الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-04-05

سوريا الحديثة بين الحقيقة والواقع من منظور التقسيم – د. عبد الغني حمدو


 
من الأخبار المهمة والتي أخذت حيزاً إعلامياً ضخماً هو زيادة عدد المحافظات السورية من أربعة عشر محافظة إلى خمسة عشر محافظة , وكانت التحليلات تكاد تتفق كلها على موضوع تقسيم سوريا على أسس طائفية وعرقية وقد تمتد إلى مناطقية ومذهبية, كدولة حلب ودولة دمشق ودولة الساحل


على كل حال توجد قاعدة في العلم العسكري تقول (لاتستهن بقوة عدوك أبداً فالاستهانة بقوة العدو تفقدك العزيمة وتفقدك النصر ) وتحول نصرك المفترض إلى الهزيمة مهما كانت قوتك تفوق قوة العدو


وعلى الجانب الآخر والمعاكس باللفظ والمعنى ولكن النتيجة تصب في نفس الهدف (إياك أن تعطي الفرصة لعدوك في أن مخططه والذي ينوي فعله هو أمر سيقع حتماً لامتلاكه قوة وتأييداً, فمن المستحيل عندها التصدي لمشروعه المستقبلي )

لنناقش القضية الأولى من منظور واقعي عند الكثيرين من الثوار والموالين لهم في الخارج والداخل, والقول هنا ينطبق على الإستهانة بقوة العدو في التركيز والتفكير والعمل على قاعدة مفادها ( أن الدولة المفترض قيامها في المستقبل في حال فقد بشار المجرم السيطرة على دمشق هو لجوءه للساحل وتكوين الدولة العلوية هناك ) يعتقدون أنه لايمكن قيام هذه الدولة , فإن الثوار سيزحفون من كل المناطق السورية لتحرير الساحل , ولن يستطيع العدو الصمود امام هذه القوى الزاحفة , وبالتالي  لن يتمكن المؤيدون من إقامة الدويلة تلك

فلو فرضنا أن الثوار يمتلكون القوة للتحرك في هذا الطريق وأن العدو لايملك من القوة الكفيلة بالمواجهة المفترضة وعندهم العزيمة الكافية والتي جعلت الثقة في نفوسهم عالية بعد تحطيم قوات النظام الحاكم في كل المحافظات  , فيكون من السهولة بمكان انتصارهم في الأماكن الباقية

ولكن عندما نأخذ بعين الاعتبار العلاقات الدولية وعلاقة المصالح المتداخلة وهيمنة القوى الأخرى العالمية على منطقتنا بالذات , والإعلان عن أن الساحل السوري يمتلك في مخزونه كميات هائلة من النفط , ومع حجة حماية الأقليات وغيرها من الحجج كحماية أمن إسرائيل على سبيل المثال , والذي سبق ذلك السماح لإيران في التمدد الأفقي والعمودي في المنطقة العربية  والمهيأة والفاعلة دائماً على أن تكون الشيطان الذي يتزعم إشعال الفتن والحرب بين الطوائف واشتغال شعوب المنطقة بهذا الفكر الممتد من طهران إلى تل أبيب  وتجسيداً لواقع حقيقيٍ على الأرض (بفرق تسد ) فمن السهل بعدها إيجاد الدعم الحقيقي لإيجاد دويلات طائفية وعرقية في المناطق , وفي نفس الوقت يخدم ذلك يهودية دولة إسرائيل المقامة على أساس ديني

فعندما نأخذ بنظر الاعتبار هذه الوقائع والحقائق ,ومع أن الزمن لم يفتنا بعد نستطيع منها أن نجابه قوة العدو المحتملة وعدم التقليل منها بقوة تضرب تلك القوى مجتمعة مع بعض ويكون نتيجتها النصر للمشروع السوري الجديد الموحد

توجد قوى داخلية تعتمد القناعة في أن مجابهة التقسيم أمر من المستحيل مقاومته  والتي تعمل الآن على الأرض , من خلال تفعيل الممكن في تحرير المناطق البعيدة عن الساحل السوري , فهي مُسلِّمة من الآن  في أن مجابهة تلك القوى يكون مستحيلاً , وبالتالي النأي عن الحراك وإبقاء الدعم المقدم لثوار الساحل في حدوده الدنيا مقارنة بمناطق ملتهبة أخرى , وللرد على هؤلاء علينا الاستفادة من مواطن الضعف في كيان الدولة المفترضة , وتخضع لمحورين متقاطعين هذين المحورين هما :

الأول تقوية الثوار على الأرض , والثاني الاستفادة من الكتلة الشعبية والمفترضة أنها مؤيدة لمشروع التقسيم , في منح الأمان والثقة والتعاون مع الذين لايعتقدون ولا يسعون للتقسيم إلا لسبب واحد وهو الخوف من الإبادة الطائفية التي ينادي فيها البعض , مما وضع هؤلاء في حالة من اليأس , وجعلهم يفضلون التقسيم للحفاظ على حياتهم ووجودهم في الحياة

إن بداية النهاية لأي مخطط يقع تحت مايسمى بالمؤامرة الكبرى , ينطلق من محور نفسي واعتقادي بحتمية الانتصار على كل الدول التي تدعم مشروع التقسيم منفردة أو مجتمعة في حال طبقنا القاعدة الأولى في عدم الاستهانة بقوة الأعداء وإعداد القوة الممكنة في المنطقة الساحلية لدعم الثوار , وفي نفس الوقت تكون يد السلم ممدودة لمن يمتلك في داخله حب الوطن السوري ككل والتخلي عن بشار وعصابته لأنه  يمثل فقط قوة الاحتلال الفارسي , عندها نستطيع تحطيم أي مشروع هدفه التقسيم , فقوة الثوار الناتجة عن الدعم الممنهج والمستمر واشتراك كل القوى الفاعلة وتوجهها للساحل السوري هو السبيل الوحيد للضربة القاتلة  لأي مشروع مستقبلي يعتمد على التقسيم , وفي نفس الوقت القوة ستكون عنصر جذب للمحايدين والخائفين ليكونوا عوناً في سوريا الموحدة والقادمة .
د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق