سنبحث اليوم في موضوع مهم ياصديقي, والذي نشأ عن الحاجة الملحة لاختيار رئيس حكومة مؤقتة لسوريا في ظل الظروف الراهنة, والتي سنركز فيها على من يستحق هذا المنصب حتى يقدم خدماته للشعب السوري وبصورة أفضل , فالمنصب لن يكون تشريفاً وإنما المنصب هو مسئولية كبيرة ستقع على عاتق هذا الشخص , فخطأه سيعم على المجتمع كله , وسيسقط على الأقل أخلاقياً أمام نفسه أو لاً وأمام الآخرين ثانياً ...إن كان ماضيه ينتمي إلى السيرة الأخلاقية الحسنة , ولكن إن كان ماضيه لاينتمي إلى المسار الأخلاقي الجيد , وإن كان يمتلك الكفاءة التي تؤهله لهذا المنصب, لأن السلوك الأخلاقي الذي تربى عليه وعاش عليه في سلوكه , سيجعل من الكفاءة تلك تتبع الهوى , فالتاريخ هو روح العصر , وهو روح الحياة عند الشخص .
المدير : هل تستطيع
التوضيح أكثر ياصديقي
حتى نستطيع الوصول لشخص
يشهد له ماضيه وسيرة حياته , والتي تأثرت بثقله الأخلاقي الذي يملكه , علينا أن
نأخذ عينتين اثنتين , ومن خلال المقارنة بينهما , يمكن أن نصل إلى الأحقية في
اعتماد عينة واحدة وتنحية العينة الأخرى .
أمام القوى السياسية
للمعارضة السورية حرية الاختيار في شخصين تم ترشيحهما لتولي هذا المنصب المهم ,
ولو فرضنا أن حرية الاختيار ستكون بعيدة عن التمحور الانتمائي أو العقدي أو
الطائفي , ويعتمد الشخص والذي يملك صوتاً يعطيه لأحدهما على القناعة في اختيار
الشخص حسب أحقية ذلك الشخص مراعياً في ذلك فقط كفاءة الشخص الذي سيعطى الصوت , على
أنه يملك الأحقية الأخلاقية في اختياره بعيداً عن الأهواء الشخصية , أو اعتقاده
الحزبي أو الانتمائي .
هل يمكن أن تختار لنا
العينتين ياسيدي الرئيس ؟
لاتقلق يامديري الغالي
فالفرصة أمامك موجودة , وسأضعك في المقارنة , او بالأحرى ستكون أنت العينة الأولى
, وشخص يتردد اسمه حتى يكون رئيس الحكومة المؤقتة , وسنجعله العينة الثانية ,
وعندها سنقارن بين العينتين ونعرض المزايا على الجمهور , ونجعل عنده حرية الاختيار.
المدير :يقلب على قفاه
ضاحكاً , مستهيناً بكلامي ...لا ..ومستغرباً من اختياري له حتى يكون النموذج الذي
سأفضله على أي نموذج آخر , ثم يعتدل لاهثاً من شدة الضحك ليهدأ بعدها قليلاً , ثم
يقول بصوت متقطع , ويسأل في غرابة : وهل تعي حقيقة ماتقول أم أنك ربما تسخر مني ,
أو أنك تقول ذلك مازحاً ياسيدي ؟
تأكد تماماً يادولة الرئيس
لاأقصد باختياري هذا إلا أنك المناسب بالفعل لهذا المنصب , وعلى ضوء هذا الاختيار
يمكننا أن نضع أسباب اختياري لك حتى تكون أنت رئيس الحكومة القادمة .
لنبدأ من النهاية ثم نعرج
على البداية , فعمرك الآن تجاوز النصف قرن , وأمضيت ثلاث وثلاثون سنة تكافح ضد نظام الطاغية حافظ
المجرم ومن بعده ابنه المجرم , ولم تستسلم أبداً قبل الثورة أو الدعوة للثورة
والمشاركة في الثورة , مع وجود أخطار كبيرة كانت تحيط بك وبأهلك وأولادك ,بينما
المرشح من العينة الأخرى كان ينعم بالمناصب ويتقلب مترفاً في عطايا الطاغية ويشارك
في جرائمه , ولم يترك المنصب إلا بعد أن وجد اغراءات خارجية تفوق الاستفادة من
الطاغية , بالإضافة إلى الشعور عنده في أن أيام سيده قد أصبحت معدودة ويسير إلى
حتفه بسرعة كبيرة هو ونظامه .
فلقد سجنت في كل دولة ذهبت
إليها وعشت فيها , ومن ثم خرجت منها ترحيلاً على بغل أو ربما حمار لايقي جسمك سوى
لباس يستر عورتك , كما خرجت أول مرة من سوريا , وقاتلت أختك حتى استشهدت , واعتقل
والدك واعتقل جثمان اختك الطاهر , واعتقل شقيقك وأمضى اثنا عشر سنة في سجون
الطاغية المجرم , واختفى والدك وشقيقك الآخر منذ أكثر من ثلاث عقود , وأنت حرمت من
زوجك وأولادك تسع سنوات , وسجنت طويلاً وعشت في فقر وجوع وحرمان سنين طويلة , ولا
تحمل جواز سفر ولم تسلم نفسك لجنسية أخرى , ولا تحمل أي وثيقة رسمية , ومتابع
للثورة قبل ولادتها بسنين طويلة , ومن مفكريها ومثقفيها ومقوي عزمها وعنفوانها ,
ولم تتم دعوتك لحضور أي اجتماع للمعارضة لافي الداخل ولا في الخارج , مع تاريخك
وحياتك المشرفة , والكفاح ضد هذا النظام المجرم , وعدم دعوتك لأي اجتماع أو ضمك
لأي تكتل لهو شهادة رائعة منهم لك في أنك الشخص المجاهد والذي لايمكن أن يساومه
أحد على مبدأه , بالإضافة إلى شهادة النظام المجرم في أنك معارض غير شريف ويجب
التخلص منك , ولم تعتبرك المعارضة لاشخصية وطنية ولا شخصية فكرية ولا ثورية ولا
حتى زبال .
وفوق هذا كله تملك صفات
السياسي البارع ودماثة الأخلاق ومن عائلة مرموقة , وتحني رأسك عند وقوفك أمام الفقير
المعدم والعامل البسيط , وتقف شامخاً مرفوع الرأس أمام المقتدر والغني وصاحب
المقام الرفيع كما يشاع .
ويهمك بالدرجة الأولى هو
الانسان وكرامته وأخلاقه , والمنصب مهما رفع أو تواضع فصاحبه يبقى إنسان ولا فارق
بينهما في المعاملة أو الاحترام , وأعلم يقيناً أنه لو تم اختيارك رئيساً للحكومة
, وجاء وقت استراحة الغداء في مبنى الحكومة لوقفت في الطابور تنتظر دورك لتحصل على
فنجان من الشاي على سبيل المثال , حتى ولو كان يقف أمامك عامل النفايات في مبنى
الرئاسة .
فهل تستطيع بعدها أن تقول
أن اختياري لك هو نكتة الموسم أم انك القوي الأمين ؟
والعينة المقابلة ياصديقي
هي العينة التي تربت في الفساد والظلم ونشأت فيه وباعت نفسها ومستعدة لذلك في كل
وقت وحال لسانها يقول: مستعيراً جملة لفولتير يقول فيها مع بعد التغيير (لاتكن
رجلاً واتبع خطواتي ) , أما أنت تقول : كن رجلاً ولا تتبع خطواتي , وإن خالف شخص
رأيك فستقول له :
رأيي صحيح , ولكن سوف
أقاتل العالم كله حتى أثبت أن رأيك هو الصحيح .
يتبع.....ج12
د.
عبدالغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق