بسم الله الرحمن الرحيم
إن من عادة الطغاة، ومن منطقهم الأعوج، أن يلجؤوا دوماً عندما
يفشلون في ميادين الفكر والحوار والمحاججة،
ويعجزون عن ثني أصحاب المباديء عن مبادئهم، ويفشلون في منع أصحاب الحقوق المشروعة
من المطالبة بحقوقهم، أن يلجؤوا إلى أساليبهم الخسيسة المعروفة، كالقهر والبطش
والإرهاب والاغتيال والاستئصال .!!!
لقد مارسوا هذا الاسلوب القذر مع كل الأنبياء والمرسلين (
صلوات الله عليهم )، وأتباعهم من الدعاة والمصلحين والمجدّدين ( رضوان الله عليهم
) .!!!
مارسوه مع سيدنا إبراهيم ( عليه السلام )، فألقوه في
النيران المضرمة، بدون أية أثرة من رحمة أو شفقة أو إنسانية، بعد أن أفحمتهم حجّته
الإيمانيّة الباهرة، وعجزوا عن ثنيه عن إيمانه ومبادئه الراسخة، قال تعالى مؤكداً
هذه الحقيقة : بسم الله الرحمن الرحيم (( فما كان جواب قومه إلا أن قالوا : اقتلوه
أو حرّقوه، فأنجاه الله من النار، إنّ في ذلك لآيات لقوم يؤمنون )) العنكبوت ( 24).
ومارسوه مع سيدنا موسى (عليه السلام ) وأصحابه، بعد أن
فشلوا في ثنيهم عن دينهم ومبادئهم، فقتلوا أبناءهم، واستحيوا نساءهم، وأذاقوهم مرّ
العذاب...
بسم الله الرحمن الرحيم: ((قال فرعون: آمنتم به قبل أن
آذن لكم، إنّ هذا لمكرٌ مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون،
لأقطّعنَّ أيديكم وأرجلكم من خلاف، ثمّ لأصلّبنّكم أجمعين)) الأعراف (124 ).
وكذلك فقد مارسوا هذا الأسلوب الخسيس ذاته مع سيّد الأولين
والآخرين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم)، بعد أن
أعيتهم لغة الحوار والمحاججة، فصبّوا عليه وعلى أصحابه أبشع أنواع العذاب،
وحاصروهم في ديارهم فمنعوا عنهم الغذاء والماء والدواء، حتى أكلوا الخبط وأوراق الشجر
.! ثمّ تآمروا عليه لقتله وتصفيته صلى الله عليه وسلّم في القصّة المعروفة ..
بسم الله الرحمن الرحيم (( وإذ يمكر بك الذين كفروا
ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون
ويمكر الله، والله خير الماكرين)) الأنفال (30 )
وهاهم أولاء طغاة الشام الأسديين الظالمين يمارسونه مع الشعب
السوريّ العظيم، شباباً وشيباً وأطفالاً ونساءً، فمنذ أحد عشر شهراً، وألة القهر
الأسدية تفتك بالشعب السوري العظيم، وطاحونة الموت والدمار القرمطية تدور رحاها
على هذا الشعب الصابر الأعزل، لا لزنب اقترفه، إلا ( ذنب) الهتاف للحريّة المسلوبة،
والمطالبة بالكرامة المصادرة.!!
وكانوا قد ما رسوا عبر الأربعين سنة الماضية على هذا الشعب
المنكوب بهم وبعملائهم، من الجرائم والفظائع ما لا طاقة لبشر على احتماله..!!!
فلم يتركوا وسيلة خسيسة للقهر والإذلال لم يستخدموها، ولا
أسلوباً قذراً للظلم والترويع لم يطبقوه، ولا عملاً عدائيّاً غادراً لم يمارسوه، ثم
أكملوا سجل جرائمهم المخذي بهذه المذبحة المروّعة، التي تدور رحاها منذ أحد عشر
شهراً، بعد أن عجزوا عن الإجابة على أسئلة الشعب الشرعية، وفشلوا في لغة الحوار
والدبلوماسيّة، ورفضوا إعطاءه أبسط حقوقه البشرية .!!!
ولكنّهم خابوا وخسروا، وفي الرجس انتكسوا …
فكما أنقذ الله خليله إبراهيم ( عليه السلام ) من نار
النمرود، وأسكنه الأرض المباركة، وجعله وذريّته أئمّة للعالمين ...
بسم الله الرحمن الرحيم (( قلنا يا نار كوني برداً
وسلاماً على إبراهيم، وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين)) الأنبياء ( 70 ) .
وكما نجّى الله كليمه موسى ( عليه السلام ) وأصحابه من بطش
فرعون، وأغرق فرعون ومن معه من الظالمين ...
بسم الله الرحمن الرحيم (( وأنجينا موسى ومن معه أجمعين،
ثمّ أغرقنا الآخرين، إنّ في ذلك لآية، وما كان أكثرهم مؤمنين ))الشعراء (67) .
وكما نجّى الله حبيبه محمداً ( صلى الله عليه وسلم )
وأصحابه الكرام ( رضوان الله عليهم ) من بطش أبي جهل وأبي لهب وأذنابهما، وأخضع
لهم الجزيرة العربية بأسرها، ورفع راياتهم وبيارقهم فوق ربوع العالمين ...
بسم الله الرحمن الرحيم (( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً
ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، ويتمّ نعمته عليك ويهديك صراطاً
مستقيماً، وينصرك الله نصراً عزيزاً)) الفتح ( 3 ) .
فكذلك سينصر الله الشعبَ السوريّ العظيم، ومعه كل المؤمنين
والشرفاء والخيّرين من أبناء الأمة والإنسانيّة، لا نشكّ في ذلك أبداً ...!!!
وسيدحر اللهُ الطغاةَ والظالمين والمتجبّرين الأسديين، ومن
ساندهم من الروس الظالمين، والفرس الصفويين، وعملاءهم من المنافقين التافهين ....
بسم الله الرحمن الرحيم (( وكان حقّاً علينا نصر
المؤمنين)) صدق الله العظيم .
الدكتور أبو بكر الشامي
دمشق : في الرابع من ربيع الأول / 1433 هجري
الموافق : للثامن والعشرين من كانون الثاني / يناير / 2012
ميلادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق