الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-02-25

الرهينة ومشهد واقعي تمثيلي في الثورة السورية – بقلم: د. عبد الغني حمدو


 يتكرر حدوث الرهينة في الحياة الاجتماعية البشرية وبكل مراحلها دائماً في كل وقت، ولعل غالبية الناس شاهد هذه الحالة المتكررة في واقعيتها، أو في حال تمثيلها بفيلم أو مسلسل ما.


فحالة الرهينة دائماً يكون استعمالها من قبل العناصر المجرمة والشريرة، فقد تكون فردية، أو تخص مجموعة من الأشخاص، أو تخص مجتمع بأسره، ولتبسيط الأمر نقف أمام المشهد الآتي:

رجل يضع  مسدسه في رأس امرأة ويهدد زوجها الواقف أمامه إن لم يرم سلاحه فإنه سيقوم بقتل الزوجة، هنا الزوج يقف في حيرة من أمره، هو أولاً في موقف القوي والمسيطر، ولكن نقطة ضعفه هي الزوجة المعرضة للقتل، بينما الآخر هو شرير بطبعه وجبان وفي نفس الوقت يخشى من مجابهة خصمه فاستغل  نقطة الضعف هذه لتهديد خصمه.


وبالتالي قليس أمام الزوج هنا إلا اختيارين اثنين لاثالث لهما :
الأول: الاستسلام وإلقاء سلاحه، فسيكون مصيره ومصير زوجته هو القتل ونجاة المجرم والفوز  

الثاني: عدم إلقائه السلاح وضرب عدوه، وفي هذه الحالة ستكون النتيجة في غالب الأحيان نجاة الزوجين، أو بقاء الزوج ومقتل المجرم والزوجة، وتكون خسارة الزوج أقل، فهو قد ربح وجوده على قيد الحياة وفي نفس الوقت، لم ينفذ رغبة الشرير وأراح المجتمع من شره.

بينما لو اختار الطريق الأول سيعين الشرير على الاستمرار في شره واستمرائه لارتكاب جرائم متشابهة وستنعكس شرورها على الأفراد وعلى المجتمع.

فلو طبقنا هذا المشهد على الثورة السورية والثوار، وتصرف عصابات النظام المجرمة، نجد أن الشعب السوري برمته رهينة منذ استلام حزب البعث السلطة، واستخدم اسلوب الرهائن بشكل فردي في حالات لاتحصى، فإن أرادوا معارضاً ولم يستطيعوا الوصول إليه اعتقلوا أهله والمقربين حتى يسلم نفسه، فإن سلم نفسه يتم القضاء عليه وعلى الرهائن، وإن لم يسلم نفسه فقد ينجو الرهائن كما نجى هو من الموت من قبل عندما امتنع عن تسليم نفسه.

بعد قيام ثورة الحرية في سورية، اتجهت عصابات النظام الحاكمة لحالة الرهينة هذه، إما أن تعود للطاعة والذل والخضوع ونفعل بك مانشاء أو سنقتل كل الرهائن، أي الشعب.

وهنا في هذه الحالة أمام الثوار طريقين، كما في حالة المشهد أعلاه، فإن استسلموا للطغاة وهؤلاء الأشرار فمصيرهم جميعاً الفناء، وإن استمروا في التحدي والعمل الثوري والمثابرة، حتما هناك ستكون خسائر منهم، ولكن ستكون نسبتها قليلة جداً مقارنة بالاستسلام للأشرار مختطفي الرهائن.

ليبيا عدد سكانها ستة ملايين، قدم الشعب الليبي 12% من عدد السكان حتى استطاع تخليص الوطن والمجتمع المرتهنين عند نظام القذافي، ولو استسلم الشعب الليبي للمجرم، لخرج بطلاً شريراً سفاكاً للدماء وبدون حياء أو خجل، كما فعل حافظ الأسد بعد مجازر حماه وباقي المناطق السورية، وورث ذلك الاجرام لنسله الخبيث، والذي جعل من تجربة أبيه مثلاً يقتدى فيه،في اجرامه، وأن الشعب عندما يجد تلك الجرائم سيستسلم كما استسلم من قبل، وهذا مايفسر عمليات اجرامه الدائرة في باباعمرو الصابر الأبي وباقي المناطق المحاصرة والمحتلة.

وهنا لابد من كلمات نوصي فيها أبناءنا وبناتنا إخواننا وأخواتنا في سورية الأحرار :

حريتكم هي مرهونة بيد هذه العصابات المجرمة، وحياتكم رهينة عندهم، وقتالكم وإصراركم وصبركم وعزيمتكم القوية، والرؤية الواضحة أمامكم هي السبيل الوحيد لتقليل الخسائر، مهما بلغت التضحيات، فلن تبلغ كسر عشر من الخسائر في حال الرضوخ والاستسلام للقاتل المجرم.

فرحم الله شهداءنا وشفى جرحانا، ونصر ثوارنا في القريب العاجل إن شاء الله تعالى، فإن خسرنا اليوم جزءاً عزيزاً من فلذات أكبادنا، ولكن الخسارة الأكبر ستكون عليه وعلى من والاه في المستقبل القريب.
د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق