من متابعتي للأحداث الدامية التي تجري في بلدي سورية وصلت إلى قناعة تامة أن أمريكا ومن ورائها
إسرائيل لا تريد لهذا الربيع العربي أن يصل إلى ما يصبو إليه هؤلاء الشباب الذين ضاقوا ذرعا بالوعود
والمتاجرة بالقومية العربية والقضية الفلسطينية رغم كل ما يحملونه من حب لفلسطين
والقدس والشـعب الفلسطيني ولكن
بشكل مغاير لما يفكر فيه الساسة أو دعونا نسميهم المحاربين القدماء الذين ناضلوا
ولكن لم يحققوا شـيئا ملموسا على الأرض في الوقت الذي استطاع الشـباب، هذا الجيل
المنفتح على الحياة والمليء بالحيوية والإقدام
والذي كنا نظن به السوء والميوعة
أنه قادر على تغيير المعادلة وتحمل مسؤوليات جسام مع قلة خبرته فقد استطاع
هز أمريكا وإسرائيل مما أدى إلى كشـف المتاجرون بالقضية الفلسطينية والدم الفلسطيني
لذا نشـاهدهم اليوم يصرخون لا بل يقتلون هذا الجيل الواعد ويصرحون بالتصريحات النارية كما نشـاهد على
التلفزة من النظام السوري والمطبلون له من أبواقه و إيران وحزب الله وأنا أحب أن
أسميه ( حزب الشـيطان ) بما يتسم من الكذب والخداع والمراوغة . مقولتين توقفت
أمامهما طويلا أفكر لماذا؟
أولاهما تصريح
أمر عليه مرور الكرام حيث ليس له وزن ولا قيمة هو تصريح الشيطان الأصغر في لبنان ( إن أمريكا والغرب ستطلب ثمن مساعدة المعارضة السورية وما هو الثمن إسقاط رأس
المقاومة وألمح إلى حماس والعراق والى نفسه) وكأن المقاومة مختزلة بهؤلاء مع
احترامي للإخوة في حماس وتحفظي عل نهجهم، والظهور بالحرص على فلسطين أكثر من الفلسطينيين
أنفسهم ولا أعتقد أنه يوجد أحد من المسلمين أو العرب وحتى من يمتلك أي حس بالإنسانية
من الناس كافة ولا يقف مع الشـعب الفلسطيني في مساندته لتحقيق مطالبه المشروعة
ونيل حقوقه.
أما التصريح
الثاني هو لـ: كيسنجر وزير خارجية أمريكا في أيام كأيام ديفيد ثعلب السياسة
الأمريكية وحليف إسرائيل بامتياز في ذلك الوقت (إن طبول الحرب تقرع في منطقة الشـرق الأوسط
وظنه أن حافظ أسد قد قتل الأغبياء في الثمانينات) وأنا لم أقرأ هكذا تصريح ولكن سمعته
يداوله البعض على الفضائيات وخاصة قي حلقة أجندة مفتوحة على قناة BBC ARABIC أمس بتاريخ 7\2\2012 على لسان بوق من أبواق النظام السوري وأن الربيع العربي صنيعة أمريكا فكيف يستوي
الأمر مع قلق إسرائيل من هذا الربيع
العربي وبشـكل خاص الثورة السورية وأنا أعلم مثل أي متابع للسياسة أن إسرائيل تضغط
وبقوة على الإدارة الأمريكية للمحافظة على بشـار الأسد في السلطة وهذا نتيجة
للارتياح معه والشـعور بالأمان على الجبهة السورية ودوره الفاعل وتأثيره على حزب الله مما أدى إلى أمان على الجبهة اللبنانية أيضا مع
بعض الشـوائب التي تعكر صفو هذه العلاقة غير المعلنة بين النظام السوري وإسرائيل ونعود
إلى تصريح كيسنجر الذي صرح سابقا بتصريح أفظع منه وهو يتكلم عن أيلول الأسود إبان
الحرب الباردة والنزاع بين الفلسطينيين والجيش الأردني وكيف طلب من إسرائيل أن تعطي رسالة قوية لحافظ
الأسد آنذاك فخرج رف من الطيران
الإسرائيلي وأصدروا حركات بهز الأجنحة فوق رتل الدبابات السورية حركة تحذير بلغة
الطيارين يفهمها الطيارون وباعتبار حافظ أسد هو ضابط طيار فهم الرسالة وأمر بوقف
التدخل للجيش السوري الذي اجتاز الحدود الأردنية واشترك بالقتال لصالح ياسر عرفات
في ذلك الوقت وأمر بعودة الدبابات السورية إلى الأراضي السورية قبل خلافاتهم مع ياسر عرفات
وضرب الفلسطينيين في تل الزعتر في
لبنان فهل هذا النظام من يقلق إسرائيل حتى
تعمل أمريكا على تغييره وهل هذا يعني حقا أن الثورات العربية تقاد من أمريكا لا بل يريد الأمريكيين عدم الخروج من المنطقة كما ستخرج
روسيا من المولد بلا حمص كما يقال في سورية وهذا ترجم بتصريحات ومغازلة أمريكية ودعم إعلامي لهذه الثورات وفي الوقت نفسه يخرج
أنصار إسرائيل بتصريحات مغايرة تشـوه سمعة الثورة السورية وأمام هذا العجز
الأمريكي اتجاه الفيتو الإسرائيلي وليس الروسي لأن الفيتو الروسي نتيجة لمواقف
إسرائيل وهي أول دولة اعترفت بإسرائيل في هيئة الأمم المتحدة قبل أمريكا
وبريطانيا وهذا ما ينفي كلام المطبلين
والمزمرين لتصريحات أصدقاء إسرائيل من أعضاء الكونكرس الأمريكي أو الصحف الأمريكية
المهيمن عليها من الصهيونية العالمية وإسرائيل ويفسر لنا تقاعس أمريكا والغرب في دعـم الثورتيـن اليمنية والسورية حيث انتهت الأولى بلعبة والتفاف على الشـباب الثائر في اليمن وأرادوا
أن يفعلوا نفس الشـيء في سورية من خلال المبادرة العربية حيث أتى التعنت الروسي بغباء في مصلحة الثورة السورية بهذا
الفيتو ولكن ستكون كلفته باهظة الثمن على الشـعب السوري و ستكون ثورة نظيفة إن شاء الله وبلا منة
من أحد.
ومنه أستنتج أن
الثورات السلمية لا تأتي بنتائج كبيرة بل
بتغير هزيل باستثناء الثورة التونسية التي غادر فيها الطاغية فلو حصل هذا في مصر
أو قتل مبارك وعمر سليمان الرأس المدبر ورئيس مخابرات المصرية لكانت نجحت الثورة في مصر وتفادت الكثير مما يجري في مصر الآن وأدى التدخل الأمريكي من خلال الجيش المصري من خلال علاقته مع الجيش المصري في زمن مبارك
ونتيجة كآم ديفيد هو اكبر دليل على عدم الرضا الأمريكي عن الربيع العربي رغم
التصريحات المعلنة لأن هذا الربيع يضر
بأمن ومصالح إسرائيل المزعوم كما حظيت هذه
الثورات بتأييد إيران وحزب الله والنظام
السوري أيضا في الوقت الذي يكون مرفوضا في سورية دولة الممانعة لكل القيم الإنسانية
والتطور والكرامة ويرفض حق الشـعب السوري
في تحقيق آماله وتطلعاته نحو غـد أفضل ونظام يحفظ كرامة الشـعب السوري وحرياته وتصبح
الثورة السورية في رأي أنصار بشار الأسد أجندة أمريكية كي يخفي هذا النظام كذبه
وادعاءه بالمقاومة وبيعه للوطن لحلفائه في
إعطائهم قواعد عسكرية تنقص من استقلال الوطن وكرامته وربطه بمحور معادي للقيم الإنسانية
والإسلام الذي يمثل ديانة النسبة العظمى
من الشـعب السوري وعليه بدأت تحاك المكيدة تلوى الأخرى من معارضة مزيفة ومجلس عسكري
مشكوك بأمره وأصوات تدعي المعرضة وهي من رحم هذا النظام لخلط الأوراق وإعطاء أمريكا والغرب الذرائع
بعدم وجود معارضة موحدة ويوجد انقسامات في المجلس الوطني نتيجة عدم الفهم أن الخلافات
لا تنشـر على الإعلام وعدم وجود برنامج للمعارضة وألف عذر وذريعة للتملص من دعم
الثورة السورية وهذا وحده يكفي بالرد على هذه الأصـوات المغرضة والتي تسبح بحمد إيران ومن يسبح في فلكها ولا
يريد الخير لسورية والشـعب السوري بحجج ظاهرها طيب وباطنها الخبيث والمكيدة لتحقيق هيمنة إيرانية وتشكيل محور جديد لمواجهة أمريكا والغرب على حساب
الـدم السوري ومصلحة الشـعب السورية فما
الضير حتى الاستفادة من الغرب إذا التقت مصلحتنا مع مصلحته بالتخلص من هيمنة قذرة
من أنظمة همجية تدّعي الإسلام والإسلام منها بُراء والله معنا والنصر لشـعبنا العظيم
بقلم - عزالدين سالم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق