سؤال ما زال
يلح علي بدون أن أعثر على إجابة؟ كيف يمكن رؤية هذا التناقض بين رياض الترك
(الشيوعي) الذي نام في زنزانة انفرادية سبع عشرة عاماً من أجل أفكاره في الحرية
ويعتبر حسب لوغاريتم رجال الدين هرطيقا.
وواعظ السلطان
الذي أقسم أن ابن الطاغية الذي مات يطير في الجنة بجناحين؟
لقد كانت
الكنيسة يوما تبيع تذاكر لدخول الجنة وتعالج السعال الديكي بلبن الحمير وتحرق
الساحرات والكتب والقطط في الساحات العامة؟ وفي آشور كان الكهنة يتقنون الكتابة
ولكنها كانت حرفة للتضليل أكثر من بث الوعي.
واليوم يجتمع
ثلاثي من (الكهنوت) و(الجبت) و(الطاغوت) في تجهيل المواطن العربي بالكتابة
والفضائيات. واجتماع ثلاثة لا يعني ثلاثة بل أكثر من ثلاثة. وكل له سلاحه الخاص.
فالـ (الكهنوت) يغتال العقل بالوهم و(الجبت) يغيب الوعي تحت غبار الكلمات
و(الطاغوت) يستعبد الناس بالقوة. وهكذا يؤكل المواطن بالطول والعرض فلا يبق منه
مواطن بل أسير في سجن كبير اسمه الوطن.
(الكهنوت) هم
وعاظ السلاطين ورجال الدين حيث لا رجال دين في الدين. و(الجبت) هم مثقفو السلطة
المتأهبين لطلي مساحيق التجميل لوحش وتقديمه للجماهير أنه ملكة جمال العالم.
و(الطاغوت) هم رجال المخابرات والحرس الجمهوري الجاهزون للقتل تحت إمرة
فرعون. وكلاً من الكهنوت والجبت والطاغوت متفاهمون متعاونون، وفي التاريخ
كان فرعون وسيد الكهنة يخرجان على جمهور مخدر فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول
غرورا أن فرعون من نسل الإله فيخر الشعب له ساجدين.
وفي لبيان
أصدره الاشتراكيون في مطلع القرن الفائت تم التعبير بشكل فاضح عن حقائق مغيبة على
شكل طبقات فكل له وظيفته في سيمفونية التعذيب: السلطة تحكم بالسيف. ووعاظ السلاطين
يحللون الظلم بنصوص نزلت ضد الظلم. ومثقفو السلطة يخدرون الوعي مقابل ثمن يقبضونه
ومراكز يمنحونها.
وعساكر يقتلون
محافظة على النوم العام. وفي أسفل الطبقات عمال وفلاحون يطعمون كل الطبقات الملكية
على ظهورهم طبقا عن طبق.
(واعظ
السلطان) يصدر الفتوى على المقياس حسبما أصدرها رجال الحزب والزعيم الملهم. وعلى
المواطن دخول عصر المعلومات من ثقب أمني يتسع لدماغ قملة. ومن يكتب يجب أن يقول
قولا لا يوقظ نائما ولا يزعج مستيقظا. ومن عاش في ظل النظام العربي فيجب أن يفتح
كتب النبات فيحفظ (وظائف النبات) جيدا فهذا أسلم للعاقبة. فالنبات يتنفس ويتكاثر
ويمكن للمواطن العربي أن يتنفس وينجب أولادا للعبودية. وفي عصر السلطان عبد الحميد
كان من حرك العوام ضد جمال الدين الأفغاني أبو الهدى الصيادي مفتي الديار
العثمانية. وفي عهد نابليون الثالث فتح سجن في غوايانا الفرنسية أخذ اسم جزيرة
الشيطان. وبقي السجن يعمل بكامل الطاقة بعد أن مات نابليون الثالث بدهر فهذه هي
مهزلة التاريخ أن من يفتح ملفات الشيطان لا تغلق بعد موته. وإذا دخلت الديكتاتورية
بلدا فمات الديكتاتور فابنه جاهز وحفيده من بعده أجهز؟
وأما
(مثقف السلطة) فهو يؤكد أن الاعتقالات مؤشر صحة للأمة لأنه دليل المقاومة فلولا
العافية في الأمة والاعتراض لما كان هناك سجون واعتقالات؟ وهذا يفيد أن كندا عقيمة
سياسيا لأنه لا يوجد سجون ومعتقلو رأي. وهذا المثل يذكر بنكتة المجنون الذي سئل عن
الجسر لماذا صنع فأجاب: من أجل أن يمر النهر من تحته؟
ومناقشة مثقفو
السلطة عقيمة ويذكر بالحوار الذي جرى بين المجرم الصربي (رادوفان كاراديتش)
ومجلة (الشبيجل) الألمانية فعندما سألوه عن اغتصاب خمسين ألف امرأة على يد الصرب
قال: من فعلها هم المسلمون؟ قالوا: فما بال القبور الجماعية؟ قال: هي جثث الصرب؟
وهو يعرف أن الجثث لا تتكلم؟ وفي معركة صفين ارتج معسكر معاوية بخبر مقتل عمار
لوجود حديث يفيد أن عمار تقتله الفئة الباغية فأنهى معاوية الجدل بسرعة وقال: من
قتله هو من أخرجه للقتل؟
ورياض الترك
الذي خرج من مدفنه بعد دفن الطاغية يرى أن النظام الشمولي الذي اشرف على بنائه
مجرمون محترفون "نظام غير قابل للإصلاح"؟!. وأن ما يحكم النظام الشمولي
"توازن الضعف" فالحكومة ضعيفة عاجزة. والمعارضة مفككة. وكل تغيير
وزاري هو (تقليع) موظف انتفخت جيوبه بالرشوة إلى موظف جديد فارغ الجيب. والشعب
ينتظر الخلاص بالدعاء واللعنات. مثل من يريد إطفاء حريق بانتظار سحابة صيف عابرة.
وأن النظام الشمولي ظاهره الرحمة وباطنه العذاب. فهو يلعن أمريكا جهرا بقدر ما
يتعاون معها سرا. والمهم أن تبقى العصابة في الحكم بأي ثمن ولأطول فترة.
خرج جحا يوما
على الناس بالسواد قالوا له خيرا من مات؟ قال: البارحة مات والد ابني تقبل الله
عزاءكم؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق