الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-04-28

النظام السوري بين المناطق المحررة والمناطق قيد التحرير في دمشق - بقلم: شام صافي


طبيعي أن يتبع النظام سياسة مختلفة في المحافظات المختلفة فمن منا لا يلفت نظره سياسته مع حمص وحرصه عليها ومن منا لم يلفت نظره مناطق الشمال الشرقي التي يقطنها إخواننا الأكراد ومن الطبيعي أن يكون لدمشق خصوصية أيضاً ليس كمحافظة يحرص عليها ككل فقط بل كمناطق أيضاً محررة وقيد التحرير فلكل سياسة للتعامل معه، معركة دمشق منذ البدايات كانت مخافه الأول ولهذا حاول مراراً إفشال مشروع ساعة الصفر، وحين قويت شوكة الثوار في الريف وحرروا أجزاءً من المحافظة التي يتداخل ريفها بمدينتها بشكل لا يمكن فصلهما لا جغرافياً ولا ديموغرافياً ولا سكانياً فالناس من بعضها وأوار النار في الريف مشتعل في المدينة أيضاً كأناس وليس كأبنية وقصف .. لكن للنظام مع هذا سياسة مختلفة وخاصة في تعامله مع القسمين: (المحررة) المحررة تشمل الريف الشرقي وصولاً لداريا والمعضمية و(قيد التحرير) بضع شوارع القريبة جداً من مراكز وجود الأمن والسفارات والقصر الجمهوري ومحيطها الضيق وقد باتت هذه المناطق (قيد التحرير) في مساحة ضيقة جداً لا تكاد تتعدى البضع شوارع ومن خصائصها أنه يسيطر فيها الأمن وتعج بالعواينية بشكل مبثوث منتشر بأشكال مختلفة وتكثر فيها المداهمات..

- ففي المناطق المحررة:
كان يستطيع الثوار قبل أشهر يستطيعون الدخول والخروج من المناطق المحررة وإليها أما الآن ومنذ عشرات الأيام فالتضييق يمنع الخروج والدخول بشكل خانق على الجهتين .. فيما يلاحظ عودة النازحين إليها مرة أخرى بعد أنا عانوا وقاسوا مرارة الذل والحاجة خارج مناطقهم المحررة.

إضافة إلى أن هناك مشكلة التشفي والتي يلجأ النظام إلى افتعالها في المناطق التي لا زالت ترزح تحت سيطرته حتى يفصل وجدانياً بين المناطق المحررة وغير المحررة والتشفي يشمل معنيين: المعنى الأول وهو تشفي النظام ممن ليس له صديق ولا مقرب ولا يعترف بمؤيد ولا يحفظه ومن جهة أخرى يساهم في انتزاع التشفي من أهالي المناطق المحررة التي تقصف يومياً وتفتعل فيها المجازر من أهالي المناطق التي يروج النظام لها على أنها مناطق مؤيدة وما هي كذلك .. تماماً كما حدث في حادثة مقتل البوطي .. فقد رمى النظام أكثر من عصفور بحجر واحد وخلط الأمور حتى يتشفى ويبرز التشفي بطريق غير مباشر مستغلاً الحادثة ليظهر بمظهر البريء وليظهر الثوار بمظهر الدمويين بطريقة لا يصعب توصيفها فهي مدروسة بعناية لتفكيك الأواصر بين الناس على كل صعيد واتجاه. فلدى حصول مجازر أو تفجيرات في المناطق غير المحررة ولقسوتها على الضمير الإنساني فقد يلجأ المتأثر في المناطق المحررة إلى إقناع نفسه بأن ما حدث لهم هو مما كسبت أيديهم، وهي أسلوب من التشفي النفسي الذي يلجئ النظام الناس إليه فلا يرتاح ضميرهم إلا إن اعتبروا أن هذا ما يكفل إيقاظهم كما يدعون وأن هذا مما يجب أن ينالوه ليشعروا بغيرهم (رغم أن التفجير يطال كثيراً من الأبرياء بل وقد يكونوا من الداعمين للثورة فالتفجير لا يفرق كما المجازر والقنص ولا معنى للأذيات في المناطق غير الساخنة ولو كانت تحت سيطرة النظام إلا القهر على الدماء.

- أما ما يتعلق بالمناطق قيد التحرير والتي وصفت سابقاً:
فمن توصيف تعامل النظام معها :المداهمات المقصودة المنظمة تجاه الناشطين دون ضوضاء أو لفت الأنظار وبشكل دوري ومنتظم ومستمر، وربما في بعض الأحيان اعتقالات عشوائية كل فترة وأخرى لممارسة الترهيب الكامل من خلال الحفاظ على الحد الأدنى المتبقي من الخوف المعشش في نفوس من لم تصبهم الاشتباكات والدمار وسمعوا بها بعد أن جعل منها النظام من مجرد السماع بوجود الجيش الحر غراب شؤم ليكرسها في نفوس أهل هذه المناطق ويستمر في رصدها دورياً أيضاً وباستمرار وحرص لأنها ضامنه الأساسي. ومن لوازم العمل القهري في هذه المناطق مرور التعزيزات كل فترة وأخرى أمام الأشهاد أو تقصد إرسال سيارات الأمن وباصات استعراضية يوجد فيها عدد من الجنود لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة يحملون الرشاشات الموجهة إلى وجوه الناس.

وفي لوازم مسلسل إتمام القهر .. والكراهية بين المنطقتين وبشكل مستفز للمشاعر ودوري رفع أصوات الأغاني التي تمجد رئيس العصابة وذات المعاني التي تتصنع الوطنية وحب الوطن والموالات المسجلة وباللهجة الممجوجة التي تنطق بالتحدي لتمعن التكريه أيضاً بلهجة أهل الساحل.
ومن اللوازم تقصد التمييز بين أهالي المناطق المحررة عن غيرهم عند الحواجز فمن يكون من المناطق التي يسيطر عليها النظام ينعتونه –وهو تحت القهر المماثل لغيره من المعارضين- بالمؤيد ويتبعونه بتمريره بشكل يثير حفيظة الناس مناطقياً والغاية هي الفصل بين قلوب الناس ونفث سم بغض بعضهم لبعض من خلال إذلال من هم من المناطق الأخرى ومدح من هم في المناطق التي لازالت في قبضة النظام.

إضافة إلى تكريس كراهية القاطنين تحت سلطة النظام لغيرهم القادمين من المناطق المحررة من خلال افتعالهم للمشاكل وإلصاقها بهؤلاء النازحين ونعتهم بأنهم فوضويون ومنبوذون وغير مرحب بهم في كل تفاصيل ومرافق الحياة لتنفير الناس منهم وتحفيز كراهيتهم ورفضهم من خلال استجلابهم للمشاكل حيث يستمر النظام في ملاحقتهم.

وللاتصالات نصيب يجس نبض الأهالي في بيوتهم باستمرار من خلال مكالمات لمجهولين تتلمس هذه الاتصالات النقر على وتر المتابعة الأمنية ومعرفة القاطنين والساكنين ومدى تعاونهم مع النظام أو تقبلهم للجيش الحر .. بطريقة غبية يظنون أنها قد تصل لمرادها ومقصودها ومدلولها مع سذاجة البعض. وبإخافة أمنية بسيطة جداً للأهالي في هذه المناطق (قيد التحرير) يضمنون بأنهم لا داعي للتعامل معهم بأسلوب أكثر تكلفاً. مع ملاحظة تخفيف كبير لبسطات الباعة الذين يعتبرهم الأهالي من الأمن والشبيحة في بعض المناطق المزدحمة عادة بها. والتي تترافق عادة بتفجير مفتعل مما يستدعي رصد كل تغيير في المنظومة الأمنية في منطقة ما من هذه المناطق.

ومن الأهداف الأساسية في هذه المناطق عدم إثارة نوازع التكاتف والتعاون بين الناس بعد أن زرع بينهم أعوانه والتي تتهلهل شيئاً فشيئاً في طريقها إلى السبيل الصحيح الموافق لما فطر عليه كل إنسان مهما حاول الاستبداد تبديل الخصائص والخصال فلا بد من خروجها في وجه القامعين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق