـيف مسـلط على الشـعب بدلا من حفظ أمنه
وهذا تطلب إعطاء قادته وأفراده امتيازات خاصة وتعدد الفروع جاء أيضا للتقسيم
وسهولة السـيطرة عليها وجعل كل فرع منفصلا
بقيادته وعن قوام الدولة ومسـتقلا بالقرار ومرتبطا مباشرة بالرئيس ليضمن ولاءه
ويسـيطر عليهم من خلال عزلهم عن بعض وليهدد كل واحد الآخر وأعطى المخابرات الجوية
دعما مميز ليكون الأقوى لكون حافظ أسـد ضابط طيار من جهة وليجعل سـلاح الطيران تحت سمعه
وبصرة وهو السلاح الأقوى والذراع الذي يسـتطيع به ردع أي انقلاب عسـكري يقوم ضده
كما فعل هو حين أطاح بحكومة أمين الحافظ
واسـتمر على هذا النحو إلى الثمانينات حيث خرج عليه الإخوان المسـلمين وحصل نزاع مسـلح نتيجة شـدة القمع وما حصل من
القضاء على الكثير منهم وأدى تدمير مناطق عـدة في سـورية وكانت الحصة الأكبر في
التدمير والقتل والتنكيل لمدينة حماة وجرى ذلك بمباركة روسـية وصمت دولي ولم يعرف
أحد مقدار هذا الدمار إلا بعد انتهاء هذا الفعل الشـنيع نتيجة التعتيم الإعلامي
وعدم المقدرة على التواصل مما أدى إلى تنامي قوة الفرعون الجديد وزرع الخوف في
نفوس السوريين بطريقة بشعة من اغتيال
واعتقال المعارضين له وتوالت الأحداث حتى
أيقن الشعب أن هذا النظام لا يتورع عن فعل أي شـيء من أجل السـلطة .وبدأ هذا النظام
في توطيد علاقته مع إيران و كثيرا ما سعى حافظ الأسـد إلى اسـتمالة الخميني للاعتراف بالعلويين كطائفة من
الشـيعة رغم ما يزعم من العلمانية ولكن الخميني لا يسـتطيع فعل ذلك فالعلويين هم
بنظر الشـيعة نصيريه هذه الفئة التي أفتى الإمام جعفر الصادق بقتلها لشدة كفرها ولا يسـتطيع الخميني في ذلك الوقت أن يغير هذه
الفتوى ونصها كما وردت تقول ( النصيريه كفر وأتباعـها كـفار فاقتلوهم حيث ثقفتموهم )
ولكن وعده بالدعم من خلال تحالف ضمني لتحقيق الأهداف الفارسـية المتطلعة لإحياء
مجدها القديم ولكن كيف يتحقق الهدف فالتيارات الإسلامية كبيرة في المنطقة وحتى في إيران
فخرجت هنا فئة تدعى الصفوية بالاسم والى
الفارسية بالفعل ونظرا لهذا قرر الخميني وقسم من المتطرفين الفرس بارتداء عباءة الإسلام
من خلال المسلمين الشيعة كمذهب فهم يختلفون عن الصفويين ولكن في ظاهرهم يدّعون
الإسـلام وهم للمجوسـية أقرب فهم يحتفلون بيوم النار ويمجدون أبا لؤلؤة اليهودي
الذي ادعى الإسلام وقتل الفاروق رمز العدل بعد رسـول الله ( عمر بن الخطاب ) رضي
الله عنه فكان من الضروري اسـتغلال العاطفة الدينية للولوج إلى الأمة الإسلامية
ومن ثم العربية وسميت الدولة الفارسية بالجمهورية الإسلامية للدخول في المؤتمر
الإسـلامي وحتى تكون مقبولة من العرب والمسـلمين وتسـتطيع دس عملائها من الأفراد
الموالين للمرجعيات الدينية المرتبطة بولاية الفقيه في دول عـدة ولهذه العناصر
والجماعات هدفين:
1-تغيير الخرائط
الديمغرافية في هذه الدول
2- تقوم بأعمال
التجسـس لصالح المرجعية الدينية في إيران وتكون قنبلة موقوتة أو خلايا نائمة وموالية
للمرجعية الدينية في إيران وهذه المرجعية تسـيطر
أيضا على أقوى تشـكيل عسـكري وهو الحرس الثوري الإيراني من خلال تبعيته للمرجعية.
وقد تحقق لها
المرحلة الأولى لمخططها في الهيمنة وزرع حكومات موالية لها في لبنان والعراق ولم
يتبقى سوى سـورية ليكـتمل سـيناريو الهلال الخصـيب أو (الهلال الشيعي) ليتم القفز
في المرحلة الثانية إلى الأردن ومن ثم دول الخليج العربي حيث سـيطرت إيران قبل ذلك
على الشـريط الساحلي الشـرقي للخليج العربي والذي
مسـاحته تفوق مسـاحة بلاد الشـام من ضمنها عربسـتان ( الأهواز ) ويمتلك
المياه والنفط وعلى جزر طوم الكبرى
والصغرى المتاخمة للبحرين ليأتي دور تحقيق القوة وسـرقة الأسـلحة العراقية
بمسـاعدة شـيعة العراق , وقامت بتطوير برنامجها النووي الذي لم تعارضه إسـرائيل
نتيجة رسـائل الطمأنة السـرية المتكررة من إيران أنه ليس موجها ضـدها بل ضد العرب
ونظرا لمعرفة اليهود بكراهية الفرس للعرب نتيجة موقعة القادسـية والفتوحات
الإسـلامية وكسـر عظمة الدولة الفارسـية
ودخول الإسلام إليها حيث تعاونوا أقصد
الفرس واليهود ابتداءً على دس الأحاديث النبوية مما أرغمهم على التظاهر بدخول
الإسـلام حتى يتمكنوا فعل ذلك , وما عبد الله بن شـأس وغيره ممن دخلوا الإسلام
ظاهرا إلا لزرع الفتن بين صفوف المسـلمين كما تفعل الآن من خلال دعم حماس لتظهر
بدور الداعم للمقاومة الفلسـطينية مما خلق شـرخا في صفوف الفلسـطينيين ثم توالت الأحداث وظل الحقد
الدفين في صدورهم إلى يومنا هذا وكما نشـاهده اليوم في شـدة القمع للثورة السـورية
لأنه في غرف العمليات للأمن والجيش السـوري مسـتشـارين من الحرس الثوري الإيراني
بحقدهم مضاف إلى حقد الضباط في الجيش الأسدي ولا أقول الجيش السـوري لأنه لا يتحلى
بأخلاق المواطن السـوري ويدعي العروبة والعروبة منه بُراء .
وهنا نعود إلى
الداخل السـوري حيث خطط حافظ الأسـد إلى توريث أحد أولاده وكان المرشح ابنه باسـل
الذي مات في حادث سـيارة بظروف غامضة جدا ولم تتاح الفرصة له بتأهيل الآخر ووافته
المنية مما أدى إلى ارتباك في الحكومة وخلص أفراد العصابة الحاكمة إلى جعل بشـار
هو الوريث لأنهم أدركوا حقيقة لؤمهم بأن أي فرقة من الحرس القديم سـيتولى الحكم سـينهي
الباقين فخلصوا إلى قرار توافقي بجعل بشـار الأسـد هو الرئيس رغم سذاجته ليسـتطيعون
المحافظة على رؤوسهم ومناصبهم على مبدأ ( كل ديك على مزبلته صياح ) وخرج هذا
الشـاب وأطلق العنان لتصريحات مدوية حول إصلاحات كبيرة وكان هذا في بداية هذا
القرن ولكنه اصطدم بمافيا أبيه . كما خدع بعض الناشـطين بمعسـول الكلام وقاموا بما
يسـمى ربيع دمشـق وكان الحد الفصل حيث لم يتغير شـيء في نهج الممارسـات الأمنية من
الأب إلى الابن وتم اعتقال الكثير منهم وهرب الآخرون من هول القمع وعم الفسـاد
بشـكل مخيف وذهبت وعود الإصلاح في مهب الريح إلا في الإعلام السـوري الذي يعيش أحلامه الوردية مبشـرا بالإصلاح ليل
نهار دون أفعال حتى بدا الربيع العربي في تونس فتنفس الشـباب الصعداء بنجاح الثورة
ثم في مصر وليبيا, وظهور الثورة الليبية ودعم المجتمع الدولي لها بعث الكثير من
أمل النجاح بما أن النظامين متشابهين إلا أن الوضع في سـورية أعقد بوجود إيران
وتعامل وثيق بين المخابرات السـورية والأمريكية في الحرب على الإرهاب ومع هذا تشّـجع
الشـباب المقهور والمحبط إلى الخروج مطالباً بالإصلاح الموعود ولكن غرور النظام و
أنياب الابن كانت أقسـى وأكثر قذارة من الأب نتيجة الإرشادات الإيرانية والروسـية
الضليعتين بالقمع.
ولكن إصرار
الشـباب المنتفض حول الاحتجاجات إلى ثورة جعلت بعض المهجرين قسرا للتفكير بالوطن
وأجج فيهم الحنيـن للوطن فظهرت أصوات في الخارج لا تخلو من بعض المتسـلقين
والوصوليين.
وتحت ضغط من
الحراك الشـعبي ومطالبة المتظاهرين بالداخل بتشـكيل مجلس وطني كما فعل ثوار ليبيا
تشـكل المجلس الوطني السـوري وتتالت الأحداث مما جعل النظام أكثر عنفا ودموية
وأظهر همجية تفوق التصور وازدادت وتيرة القتل والتنكيل في المتظاهرين السـلميين
ودخلت على الخط الأطراف الخارجية من مليشـيات ودول أهمها إيران ومليشـيا الصدر
وحزب الله وزاد في الطين بله دخول الروس إلى اللعبة وبقوة مما أدى إلى تدويل
القضية بشكل مغاير لبقية الثورات العربية وكل دولة أدلت بدلوها حسـب أجندتها ويبقى
القتل هو المنطق السـائد وخاصة فظهر رجال تتملكهم النخوة من عناصر الجيش أدى إلى الانشقاقات في الجيش وتشـكيل الجيش الحر للدفاع
عن الأهل من قتلة النظام ومليشـيات تدعى الشـبيحة وازداد العنف مما جعل الأمور
تنحدر إلى هاوية صدام شامل في سـورية وخاصة بعد القصف المدفعي الشديد في مدينة حمص
وتدخل الحرس الثوري الإيراني بشـكل فعلي في قتل الشـعب السـوري واستعمال روسـيا
والصين حق الفيتو بمجلس الأمن
الذي دفع العالم
للتفكير بطرق بعيدة عن مجلس الأمن لمسـاعدة الشـعب السـوري ولكن على اسـتحياء
متذرعين بشـتى الذرائع وترك الشـعب السـوري وحيداً يصارع الموت أمام آلة القتل
الروسية الإيرانية الأسـدية
و سـنرى هذا
الشـعب العظيم كيف سـيتغلب على هذه الصعوبات بنصر من الله وبعون الله وإن شاء الله
العلي القدير ستنتصر الثورة رغم أنوف الكثير من الحاقدين والمتآمرين على الشـعب
السـوري وسـننتظر يوم 24\2\2012 لنرى ماذا سيفعل أصدقاء سـورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق