الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-12-13

لاتهرب .. ؟؟!!...ثوان قليلة من فضلك ........ د. عبد الغني حمدو


من عادتنا كشعوب عربية واسلامية  والمتحكم في سلوكياتنا الممتدة عبر الأجيل المتعددة , أن المتحكم بنا هو عواطفنا , ونصور أنفسنا أننا نحن أهل العاطفة فقط , وعلى العالم اجمع ان يعاملنا بالمثل , أو أن يكون منقاداً لنا , على ماتمليه علينا أهواءنا , والمتحكم بالغالبية منها هي العاطفة , والعاطفة ليست ثابتة , فقد تزيد أو تنقص , او تختفي عند بروزها لأمر يثيرها , ومن ثم تنطفيء لتحل محلها عاطفة أخرى أو عواطف متعددة , ولكن لو اعتمدنا السلوك العاطفي , مع تحكيم العقل وتهذيبه لعواطفنا لاختلف مقامنا النفسي والمادي , بالاضافة إلى قد نتفوق على أمم كثيرة كانت قد سبقتنا بقرون أو عقود متعددة .


لنعالج اليوم قضية مهمة لها دلائل عاطفية تهتف فيها حناجر كثيرة , مرتبطة بعاطفة ناتجة عن أن القضية تستحق هذا الارتباط العاطفي , مع السعي للاستنكار والتحدي في ذات الوقت .

وعند تحكيم العقل فيها والموازنة بين الفائدة العامة والضرر الناتج عن الانجرار وراء هذه الثورة العاطفية , سنجد أنفسنا في المحصلة أننا قد قدمنا خدمة كبيرة لعدونا الذي يحاربنا والمتربص بنا.

إن أمريكا ستضع جبهة النصرة تحت مسمى منظمة ارهابية , وهذه التسمية أثارت المشاعر عند الثوار السوريين والمؤيدين لهم , وحالات الغضب علت على وجوه الغالبية منهم , ووجدت الدعوات لمناصرة الجبهة , والبعض يقول كلنا جبهة النصرة , وهي تمثلنا , وعلينا تسمية الجمعة القادمة باسمها , وابرازها بصورة منقطعة النظير , محمولة بعواطفنا الجياشة تلك.

لذلك أخي الثائر واختي الثائرة , ياأبناءنا وإخواننا  ثوان قلية فقط  , بعدها ستكون أنت المسئول عن النتائج وسيصيبني الضرر كما يصيبك , وبدلاً من أن نُفشل مخططات أعداءنا الشريرة والموجهة ضدنا , فبالانجرار وراء تلك العواطف سنقدم له خدمة رائعة ومجانية لتنفيذها علينا .

ندرس الواقع على الأرض , ونستفيد من تجارب مضت , ومن بعدها نحكم عقولنا , وهي حتماً ستهدينا سبيلاً تقل فيه الخسائر على حساب المنافع والفوائد .

هيكلية المواقف الواضحة أمامنا تقول , أنه يوجد أمامنا ثلاث رؤى وهي:

الأولى :جبهة النصرة والتي تلتقي معها على نفس العقيدة

الثانية : الغرب وبزاعمة أمريكا ويلتقي مع هذه العقيدة الموجهة ضد فكر جبهة النصرة ومثيلاتها الكثير من المواقف الدولية والاسلامية على المستوى الشعبي .

الثالثة : هم المستفيدون من عمليات جبهة النصرة , وعندما تنتهي المنافع منها وهو اسقاط النظام قد ينقلب غالبيتهم عليها ليقفوا إلى جانب الفريق الثاني .

وشعبنا السوري قد ينتمي غالبيته إلى التقسيمات الثلاثة أعلاه , ولكن هناك حالات من الاعجاب والتقدير , على أن جبهة النصرة تحقق لهم منافع وقتية في أنها تضرب بقوة العصابات الحاكمة , وتسليحها ودعمها لهما مصادر جيدة يفتقد الكثير من الكتائب والألوية الأخرى تلك القوة والدعم المادي بالاضافة للفكر الجهادي والذي تنتمي إليه جبهة النصرة .

المواقف الغربية وتوابعها , تقف بحزم ضد فكر وعناصر جبهة النصرة , والمصنفة حسب تصنيفهم أنها تنتمي لفكر القاعدة , والمعادية لهم , والفئات التي تحمل الفكر نفسه ومنها جبهة النصرة لها نفس المواقف المعادية , فهما عدوان لبعضهما .

وبنظرة فاحصة على هذا العداء المتبادل بين الطرفين , وبأثر رجعي ومتواصل , والنتائج المكتسبة للفصائل والتي تسير على منهج جبهة النصرة , أن النتائج كلها كانت لصالح عدو جبهة النصرة, فكل جهة تنظر إلى أن فكرها ومبادؤها هي التي يجب أن تسود , واعتماد القوة في ذلك.

وهذا الواقع لاينكره إلا كل جاحد أو غير عاقل , أو من اعتاد أن يهرب من الواقع ويتغاضى عنه ليدس رأسه في الرمال حتى لايرى ماحوله كما تفعل النعامة .

فالغرب وبزعامة أمريكا , ستجعل من جبهة النصرة حجة دامغة ومدعومة من غالبية الدول لمحاربتها والقضاء عليها , وستسخر القوى المحيطة والمتعايشة معها للقضاء عليها في المستقبل كما فعلت قوات الصحوة في العراق للتخلص من التوحيد والجهاد فيها .

إن قيادات جبهة النصرة وعناصرها , لاأحد ينكر بطولاتهم وتضحياتهم , ولكن هذا لايعني أن مايريدونه بعد التحرير يلائم الشعب والأرض السورية , وحتى لاتستخدم هذه الحالة لدعم النظام المجرم من خلال الفتنة بين الثوار , فعلى جبهة النصرة أن تكون واقعية في تعاملها وتصرفها , وتعلن عن حل نفسها وانضمامها للقيادة العسكرية المشتركة كعناصر , وليس ككتلة مع الاعلان عن أن هدفها هو اسقاط العصابات المجرمة في سورية , ولن تخرج عن نطاق شرعية الحكم القادم , والتي ستقود البلاد لما هو خير بإذن الله تعالى .

لقد حاولت التشكيلات المتوافقة مع جبهة النصرة بفكرها , أن تزرع شجرة ماتؤمن فيه على صخرة , وغاب عنها أن الشجرة لايمكن أن تنبت إلا في مكان تقتاد منه الغذاء حتى تنمو وتثمر, وأن تكون في بيئة مناسبة , لذلك كل تضحياتهم كانت تذهب الرياح , مع الخسائر الكبيرة والتي حلت بنا بفقدان خيرة شبابنا  .

فلا يمكنك عزيزي أن تقيم مشروعاً في محيط يضمر لك الشر في جميع الأوقات , وإنما عليك أن تنشيء مشروعك بعد أن تكون قد أعددت له كل المستلزمات البيئية والبشرية والمادية , وأن تكسب رضا الغالبية من حولك عندها يمكنك المنافسة على نجاح مشروعك بين تلك المشاريع المجهزة والمتجهزة والتي هي قيد الانشاء .
د.عبدالغني حمدو



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق