لم تحرك جرائم الأسد ومجازره ضمير المنظومة الإرهابية على مدى شهور الثورة
السورية السبعة عشر، وإنما دفعتها إلى إعطائه المهل تلو المهل، سامحة له بمواصلة إبادته،
ولكن انتفاضة مدينة حلب وسقوط معظمها – مدينة وريفاً – بيد الجيش الحر أيقظت الضمير
الميت بعد رقود، ومع تهاوي شبيحة الأسد صرعى تحت ضربات الشعب السوري، وسقوط قلاعهم
تباعاً، كان هذا الضمير قد بلغ أعلى درجات النشاط والحيوية، ولم يكتفي بالتنديد
بمقتل بضع من شبيحة الأسد، الذين سقط على يدهم عشرون ألف شهيد سوري، وإنما أخذت تبكيهم
وتندد بمقتلهم، رامية الشعب السوري المباد بالعنف والقسوة.
وبسقوط المدن الكبرى من يد الأسد، وصلت المنظومة إلى قناعة بأن الأسد قد
فقد سيطرته بشكل لم يعد يقبل جدلاً، فأوعزت إلى عنان بالاستقالة، وعقدت اجتماعاً
للجمعية العامة يوم الجمعة الثالث من أغسطس، وتبنت فيه قراراً عربياً يدعو الأسد
إلى تسليم السلطة بشكل سلمي، مقابل تأمين ملاذ آمن له، قبل أن تطاله يد الشعب
السوري.
بينما الخوف والذعر قد ملأ صدور الأسد وشبيحته، لدرجة أن الأسد لم يتمكن من
الخروج لجيشه في يوم عيد تأسيسه واكتفى بخطاب نشرته صحيفة مغمورة، حتى لا تفضحه
تقاسيم وجهه وتظهر مدى الرعب الذي يعشش فيه، ولرفع معنويات جيشه وشبيحته المنهارة
اخذ ينقل الأخبار الكاذبة ويفبرك التسجيلات، ويقرصن المواقع، في فضيحة أخلاقية
جديدة، كشفت مقدار الرعب الذي يعيشه قتلته وسفاحوه.
حيث تمكن "هكر" الأسد من اختراق الموقع الرسمي لوكالة
"رويترز" وإنزال تسجيل صوتي لقائد الجيش الحر "رياض الأسعد"
يعلن فيه انسحاب الجيش الحر من مدينة حلب، قبل أن يتبين أن التسجيل مفبرك بنفي
الأسعد لهذا التسجيل، وتأكيده لوجود الجيش الحر في كل أحياء حلب، بينما نفت رويترز
إجراء أي مقابلة مع الأسعد مؤكدة بأن موقعها تعرض لقرصنة.
على غرار ما فعلته وكالة "فارس" الإيرانية للأنباء التي زورت
تسجيلاً صوتياً للرئيس المصري "محمد مرسي" عشية انتخابه رئيساً للجمهورية
المصرية، قبل أن يتبين كذلك أن الصوت مفبرك، ولا يعود لمرسي، وتعهد الأخير برفع
دعوة قضائية ضد الوكالة.
ولم تنجح محاولات الأسد اليائسة برفع المعنويات المنهارة، وإنما تتالت
الأحداث بشكل متسارع، سيطر فيها الجيش الحر على مبنى الإذاعة والتلفزيون، وتوقف بث
القنوات المحلية، ثم قام بمحاصرة مبنى المخابرات الجوية، وسقط بيده حي سيف الدولة،
وعدد من المراكز الأمنية، وشهدت مدينة دمشق اشتباكات عنيفة، بينما كان المجرم
الأسد يرد عليهم بقصف الأحياء الحلبية بالطيران الحربي والأسلحة الثقيلة.
وأما محاولة المنظومة الإرهابية تهريب الأسد وتأمين ملاذ آمن له في ظل هذا
التدهور المتواصل، والفاضح، فهو أمر لن يحدث، ولن يسمح له الشعب السوري بالحدوث،
وسيقدم كل أجرم بحقهم إلى المحاسبة والمساءلة، ولن يحلم أي مجرم منهم بخروج آمن من
سوريا مطلقاً!!
احمد النعيمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق