الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-08-16

صورة من جحيم دانتي.. الجذور الخلفية البعيدة للثورة السورية الحالية- بقلم: د.خالص جلبي

في المقابلة الهامة التي تحدث فيها الفارس (السفير السوري المنشق) عن القاتل المعتوه (حسن الجميل) رئيس الاستخبارات الجوية صورة سيريالية من القباحة والنذالة؛ حين افرغ رصاصات مسدسه في صدور اثنين من المحامين وهو يحقق معهما في شبهة حامت حولهما.
فعل ذلك لأنه غضب حين تواردت له الأخبار بقتال بين مفرزة أمنية من عصاباته مع شباب الثورة في دمشق.
هذه القصة ليست جديدة علينا ولكنها صادمة للرأي العام لرجل كان من مكونات نظام سابق يتهاوى الآن بأقدام من صلصال كالفخار.
هذه القصة وأضرابها تفتح الباب على الجذور الخلفية للثورة السورية الحالية.
أنا شخصيا غسلت يدي من بلدي وقلت كما قال إبراهيم إني مهاجر إلى ربي وجعلها كلمة باقية في عقبه.


قطعت الأمل من شعبي وإمكانياته في وجه هذا الغول الدموي..
ثم حدثت معجزة تمرد روح الله في الإنسان.أثبت الشعب السوري أنه أسطوري صدقا وعدلا.
لو كنت في سوريا هذه الأيام كنت بالتأكيد مع آلاف القتلى فأنا أعرف هذا النظام الذي استضافني أربع مرات في زنازينه وأقبيته ومعسكرات اعتقاله.
لست الوحيد وأستطيع القول بدون مبالغة أنه ليس ثمة من عائلة وحارة وعشيرة وشارع ودسكرة وقرية وبناية إلا واستضاف أحدا من أبنائه إلى معتقلات البعث الأسدية؛ قتلا واغتصابا ونهبا وعدوانا وإهانة وتعذيبا وتحيزا وإبعادا وتحقيرا. بحيث أصبح الشعب السوري بين أسير وقتيل ومنفي للداخل بالانسحاب أو للخارج بالهجرة.     
سوف أحاول في هذا البحث تقديم صورة متواضعة عن الجذور الخلفية للكارثة.

كتاب تذكرة ذهاب وإياب إلى الجحيم التي نشرها محمد الرايس عن سجن تزمامارت مات فيها عشرون شخصا في عشرين عاما وكتب عنها أكثر من عشرين كتابا. لكن ما جرى في تزمامارت السورية (تدمر) يحتاج إلى عشرين ألف كتاب.
حتى يمكن فهم الجذور البعيدة لما نرى من فظاعات في سوريا علينا أن نرجع إلى الخلف ثلاثين سنة؟

من كوارث تلك الحقبة الجهنمية التي لم يخلص من قبضتها الشعب السوري قصص لا تنتهي منها قصة الخالة (نور) التي  تجاوزت الثمانين وما زالت تنتظر خروج ابنها من السجن منذ ثلاثين عاما.

ليس من محكمة وحكم ولكنه رازح في سجن صيدنايا في دمشق.
يوم الاثنين 30 يوليو 2012 م أرسلت لي ابنتي الصغرى بشرى من كندا تقول أن الخالة نور توفيت ولم تحظ بعد بالاجتماع بابنها.

هل هو محكوم مؤبد؟ لا أحد يعلم وليس من قرار محكمة بل هي سوريا الغابة والعصابة وفصيلة السنوريات في هذه الغابة التي تسرح فيها الضواري في سفاري مفتوحة إلى أجل مسمى.

قصة الخالة نور ليست الحالة النادرة والوحيدة في سوريا.
أنا شخصيا كان لي شرف الاستضافة في سجون البعث أربع مرات مع حفلات التعذيب. ما يشاهده الناس حاليا في الإذاعات عن الفظاعات رأيتها أنا رأي العين؛ فأنا شاهد ومشهود.

ومن الواجب التاريخي أن أفعل ما فعل (خليفة) في كتابه (القوقعة ـ التلصص من الداخل) أو ما فعله (محمد الرايس) في كتابه (تذكرة ذهاب وإياب إلى الجحيم).

وهو ما أحببت عنونته لهذه المقالة بعد أن غطست ليومين متتالين وأنا أقرأ مذكرات (خليفة) المسيحي الذي اعتقل بتهمة أنه من الإخوان المسلمين !! إي والله!! وبقي بهذه الغلطة 12 سنة في سجن تدمر بعدها في ثلاث فروع أمنية فأكمل 13 سنة و3 أشهر و13 يوما.

تحدث في كتابه (القوقعة) عن سجن (تدمر) وسجن (عدرا) في ظل نظام البعث الجهنمي؛ ولكن السجن الصحراوي حيث مملكة زنوبيا له قصة متفردة حيث تم دفن عشرات الآلاف من خيرة الشباب السوري وبأشنع القتلات ليس مرة واحدة كما حصل في ليلة واحدة من حصد روح ألف جامعي بما يستحي أمامه سجن بوسليم في ليبيا.

مات آلاف الشباب ألف موتة قبل أن يموتوا الموتة الأخيرة.
كانت محنة هذا المسيحي أنه تغلف في قوقعة مزدوجة الجدار من المتشددين الإسلاميين في الداخل حينما اكتشفوا أنه نصراني نجس (كذا) فلم ينقذه إلا جوار بعض العقلاء.

والثانية صدفة قادت إلى فتح ثقبة في الجدار حيث ينام على بطانيات قذرة مصابا بالجرب والقمل؛ فكان يرى حفلات التعذيب والإعدامات رأي العين، فرأى من سادية غير مفسرة عند أناس سهلت لهم الظروف التحكم في أقدار ومصائر وحياة أناس، قادهم حظهم العاثر إلى هذا القبر الكبير، حيث وجد فعلا منكر ونكير بكل أدواته المخيفة، بأحكام إعدام لا تأخذ من الوقت أكثر من دقيقة، وشباب يخرجون شبه عراة إلى المشانق، قد ألصقت أفواههم بشريط فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون. ليس أمامهم ما يفعلون سوى استقبال الموت.

وصفهم بأنهم كانوا شجعانا في معظمهم، وإن كان هناك من ارتخت مصرَّاته فسالت محتويات أحشاءه فوق رأس الوغد الشانق الذي يأبى إلا أن يسحب الجثة وهي معلقة في الحبل الغليظ، بعد أن طالت لحظات موته فلا يسترخي بسرعة كما حصل مع البقية الذين استسلموا للموت.

أعترف للقارئ أنني غرقت في الكتاب ذو 375 صفحة فأنهيته في أقل من يومين، ولكنني دخلت حالة من الغيبوبة، وتدفقت دموعي على خدي ثلاث مرات في ثلاث مناسبات من الكتاب، الذي يصلح أن يخرج فيلما يمثل أحلك فترة مرت فيها سوريا المعاصرة.

ومن هذه القصص المروعات التي يجدر أن تحتل قائمة أفضل الأفلام أشير إلى كتاب الإخوان والثورة لـ (حسن العشماوي) أو كتاب (السجينة) لمليكة أوفقير، أو كتاب الرايس عن زيارة الجحيم. أو كتاب فرانكل عن بحث الإنسان عن المعنى في ظلمات سجن آوسشفيتس. أو (ماجلان) لستيفان تسفايج. أو العراقي الجادرجي الذي سجن هو وزوجته فكتبا معا (جدار بين ظلمتين). أو كتاب (العتمة الباهرة) لابن جلون. 

بكيت في كتاب (القوقعة) مع بكاء والد الشهداء الثلاثة أسعد وسعيد وسعد وضباط الإعدام يضحكون عليه (حجي .. حجي أيهم تريده أن يعيش؟) ما ذكرني بفيلم (الاختيار The Choice) الذي مثلته الممثلة المشهورة (ميريل ستريب) حين خيرها النازيون في أحد ولديها تختاره أن لا يموت. النازيون والفاشيون والصهاينة لا يصلحوا أن يكونوا تلامذة متواضعين في مدرسة البعث الطائفية. 

هنا كان الوالد الحلبي السوري مخيرا بموت ثلاثة من أربعة هو وأولاده الثلاثة!
رضي الرجل وفضل أن يموت هو وأكبر أولاده المتزوجين الاثنين أسعد وسعيد وينجو الصغير سعد غير المتزوج؛ فلما حانت ساعة الإعدام أخذوا أولاده جميعا أسعد وسعيد وسعد وهو مصاب بلوثة عقلية يخاطب الرب أين أنت؟

إن إعدام هؤلاء الثلاثة أدخل اللوثة على عقل (نسيم) صديق خليفة في السجن وتوأمه الروحي؛ فلم يتعافى منها إلا بالانتحار لاحقا كما سنرى. إنه يذكرني أيضا بسجن جزيرة الشيطان (Devil's Island) الذي تفتقت عنه عبقرية نابليون الثالث، واشتغل بكامل الطاقة أكثر من نصف قرن قبل أن يذاع أمره للعالم بهرب أحدهم ومعهم صور الجحيم في غويانا الفرنساوية.

وهذا له حديثه المستقل، ومن نزلاء هؤلاء السجن الذين خرجوا فانتحروا!! لقد عرفوا أنهم أصبحوا مقبرة كبرى كما يقول خليفة. أو بتعبيره الدقيق أن أحدنا يموت منه أجزاء مع فقد الأحباب بالتدريج.

 ثم بكيت من جديد حين قام يصلي صلاة الجنازة على والده بعد خروجه من السجن، وهو أي المؤلف مسيحي ولكنه قرأ الفاتحة على قبر والديه الذين تركهما أحياء، ورجع ليراهما قد أصبحا تحت التراب.

قرأ الفاتحة على روح والديه ثم قام فصلى عليهما صلاة جنازة المسلمين بأربع تكبيرات.
أخيرا بكيت من جديد مع صفحات الكتاب الأخيرة وهو يروي انتحار توأم روحه (نسيم) الذي كان معه في السجن فلما اجتمعا خارج السجن قال له انتظر دقائق قليلة فعندي هدية لك ثم ألقى بنفسه من الطابق السادس وهو يقول خذها مني.
كانت هديته موته.

هذا الكتاب الذي ترجم إلى اللغة الفرنسية يجب أن نتناوله بفصول وحلقات لو أمكن وأتاحت مساحة الكتابة، ولكنها تراجيديا أصابتني بالصدمة وغشي بصري في تفسير هذه السادية المفرطة في تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان.

أعترف للقارئ أنني قرأت العديد من كتب السجون والمساجين بما فيها (فيكتور فرانكل) من مدرسة (علم النفس الإنساني) الذي دخل سجن آوسشفيتس الرهيب وخسر زوجته هناك.
لقد خشيت زوجتي رحمها الله علي وأنا أقرأ القصة (الإنسان يبحث عن المعنى) لمعرفتها أن الكتاب سينكأ جراحي طالما كنت من (أصحاب السوابق) ولكنني قرأته.

أصبت بصدمة مزلزلة وقعت تحت تأثيرها أياما وما زال هذا الكتاب ونظائره مدموغا في الذاكرة.
من هذه الكتب كتاب الرايس المغربي الذي أشرت له في سجن تزمامارت لمجموعة من العسكريين بلغوا 58 شخصا فمات من المهجعين بعد عشرين سنة أظن 28 فردا، ولكن في كتاب خليفة الرائع مات آلاف لا يحصيهم كتاب ويضمهم سجل.

كانوا يضربون ويذلون كل يوم ومع كل مخالفة 500 جلدة. جاعوا حتى العظم. وأهينوا على يد أبالسة الجحيم. أصيبوا بالسل والجرب والقمل. في سنة كاملة كان يأكل أحدهم ثلث رغيف في يوم كامل يقسمه ثلاث. ذكرني بكتاب (فرانكل) عن آوسشفيتس حيث كانت الاجتهادات تترواح بين أكل مزعة الخبز هذه مرة واحدة بمتعة أم المحافظة عليها وتحلبها لساعات؟ مع هذا فلم يعذب النازيون اليهود بما عذب البعثيون خصومهم في تدمر.

خليفة في حفلة استقباله ضرب حتى حافة الموت. ومات في حفلة الاستقبال ثلاثة لحقهم عشرون متأثرين بجراحهم. أقسم لي أردني وقع تحت أيديهم وقرأت مذكراته التي لم تنشر أنه في حفلة الاستقبال ضربوا منذ الصباح حتى ما بعد الظهر.

كان أحد الضاربين يمسك عصا غليظة بيدين من هول حجمها. خليفة روى عن جدائل المعدن المجدولة كسياط.

الأردني قال سقط من أصل 41 شخص واحد فدخلوا السجن أربعين.
قال كانت أحد وسائل التعذيب أن يمشي المجند على أكتافهم وهم مسمرون في الأرض، ومن مال أو ضعف نال العذاب أضعافا مضاعفة. كان حلق اللحية حسب تعبير الأردني مناسبة لكشط جلد الوجه أو حرقها بالنار، أما مناسبة الحمام فكانوا يسمعون دويا عميقا لم يعرفوا تفسيره حتى عرفوا أن فوج الذاهبين ينقص واحدا مع الآيبيبن الراجعين.

قال كانت بلوكة إسمنتية هائلة يضرب بها رأس أحدهم فينفلق!
مجموعة خليفة في حفلة الاستقبال سقط منهم ثلاثة.
قال طلبوا من العميد العسكري أن يشرب من القاذورات إذلالا وقد أعدوا حفلة موته على أي شاكلة سواء شرب أو لم يشرب. قال بالأصل كان عاريا إلا من سليب يغطي عورته. قال استمر الضرب فلم تبق عورة وأصبح يعوي كالكلب وجروحه تغطي جسده حتى أنهت عذاباته ضربة هراوة على اليافوخ فدار نصف دورة ثم هوى.

الضابط الذي بعده شرب من القاذورات ولم يعفوه بل ألحقوه بزميله ضربا. كانت صلاحيات القتل مباحة لأي واحد من رتبة مجند وأعلى.

بقي خليفة غائبا عن الوعي ستة أيام قبل أن يفيق بمساعدة الطبيب زاهي الذي مات لاحقا بالتهاب السحايا وهو يعالج عشرات المصابين الذين يتساقطون وبعضهم أصيب بالعمى المطلق.
كانوا ممنوعين من الصلاة، ومن ضبط بهذا الجرم جلد حتى قشط اللحم عن العظم، أو وضع بالانفرادية ردحا من الزمن. وما أدراك ما المنفردة؟

أنا شخصيا دخلت واحدة منها لمدة 54 يوما في سجني الثالث (كراكون الشيخ حسن قريبا من مقبرة الدحداح في أول حي الميدان الدمشقي القديم) ولا أتمناها للمجرمين من فصيلة السنوريات (الأسود).

مررت على المكان بعد ربع قرن عرفت أنه أغلق تأملت بابه المرعب المغلق بالسلاسل تمنيت أن أدخله وأرى منفردتي والجدار خلفي الذي نقشت عليه سورة البقرة! عرفت أن سجنا هائلا فتح بدلا عنه في صيدنايا قالوا إنه يتسع لخمس عشرة ألف معتقل.

إنه سرطان بعثي متورم منتفخ أليس كذلك!
أذكر تلك الأيام جيدا وذلك المنام العجيب الذي جاءني بعد أن ختمت القرآن ورجل يصلي بنا ثم يتضرع إلى الله بطريقة مزلزلة خاشعة بتعبير دخيلك يا الله. جاء الفرج.

وما زلت أذكر تلك الآية العجيبة التي انفتحت لي وأنا أقرا من سورة الزخرف في آخرها أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون.
هنا نزل علي البرد والسلام والطمأنينة من كل خوف. 

كانت جحيم دانتي حاضرة بما يخجل دانتي عن وصفه ولكن رسمه حافظ الأسد وعصابته في قدر نحس على الشعب السوري وها قد مضى إلى ربه فهو سائله عن كل تلك الآلام؟

في لحظة غضب جاء مدير السجن فأفرغ 14 رصاصة في رأس 14 معتقل سياسي بضربة قاتلة وحيدة في القفا، لأنه بزعمه تلقى تهديدا من مجهول فقال هذا جوابي.

ومن قصص الكتاب ذلك الطبيب الذي قتل 14 زميلا من دورته منهم اثنان بطريقة الخيمة أو الباراشوت حيث يمسك خمسة من الأوغاد بأربع أطراف وخامس بالرأس ثم يطوحونه في الهواء فيهوي على وجهه ويكررونها حتى تموت الضحية.
كان القتل مسموحا به لكل جندي ورقيب ومحقق بأي طريقة.

كان سجن تدمر حدا فظيعا لم يصل لحافته النازيون والفاشيون وستالين وبيريا وبول بوت وتيتو وناظم كزار وحمزة البسيوني في ليمان طره.
ومن أعجب القصص الموجودة في الكتاب اثنتان:

ضابط يتقيأ حين يرى أول مشاهد وجبات الإعدام في المشانق الطيارة (لا يتقدم المحكوم إلى المشنقة بل هي تأتيه فتنتره في الهواء فيلبعط ويسلم الأمانة) وبعد عدة أشهر يتحول إلى هذه الأمساخ فيعامل الجثة المشنوقة المعلقة مثل كيس الملاكمة فيلكم وهو يضحك!

والثاني قدرة التحدي في هؤلاء المعتقلين أن يقوم فريق من الأطباء بإمكانيات هزيلة يخترعونها من هنا وهناك فيجرون عملية استئصال زايدة دودية لأحد المساجين المنكودين.

إنه كتاب يخلد حقبة سوداء جهنمية من نظام البعث والسقوط الإنساني والتردي الأخلاقي إلى أسفل سافلين.

الخالة نور استطاعت وبعد ضغط جمعيات حقوق الإنسان أن تحظى بلقاء ابنها مرة واحدة بعد خمس وعشرين سنة، وبقيت تحلم بخروجه إلى الحرية، ولكن روحها خرجت ولم يخرج!
رحمة الله عليك خالة نور كنت مثال اللطف والصبر لم أرك تبكين أو تشكين أو تتذمرين . قالوا لي ضيعت في آخر عمرها هل هو من الحزن الكتيم الدفين أم شيء آخر. نحن الأطباء نعرف عن الثنائية في جسم وروح الإنسان وانعكاس كل واحد على الآخر سرورا وكمدا. 
إنه تكيف وانقلاب الإنسان المحير.  ألا لعنة الله على الظالمين.
وكان الإنسان أكثر شيء جدلا.

هل نفهم الآن الجذور البعيدة للمذبحة السورية الحالية، أنها من تلك المذبحة القديمة؛ فالحدث هو دوما في علاقة جدلية فهو نتيجة لما قبله وهو سبب لما بعده.. أليس كذلك؟  وكان ربك على كل شيء مقتدرا.

ألا ليس أمام السوريين اليوم إلا طريقان لا ثالث لهما: الحرية أو العبودية!! وعليهما أن يختاروا بعد أن تمردوا مصير سبارتاكوس أو مصير أهل قرطاج بعد حرقها.

يقول التاريخ أن سبعة آلاف مقاتل استسلموا بعد مصرع سبارتاكوس عام 70 ميلادية صلبهم جند الرومان على طول الطريق حتى روما عظة وعبرة لكل من يفكر في الثورة والتمرد. فأصبحوا أسطورة في الزمن ولعن جند الرومان حتى آخر الزمان فمن ربح ومن انهزم؟

وفي ظلمات الحرب الكونية الأخيرة وقف تشرشل يذكر أهل لندن بأهل قرطاج وصمودهم في وجه روما عام 164 قبل الميلاد حتى فني 450 ألفا من أصل نصف مليون ساكن لتلك المدينة العالمية ومن بقي منهم خمسون ألفا أخذوا عبيدا إلى أهل روما المترفين الفاسدين الداعرين. 

مازالت آثار قرطاج حتى اليوم تحكي آثار الدمار كما سيكون ذلك في باب عمرو في حمص وربما حلب أيضاُ لا ندري؟

هناك تعليق واحد:

  1. محمدصالح عويد21‏/08‏/2012، 5:55:00 م

    الذاكرة تفتت الما ...والقلب
    طأطأ من فجيعة شعبي
    لا توجد قوة على الارض نقادرة على ان توقف فكرة ،حان وقتها

    ردحذف