الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-08-23

دولة الأقليّة لا وطن لها ولا رحمة فيها - بقلم: د.سماح هدايا


رة لمنطق حكم الأقليّة؛ فما يجري في سوريا الآن هو حصاد طبيعي سياسي وثقافي واجتماعي وعسكري لمنطق حكم الأقلية التعسفي؛ فعبر التاريخ عندما تحكم أقلية بلدا، تقيم حكمها على العنف والاستبداد والاسئثار، وغالبا مايكون هناك قوى خارجية تدعم حكمها؛ لأن حكم الأقلية حكم ينافي طبيعة الواقع، يتجذر بعيدًا عن الديمقراطية وعن اختيار الشعب، ويحتاج لكي يصمد إلى دعم خارجي متواطيء معها...
عندما تحكم الأقلية، فليس أمامها إلا أن تستبد وتطغى وتشجع الفساد والانتهازيين الجشعين والمستغلين من جميع الطوائف، لكي تبقى في الحكم، ولكي تحافظ على مكتسباتها الطائفية، وعلى وجودها وسط الأغلبية التي حاربتها
بالطبع، ليس مهما عقائد البشر، والمهم اعمالهم، لكن من المهم جدا رؤية عقائد البشر عندما تحولهم إلى مجرمين وإلى طغاة وإلى شياطين.
ونحن الآن نعيش حصاد تخاذلنا التاريخي الطويل للغزو الأوروبي والغربي، سياسيا وعسكريا وثقافيّا، وهو الذي لعب كثيرا على ورقة الأقليّة، وعلى الصفقات مع الدول التي ترعى دويلات الأقلية في بلدنا. ولعل ماحصل في العراق بدعم الاحتلال الأمريكي وتحت نفوذه أهم مثال قريب على ذلك. إذ يبقى المكون الطائفي من أهم المكونات التي استخدمها ويستخدمها من أجل التفتيت وإشاعة الفوضى والاقتتال، يشحد الأحقاد التاريخية ويثير الفتن برغبة الفتك والانتقام.
عندما جاء الفرنسيون إلى بلادنا في عهد الانتداب ومن قبله، أقاموا الاتفاقيات والدويلات والتقسيمات والمتصرفيات، ودعموا الكيان السياسي للموارنة في لبنان وللعلويين في سوريا...وفي كلا الحالتين استثمروا ما في القلوب والنفوس من من نزعات عتصرية وانفصالية وثأريّة، لمصالحهم السياسية، تترجمت في لبنان في حرب أهلية وحشيّة مخيفة، لعبت الظروف السياسية الداخلية والخارجية على تقويتها، وهي الآن تترجم في سوريا في حرب إبادة ممنهجة يرتكبها النظام الطائفي الحاكم، بأيدي شبيحة طائفته ومرتزقة الطوائف الأخرى، يدعمها ظروف سياسية محلية ودولية
بعد أن سقط مشروع الدويلة العلوية التي أنشأتها فرنسا قبل أن تخرج من سوريا، ،ظل في أرض سوريا ينخر المشروع السياسي للدويلة العلوية. وللأسف جرى استعمال حزب البعث مطيّة سياسية لتحقيق المبتغى، وتم إفراغه من محتواه الوحدوي الوطني، وجرت تصفية المعادين للتطلعات الأسدية السياسيّة ولمشروع حافظ الأسد السياسي الاستبدادي التفردي، من الطائفة ومن خارجها،من الفاعلين في الحزب ومن الواجهات الشكليّة غير الفاعلة، لتقوم بعد ذلك الدولة السياسية الطائفية الأسدية. دولة الأقليّة وعقليّة الأقليّة وحكم الأقليّة.
ولدعم دولة الأقليّة الفوقيّة، نشأ تحالف قوي بين العدو السياسي القومي والمذهبي للأكثرية العربيّة والسنيّة وهو إيران وبعض الأحزاب الشيعية السياسيّة الداعمة لها، وبين النظام الأسدي، وأصدر الزعيم الشيعي "موسى الصدر" رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان، فتوى بأن "النصيريين العلويين طائفةٌ من المسلمين الشيعة"، وذلك لدعم حافظ الأسد سياسيا في سوريا ، ودعم طائفته التي لم كانت في الأغلبيّة السنيّة طائفة في ظل الغموض والشكوك، ثم عملت إيران بنشر تشييع الطائفة العلوية في سوريا، ونشر فكرة الثأر للمظلومية الشيعية والعلوية من التسلط السني الطويل الجائر.
وبذلك، وعندما يتهدد وجود دولة الأقليّة، على يد الأغلبيّة، يصبح مفهوما وعير مستغرب كل هذا الإفراط في الوحشية التي تمارسها الأجهزة الأمنية وعصابات الشبيحة والجيش، والمجرمين المرتزقة لدولة الأقليّة بحق أفراد الشعب العزَّل الأبرياء أو المطالبين بالحرية والعدالة والكرامة أو المسلحين العاملين على إسقاط النظام. كذلك يصبح من غير المستنكر أمام كثير الضحايا في الأغلبية السنيّة التي يمارس العنف يحقها في أن تتكوّن كتائب جهادية باسم نصرة السنة، حتى وإن كانت متعصّبة، ردا عسكريا عنيفا لإزاحة هذا التوحّش.
لا يمكن أن يقوم نظام أمني بفعل هذه الجرائم والمجازر الممنهجة والعشوائيّة بحق إخوته في الوطن والعروبة والجغرافيا والجيرة ، إلا إذا كان المنطلق عنصريا طائفيّا، يستغل كل مورثات الحقد، ويستمد منها فلسفة العنف والتطهير. ولذلك علينا، لكي نحسن إدارة المعركة، وهي الآن معركة غير متكافئة، أن نعترف بطبيعة هذا الواقع الحقيقي للمجازر والفظائع في سوريا، ولابد أن يتعمّق التساؤل المبهم بمنجهيّة الموضوعيّة لنفهم إجابة سؤال: لماذا يجري هذا؟
القتل في سوريا وفي العراق وغدا في لبنان امتداد لفكر دويلة الأقلية التي تدعمها إيران بشدة دفاعا عن مشروعها التوسعي الاستعماري، وتدعمها فرنسا الكاثوليكية راعية فكر الأقليات تحت أكذوبة العلمانيّة. وتدعمها امريكا الأنجلو ساكسون، لتدافع عن ربيبتها إسرائيل وهي دولة الأقليّة. إن القتل والذبح، هما ركنا الهوية السياسية والثقافية لدولة الأقليّة..لذلك محاربة دولة الأقلية، يكون أيضا بإسقاط كل المنظومة البنيوية لفكرة دولة الأقليّة. والثورة السورية مستمرة في إسقاط النظام. ولابدّ أن يتحقق بعد كل الاقتتال بناء دولة الحرية والعدالة والكرامة التي يتساوى جميع أفرادها أمام دولة القانون والمدنية.
كيف يتجرد إنسان من كل مشاعر الإنسانيّة ومبادئها، ويتحوّل إلى مجرم سفاح ومهووس بالقتل والتنكيل والترهيب في أبناء بلده؟ سؤال إشكالي خطير يثير ألف إشارة تعجب واستنكار واستفهام؟

أصدقائي الحكماء الذين أحترم رأيكم العلماني المحايد لكنني لا أتفق معه في تحليل مايحدث في سوريا ، بل وأعتقد أن موقفكم التنظيري جزءا من أسلحة التدمير التي يستغلها نظام الأسد...


 لايمكن أن تفهم مايحدت في سوريا خارج الصورة المباشرة لمنطق حكم الأقليّة؛ فما يجري في سوريا الآن هو حصاد طبيعي سياسي وثقافي واجتماعي وعسكري لمنطق حكم الأقلية التعسفي؛ فعبر التاريخ عندما تحكم أقلية بلدا، تقيم حكمها على العنف والاستبداد والاستئثار، وغالبا مايكون هناك قوى خارجية تدعم حكمها؛ لأنّ حكم الأقلية حكم ينافي طبيعة الواقع، ويتجذر بعيدًا عن الديمقراطيّة وحقوق الإنسان وعن رأي الشعب، ويحتاج لكي يصمد إلى دعم خارجي متواطيء معها...

عندما تحكم دويلة الأقلية، فليس أمامها إلا أن تستبد وتطغى وتشجع الفساد والانتهازيين الجشعين والمستغلين من جميع الطوائف، لكي تبقى في الحكم، ولكي تحافظ على مكتسباتها الطائفية، وعلى وجودها وسط الأغلبية التي حاربتها. ومن باب التأكيد، ليس مهما عقائد البشر، المهم أعمالهم، لكن، من من المهم جدا رؤية عقائد البشر عندما تحولهم إلى مجرمين، وإلى طغاة وإلى شياطين.

    نحن الآن نعيش حصاد تخاذلنا التاريخي الطويل للغزو الأوروبي والغربي، سياسيا وعسكريا وثقافيّا، وهو الذي لعب كثيرا على ورقة دويلة الأقليّة، وعلى الصفقات مع الدول التي ترعى دويلات الأقلية في بلدنا. ولعل ماحصل في العراق بدعم الاحتلال الأمريكي وتحت نفوذه أهم مثال قريب، زمنيّاً، إلى أذهاننا؛ إذ يبقى المكون الطائفي من أهم المكونات التي استخدمها ويستخدمها الغزو الغربي في بلادنا من أجل التفتيت وإشاعة الفوضى والاقتتال؛ فيشحد الأحقاد التاريخية ويثير الفتن برغبة الفتك والانتقام، ويستمد من تنوّع بلادنا، ومن اختلافاتها وخلافاتها مادته للطعن والتقسيم والتجزئة والهيمنة.

    عندما جاء الفرنسيون إلى بلادنا في عهد الانتداب ومن قبله، أقاموا الاتفاقيات والدويلات والتقسيمات والمتصرفيات، ودعموا الكيان السياسي للموارنة في لبنان وللعلويين في سوريا...وفي كلا الحالتين استثمروا ما في القلوب والنفوس من من نزعات عنصرية وانفصالية وثأريّة، لمصالحهم السياسية، تترجمت في لبنان في حرب أهلية وحشيّة مخيفة، لعبت الظروف السياسية الداخلية والخارجية على تقويتها، وهي الآن تترجم في سوريا في حرب إبادة ممنهجة يرتكبها النظام الطائفي الحاكم، بأيدي شبيحة طائفته ومرتزقة الطوائف الأخرى، تدعمها ظروف سياسية محلية ودوليّة.

بعد أن سقط مشروع الدويلة العلوية التي أنشأتها فرنسا قبل أن تخرج من سوريا، ترسّب في أرض سوريا ينخر فيها المشروع السياسي للدويلة العلوية. وللأسف جرى استعمال حزب البعث من قبل هذا المشروع مطيّة سياسية لتحقيق المبتغى، وتم إفراغه من محتواه الوحدوي الوطني، وجرت تصفية  المعادين للتطلعات الأسدية السياسيّة ولمشروع حافظ الأسد السياسي الاستبدادي التفردي، من قبل رجال في الطائفة ورجال من خارجها من الطوائف الأخرى، من الفاعلين في الحزب ومن الواجهات الشكليّة غير الفاعلة، لتقوم بعد ذلك الدولة السياسية الطائفية الأسدية. دولة الأقليّة وعقليّة الأقليّة وحكم الأقليّة.

 ولدعم دولة الأقليّة الفوقيّة، نشأ تحالف قوي بين إيران العدو السياسي القومي والمذهبي للأكثرية العربيّة والسنيّة وبعض الأحزاب الشيعية السياسيّة الداعمة لها، وبين النظام الأسدي، وأصدر الزعيم الشيعي "موسى الصدر" رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان، فتوى بأنّ "النصيريين العلويين" طائفةٌ من المسلمين الشيعة، وذلك لدعم حافظ الأسد سياسيا في سوريا، ودعم طائفته التي  كانت في نظر الأغلبيّة السنيّة طائفة يحيط بها الغموض والشكوك، ثم عملت إيران بنشر تشييع الطائفة العلوية في سوريا، ونشر فكرة الثأر للمظلومية الشيعية والعلوية في مواجهة التسلط السني الطويل الجائر.

وبذلك، وعندما يتهدد وجود دولة الأقليّة، على يد الأغلبيّة، يصبح مفهوما وغير مستغرب كل هذا الإفراط  في الوحشية التي تمارسها الأجهزة الأمنية وعصابات الشبيحة والجيش، والمجرمين المرتزقة لدولة الأقليّة بحق أفراد الشعب العزّل أو المطالبين بالحرية والعدالة والكرامة أو المسلحين العاملين على إسقاط النظام. كذلك يصبح من غير المستنكر أمام كثير الضحايا في الأغلبية السنيّة التي يمارس العنف يحقها في أن تتكوّن كتائب جهادية باسم نصرة السنة، حتى وإن كانت متعصّبة، كرد عسكري  لإزاحة هذا التوحّش، ولو بالعنف.

لا يمكن أن يقوم نظام أمني بفعل هذه الجرائم والمجازرالمخيفة؛ الممنهجة والعشوائيّة بحق شركائه في الوطن والعروبة والجغرافيا والجيرة ، إلا إذا كان المنطلق عنصريا طائفيّا، يستغل كل مورثات الحقد، ويستمد منها فلسفة العنف والتطهير. ولذلك علينا، لكي نحسن إدارة المعركة، وهي الآن معركة غير متكافئة، أن نعترف بطبيعة هذا الواقع الحقيقي الطائفي للمجازر والفظائع في سوريا، ولابد أن يتعمّق التساؤل المبهم بمنجهيّة الموضوعيّة لنفهم إجابة سؤال: لماذا يجري هذا؟

     القتل في سوريا وفي العراق وغداً في لبنان امتداد لفكر دويلة الأقلية التي تدعمها إيران بشدة دفاعا عن مشروعها التوسعي الاستعماري، وتدعمها فرنسا الكاثوليكية راعية فكر الأقليات تحت أكذوبة العلمانيّة. وتدعمها أمريكا الأنجلو ساكسون، لتدافع عن ربيبتها الاستعماريّة إسرائيل نموذج دولة الأقليّة في الجسم العربي، وتدعمها روسيا الباحثة منذ عهد القياصرة عن دور لها في بلادنا. إن القتل والذبح، هما ركنا الهوية السياسية والثقافية لدولة الأقليّة.. لذلك فمحاربة دولة الأقلية، يكون أيضا بإسقاط كل المنظومة البنيوية لفكرة دولة الأقليّة، عسكريا وسياسيا وثقافيا واجتماعيا. والثورة السورية مستمرة في إسقاط النظام. ولابدّ أن يتحقق بعد كل الاقتتال بناء دولة الحرية والعدالة والكرامة التي يتساوى جميع أفرادها أمام دولة القانون والمدنية.
د. سماح هدايا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق