بعد
أن فقد الأسد وعصاباته القضاء على ثورة الكرامة والحرية والعدالة والديمقراطية
بالسلاح، ها هو اليوم يلجأ إلى حرب الخبز، من خلال قصف المخابز في المناطق المحررة
وقتل الجياع الذي يقفون ينتظرون لقمة العيش التي تجود بها الأيادي التي مازال فيها
رمق عيش؛ ولم تصلها آلة الفتك الأسدية بعد.
من
بديهيات السياسة أن شرعية اي حاكم تأتي من خلال تأمين اساسيات العيش الكريم للشعب ،
وأساسيات العيش الكريم على راسها تأمين رغيف الخبز و الأمن .
لكن في سورية فإن شرعية النظام تأتي من خلال حرمان
الشعب من هذه الأساسيات وهو منذ بداية الثورة ، كان يلجأ إلى حرمان المصابين من
العلاج في المشافي العامة نتيجة الاصابات التي يتعرضون لها خلال المظاهرات ، ومن
ثم بدأ بمسلسل حرمان المناطق الثائرة من مقومات العيش الكريم بدءا من الكهرباء
والماء والمازوت والبنزين وليس انتهاءا في رغيف الخبز.
وهو
بذات الوقت يمن عليهم بنعمة الاستشهاد لأنه بات يعلم أن عيشهم اليوم لم يعد كريما ،
لذلك يمنحهم الموت الكريم من خلال الشهادة التي سوف يكرمون بها من لدن رب هذا
الطاغية.
و
المفارقة أن الطاغية بات يشترك في منح هذه الشهادة مع جهات تدعي أنها حريصة على
حياة الشعب السوري ، فأكثر من يعاني من أزمة
الخبز اليوم هي المناطق المحررة والتي لها حدود على الدول التي مازالت تدعي أنها
تتعاطف وتساند الثورة بكل ما أوتيت من قوة، وهي تدعي الحكم الرشيد وتتبنى البعد
الأخلاقي في سياستها .
فما
سبب حظر مادتي الطحين والمازوت عن أكبر تجمع بشري في البلاد؟... وما المانع
الرئيسي الذي يعوق تأمين طرق الامداد الرئيسية بين صوامع الحبوب والمدن المحررة؟،
ولماذا لم يكن في حسبان تلك الدول أو الائتلاف الوطني السوري أو الكتائب المقاتلة
أن هذا الطاغية لا يوجد لديه خطوط حمراء في التعامل مع الشعب الثائر؟.... ، وهل
غاب عنهم أن أولى أولويات الأسد وعصابته هو اخضاع الشعب بأي وسيلة كانت حتى وصلت إلى رغيف
الخبز؟....
فالمدينة
لا يفصلها عن حدود أكثر دولة تدعي أنها مع الثورة سوى بضعة كيلومترات، و هي تعلم
أن حدودها تحت سيطرة الثوار. والثوار صرحوا أكثر من مرة أن الطريق حتى حلب خالية
من قوات الأسد ، و لا تحتاج سوى إلى حماية جوية من طيران عصابات الأسد الغاشمة .
فما الذي يمنع المجتمع الدولي من تسيير قوافل الدقيق
لإنقاذ حلب؟ يسأل أحدهم....
و
هل علينا أن نبقى نتفرج والناس تأكل الخبز اليابس أو تموت من الجوع؟ يسأل آخر.....
بالأمس
كان اجتماع رئيس الائتلاف معاذ الخطيب مع الدول الاوربية والتي وعدته بالدعم
المالي والاغاثي وللأسف أجلت حتى الوعد بالدعم العسكري !!!!....
فأين
هي وعود المساعدات والأموال التي أعلنت عنها الحكومات الأوربية؟ يسأل ثالث....
أم
أن هذه الدول اكتفت باعتراف بعضها بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري !!!.
وأين هي خطة الائتلاف الوطني السوري التي ما
فتئوا يتفاخرون بها قبل تقديم مشروعهم لاستلاب الشرعية من المجلس الوطني؟ !..
فهل
ننتظر حتى تكتمل البنية الهيكلية للائتلاف ومكاتبه وتشكيل الحكومة المؤقتة حتى يبدأ
الائتلاف بالمطالبة بوضع الخطط الاغاثية؟!!!.
فالذي
يريد تحمل المسؤولية عليه أن يقدم شيئا ما في هذه المحنه ، وإلا فالأشرف له أن ينسحب، لأننا لم نعد نحتمل معارضة كرتونية ، ولا نريد توزيع مناصب جهوية أو حزبية أو
قبلية بالمجان ، و لم نعد نحتمل الخيانات ، فمن اراد أن يعمل بإخلاص فليتقدم وإلا
فنحن أول من يتصدى له قبل غيره.
إن
الحسنة الوحيدة في أزمة رغيف الخبز هذه؛ أنها وحدت الشعب السوري فكلهم أصبحوا جياعا
ورغيف الخبز كفيل بأن يلم شملهم اليوم....
بالأمس
نهض العالم مرتعبا وهو يضع خطا أحمر لاستخدام الكيماوي ضد الشعب السوري ، وهدد
باستخدام القوة إن لجأ الأسد وعصابته إلى استخدامها.
لأنه
يريد للشعب أن يموت جوعا أو أن يعيش ذليلا تحت نير طاغية العصر.
وخطه
الأحمر هذا قابل للإزاحة كما فعل سابقة عندما قال أن حماة خطا أحمر حتى اصبح اليوم اسطنبول خط أحمر .
و
هو يستخدم خطوطه فقط لحاجة أخلاقية تمسه أما مجتمعه الداخلي ، و يدرك أن خطوطه الحمر
لن تصنع نصرا ولن تمنع قدرا ، ولن تثني ارادة شعب .
فالشعب
السوري رغما عنهم اراد الحياة وعلى القدر أن يستجيب ، وعلى الليل أن ينجلي ، وعلى
القيد أن ينكسر، مهما طالت المعاناة ، ومهما بلغ التآمر .
وهو
يصنع خبزه بدماء أبنائه، فثورته هي ثورة الدم والخبز ، ولن يذل شعب يعجن طحينة
بدمائه كي يطعم أطفاله خبز الحرية .
ولن
يستطيع الأسد استرجاع ما فقده من سلطانه من خلال رغيف الخبز هذا.....
الدكتور
حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق