الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-12-01

مُغَالطات في عَصر الثورة السورية (4 من4) - بقلم: الدكتور محمد بسام يوسف


 انتهاكات يرتكبها الطرفان المتصارعان
بين الفينة والفينة، تصحو بعض المنظمات العالمية الكبرى لحقوق الإنسان من سباتها، لتصدم الشعب السوريّ بتجلّياتها المشبوهة: [على طرفي الصراع في سورية، التوقف عن انتهاكات حقوق الإنسان]!..

إنها أفضل طريقةٍ وأقصرها، لخلط الأوراق، وتضييع الحق بالباطل. فهذه المؤسسات العالمية العمياء، لا تعترف بأنّ هناك ثورةً شعبيةً سوريةً على الاستبداد والظلم والقهر والقمع والاضطهاد، فتنام عن جرائم النظام الأسديّ مدةً، يَقتل -خلالها- هذا النظامُ خمسةَ أو عشرةَ آلافٍ من السوريين.. ثم تصحو على صوت استغاثةٍ لبلدةٍ أو مدينةٍ أو قريةٍ سورية.. وتطلق تصريحها المشؤوم المذكور آنفاً!..


إطالة أمد الثورة قبل أن تبلغ منتهاها، ومَدّ العصابات الأسدية بـِحُقَن القوة النفسية المعنوية، ومَنح هذا النظام المجرم مَزيداً من الوقت والـمُهَل لسحق الثورة.. كل ذلك أصبح من الفنون العصرية التي يتقن وجوهها وممارستها أساطينُ النظام العالميّ الحاليّ، الممتدّ من موسكو وطهران إلى شواطئ المحيطَيْن: الأطلسي والهادئ، مروراً بكل الدول الغربية، لاسيما تلك التي تجتمع كل بضعة أشهر، تحت يافطةٍ خادعة: (مؤتمر أصدقاء الشعب السوريّ)، لتتفنّن في تطويق (لا تقديم) المساعدات الإنسانية والإغاثية والعسكرية، التي يمكن أن يقدّمها أهل النخوة والمروءة، إلى شعبنا السوريّ وثورته المجيدة!.. فهي دول صديقة!.. و(الصديق عند الضيق)!..
*     *     *
معارضة الداخل ومعارضة الخارج
لكي تكتمل أكذوبة الإعلام العالميّ، فقد اعتُمِدَت (لازمة) إعلامية، اشترك بصياغتها بعضُ حثالات الأحزاب السورية الخيانية، التي منحت نفسها وساماً مُزَيّفاً اسمه: معارضة الداخل!..

لم تجد تلك الأحزاب الخيانية التي تشكِّل جزءاً لا يتجزَّأ من (متحف) الفساد للنظام الحاكم.. لم تجد، لإضفاء البريق الكاذب على سَوْأتها، سوى حقيقة وجودها داخل سورية، والحقيقة، هي أنّ وجودها ذاك، ليس له من تبرير، سوى عمالتها للأجهزة المخابراتية الأسدية، وبالتالي تحالفها الأبديّ مع النظام الأسديّ، فهي في أمان.

أما المعارضة الشريفة الحقيقية، فقد طوردَت، ونَكَّل النظامُ بها، فقتل واعتقل وهجّر أشخاصها ورموزها، وصار من المتعَذَّر عليها أن تعلن وجودها في الداخل السوريّ، على الرغم من وجود نشاطاتها وقواعدها هناك!.. لكن المارقين الذين يخونون الشعب السوريّ وثورته، والداعمين الدوليين لهم، الذين هم في الحقيقة يدعمون النظام الأسديّ نفسه.. لكن هؤلاء جميعاً، لا يكتفون بتضليل الناس لتبييض صفحة المعارضة الخيانية، بل يشوِّهون حقيقة المعارضة الشريفة النـزيهة، فيصنِّفونها على أنها (معارضة خارج)، أي عميلة للدول التي يقيم فيها رموزها، فضلاً عن أنها بعيدة عن ساحة الثورة، ومنفصلة عنها، وبالتالي لا يحق لها -حسب زعم عملاء النظام وحلفائه- أن تتحدّث بالقضية السورية، أو أن تهاجم النظام الدكتاتوريّ المستبدّ!.. بينما الحقيقة الناصعة تقول: إنّ المعارضة الموجودة -قسراً- في الخارج، لها امتدادها الحيّ في الداخل، بمختلف الأشكال، فهي موجودة في الداخل والخارج.
*     *     *
مراوغات صفويّة غبية
المجرم بشار بن حافظ أسد، يزور موقع (الجنديّ المجهول)، ليضع عليه إكليلاً من الأزهار والأوراد، بينما جيشه الطائفيّ الخائن، يدكّ المدن والقرى السورية، ويُهلِك الحرث والنسل!.. ويحتفل بشار بذكرى (حرب تشرين) التي باع فيها أبوه بقية الجولان.. بينما جيشه المهزوم المسالم في الجولان، يحتلّ كل مترٍ سوريٍّ مربَّعٍ، وينتشر في طول سورية وعرضها!..
يزعم الصفويون، الداخليون والخارجيون، بأنهم أهل بصرٍ حادٍّ وبصيرةٍ ثاقبة، فهم يتحدَّثون عن (مَظلوميّتهم) المزعومة التي أصابتهم منذ ألفٍ وأربع مئة سنة، كما يزعمون.. يتحدّثون عنها، ويصفون تفاصيلها الخرافية، وكأنها تحدث الآن أمامهم، بل أمام العالَم كله.. لكنّهم عندما يتحدَّثون عما يجري في سورية حالياً أمام نواظرهم ونظر العالَم كله، فإنهم يُمطرون وسائل الإعلام بحقائق وهميةٍ لا وجود لها، إلا في أرشيف الأجهزة الأسدية وقواه الإجرامية التضليلية، فيصفون الثورة السورية والأوضاع في سورية على أنها: عصابات مسلَّحة، ووهابيون، وقاعديون، وحريريون، وغزاة من خارج البلاد، وعدوان للدول المجاورة على النظام الوطنيّ السوريّ.. وإصلاحات أسدية، وودعوة صادقة من قِبَل النظام لحوارٍ داخليٍّ بنّاء.. إلى آخر الأوصاف لواقعٍ وهميٍّ لا وجود له، إلا في باطن شَبَكِيّات عيونهم الحولاء، وفي أعماق بصائرهم التي تعتنق النفاق اعتناقاً أزلياً!..

يأخذ هؤلاء الصفويّون كذلك، على الأحرار من العرب والمسلمين، أنهم (أي الأحرار) وقفوا مع الرئيس صدّام حسين -رحمه الله- عام 2003م، فلماذا يقفون ضد بشار أسد في عام 2011م؟!.. بينما يبرِّر هؤلاء الصفويّون دعمهم للمجرم بشار، بهذه الرؤية وهذا المنطق!.. لكن هؤلاء الحمقى المضلِّلين، يتجاهلون أنّ وقوف بعض أحرار العرب والمسلمين مع الرئيس صدام حسين (رحمه الله)، كان في حرب تصدّيه للاحتلال الأجنبيّ السافر للعراق، الذي قادته دول استعمارية، كأميركة وبريطانية، بتحريضٍ صفويّ.. بينما المجرم بشار أسد حالياً، يهاجِم سورية وشعبها، ويحتلّ -مع عصاباته وجيشه الطائفيّ وشبّيحته- كل أنحاء البلاد السورية التي يحكمها، ويرتكب فيها من المجازر والتخريب والتدمير.. ما لم يُرتَكَب مثيله في التاريخ السوريّ كله!..
بئس البشر هؤلاء الصفويّون.. بل بئس البقر هم!..
30 من تشرين الثاني 2012م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق