كلنا سمعنا عن الدستور الجديد الذي قدمه
النظام السوري على أمل أن ينهي به ثورة بدأت منذ سنة وكلفت عشرات الآلاف من
الشهداء والجرحى والمعتقلين والمفقودين. أريد أن أذكر هنا بأن الأنظمة
الديكتاتورية، ونظامنا أحد أفضل الأمثلة عليها، تستعمل الدستور، وكذلك مجلس الشعب
والوزارة وبعض الأحزاب الشكلية كمجرد ديكور لتحسين وجهها القبيح داخلياً
وخارجياً. فالدستور الأول والأخير والمجلس الأول والأخير يتمثل في شخص الحاكم
والذي تطلق عليه شتى الألقاب مثل القائد الخالد والزعيم التاريخي والرئيس الملهم
وغيرها.
قالوا هذا هوَ
الدُسـتورْ
فأوقفوا ثورتَـكُمْ وعودوا إلى بيوتِـكُمْ
فقلنا لَـهُمْ
انقعوهُ في الماءِ واشـربوهُ
عَلَّـهُ يَشـفيكمْ مِـنْ غَبائِـكُمْ وإجرامِـكُمْ
نَحنُ ماانتخبناكُمْ ولكِنْ حَكمتونا بِحَـدِّ السـاطورْ
فبأيِ حَـقٍ تكتبونَ
الدُسـتورْ؟
أنتُمْ مَـنْ ذبحتمْ حِمصَ وحَمـاةَ وجِسـرَ الشُـغورْ
فبأيِ حَـقٍ تكتبونَ الدُسـتورْ؟
وأنتُمْ مَـنْ حفرتُمْ لِلشَـعبِ آلافَ القُبورْ
فبأيِ حَـقٍ تكتبونَ الدُسـتورْ؟
أنتُمْ مَـنْ
تفاخرتمْ بالظلمِ والجـورْ
فبأيِ حَـقٍ
تكتبونَ الدُسـتورْ؟
وأنتُمْ مَـنْ بُعتمُ
الجولانَ لتَسـكُنونَ القُصورْ
فبأيِ حَـقٍ تكتبونَ الدُسـتورْ؟
أنتُمْ مَـنْ هَدمتمْ
مَعَ الناسِ كُلَّ الجُسـورْ
فبأيِ حَـقٍ تكتبونَ الدُسـتورْ؟
لو بلعتُمْ ورقَ المـُصحَفِ
فما عُدنا نُصَدِقُـكُمْ
ومهما أقسَـمتُمُ اليَمينَ
فغيرُ مقبولٍ باتَ يَمينُـكُمْ
مهما أطلقتمُ الوعـودَ
فما عادتْ تُصرَفُ
وعودُكُـمْ
ومهما وضعتمْ مِـنْ دَسـاتيرَ
ففي القُمامَـةِ سـنَضَعُ
كُلَّ دَسـاتيرِكُـمْ
إنْ أحييتمْ كُلَّ مَـنْ
قتلتُـمْ
فلنْ ننسـى
أياً مِـنْ مجازرِكُـمْ
وإنْ أعدتمْ
كُلَّ مانَهبتُـمْ
فما عُدنا
بقادرينَ أنْ نُسـامِحَكُمْ
ومَهما قدمتُمْ مِـنَ
الإصلاحاتِ
فلنْ نُصالحَـكُمْ
ماعُدنا نَسـمعُ ماتقولونْ
فلأربعينَ عاماً ولايَـئِزُ
في أذاننا إلا
رَصاصُـكُمْ
وماعادتْ تصلُ إلينا أصواتُـكمْ
فلأربعينَ عاماً ولاتدوّي
في أسـماعنا إلا مَدافِعُـكُمْ
ماعُدنا نفهمُ اللغةَ
التي تتكلمونَ
فلأربعينَ عاماً ولايأتينا إلا صوتُ نَهيقِـكُمْ
ولانستطيعُ أنْ نتنفسَ
نَسـيمَ حُرِّيَتِـكُمْ
فلأربعينَ عاماً ونحنُ نتنفَسُ
عَفنَ سُـجونِـكُمْ
ولانستطيعُ أنْ نقبلَ كَرامتَـكُمْ
فلأربعينَ عاماً ونحنُ نتجرَعُ كؤوسَ ذُلِّـكُمْ
يؤسِـفُنا أنْ نقولَ لكمْ بأنَّـكُمْ
على تقديمِ أيِ شَـئ
ٍ قد تأخرتُـمْ
وإنْ وهبتمونا اليومَ كلَّ الدُنيا
سَـنقولُ لكمْ ردّوها
عليكُمْ جَمائِلَكُمْ
لانريدُ إلا شَـيئاً واحداً مِنـكُمْ
أرونا عرضَ أكتافِـكُمْ
فهذا البلدُ ماعادَ يتسِـعُ لكِـلَينا
فإمّـا الشَـعبُ وإمّـا أنتُـمْ
***
شـعر: طريف يوسـف آغا
كاتب وشـاعر عربي سـوري مغترب
هيوسـتن / تكسـاس
أمسية (سورية تتألم) لجمع التبرعات لضحايا الثورة السورية
السبت 3 ربيع الثاني 1433 / 25 شباط، فيبروري 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق