الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-08-08

جمعة دير الزور .. النصر قادم من الشرق - بقلم: فاروق مشوح


بسم الله الرحمن الرحيم
هذه المنطقة الشرقية من سورية التي كانت سباقة في انتفاضتها؛ من غير أن يحس بها الكثيرون .. لأنها تعمل بصمت، وتخفي حراكها بعيدًا عن الضجيج؛ فلا وسائل تساعدها على تسجيل ما يحدث، ولا غيرها في هذه الملحمة الشامية الواسعة متفرغ للإصغاء إليها، وهي المنطقة النائية التي أدار لها الكثيرون ظهرًا؛ حيث تتمدد على طول النهر الفراتي الطويل.. بدأ صوتها يظهر من أقصاها في مدينة البو كمال، ومع كتائب الله أكبر على حدود القطر العراقي؛ الذي لا يريد حكامه لهذه الثورة نصرًا، ولا يكنون لها ودًّا، ولا يضمرون في دواخلهم لمطالبها خيرًا .. ومع ذلك فهي في جهادها ماضية، وعلى طريق الشعب وثورته سائرة بلا تردد أو التفات، وهي المؤهلة في الأمس واليوم وغد لأن تكون محمية تؤوي الثورة وثوارها حتى النصر ..
   
   
اشتطت هذه المنطقة ومنذ عهود خلت .. وعلى أيام طغاة العائلة الأسدية بخاصة معاناة من التهميش الذي لحق بها، ومن الإهمال الذي حاق بمدنها قبل ريفها، وحتى بأبنائها الذين خدعهم النظام الطاغي؛ حيث قدموا له الولاء، ومالؤوه على مصالح أهلهم وأبناء منطقتهم، لكنه نكرهم وارتاب في توجهاتهم، فهم قريبون من جار لا يريد به إلا شرًّا، ولا يضمر له إلا سوء المنقلب..
      
لقد قدمت هذه المنطقة التي تربض على ثروات الأرض الغنية في باطنها، وفي خيرات الزراعة المتنوعة على ظهرها؛ حيث ينساب فيها نهر من أعظم أنهار الدنيا، غزير عذب فرات .. لكن نصيبها من نظام العائلة الفاسدة هو النهب لهذه الثروات، والاحتقاب لهذه الخيرات، واحتياز ما تحتويه أرضها من ثروة طائلة، ثم تركها بلا خدمات، والتخلي عن حقوقها حتى ولو كانت من الجزئيات .. فهي في حساب أركان العائلة الطامعة بقرة حلوب تجلب لهم الدر الغزير، والمال الوفير، والميزانيات الطائلة التي لا تدخل في حسابات الدولة العامة لأنها حصة المتسلطين من ابناء هذه الطغمة .. وهذا ما حدث منذ عهد كبيرهم الأول الذي علمهم السحر .. حيث لم يزر هذه المنطقة ولا مرة واحدة على مدى حكمه، وأيام طغيانه، وزمان سلطانه وهيلمانه ..

       إذا كانت هذه هي صورة العهد الأسدي لدى أبناء سورية بعامة، وأبناء وادي الفرات بخاصة؛ فماذا تنتظر الدنيا من هؤلاء الأباة الذين عانوا أكثر من غيرهم وسامهم العهد الأسود أضعاف أضعاف ما لاقاه منه سواهم .. فكانت بذلك ثورة عارمة؛ حيث أصبح لكل قرية كتائبها الثائرة، وأجنادها الأشاوس المنتفضين .. وقد سجلت من البطولات ما تملأ صفحات تاريخ بأكمله لتكون منارة للأجيال القادمة .. وهي التي لاقت من صنوف القتل والإبادة الشاملة والتدمير الممنهج، والغربة عن الأهل والديار لجوءا وتشريدًا أضاف أرقامًا جديدة إلى لاجئي هذا الشعب السوري المقهور ..

       إنها منطقة شرق سورية، وجناحها الخفاق بالمجد والمكرمات، وركنها الناطق بالبطولة والفداء .. ولا عجب ولا غرابة أن يأتي النصر القادم من هذه الجهة الشرقية الساحرة، وينبثق من نواحيها الماجدة الباهرة .. وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ..
15/رمضان/1433هـ
3/8/2012م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق