الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-04-19

لا فرق بين مُدارٍ ومُدار!! - بقلم: حذيفة العاصي


لم أجد أكثرُ غباءً من أتباع الأنظمة البائد بعض منها والآيلة إلى السقوط بقيتها ، وهم القومجيين خصوصاً ، وعملاء روسيا المدعين تمثيلهم محور مقاومة وممانعة من جهة أخرى .

وأنا أناقش أحدهم اعترف لي أن جمال عبد الناصر كان لعبة بيد الروس – رغم ترحمه عليه وتقديسه له – ثم وصل كذلك إلى أنه لا فرق بين محور روسيا – يهود ، ومحور أمريكا – يهود ، بحجة أن المحورين يصبان – رغم اختلاف المصالح بين الدولتين – في خدمة اليهود ، ويعملان على حفظ هذه الدولة الوليدة جهدهم ، أي أن كلا المحورين يتحركان بأوامر اللوبي اليهودي ، ويأتمرون بأمره !!

ورغم هذين الاعترافين إلا أنه بقي مصراً على الترحم على جمال وتمجيده !! والتهليل والتسبيح بتعديد مناقبه !!

وأذكر وأنا أحاوره في إحدى المرات ، أنه أطرق هنيهةً ، في إطراقة خلت أنه يقول فيها لنفسه أنكِ كنتِ من الظالمين ، ثم رأيته بعدها وقد نـُكس على رأسه ، وانتفش بتنهيدة بدت لي أنها قد خرجت من أعماق أعماق نفسه ، وهو يسترجع ماضي ظنه ماضي أبا زيد – وغزيت– وغيره ، وأخذ يقول ولكن السادات كان وكان .. رحم الله السادات ، والقدامى ، كانوا شرفاء، وبقي مصراً على سؤاله لي : لماذا أكره القومجيين!!

ولهؤلاء – المدعين شرفاً – رغم وهن حجتهم وانهيار بنيانهم الفكري، المهاجمين بشراسة عملاء محور أمريكا – يهود ؛ نقول لهم أنتم أشد عمالة – أي عملاء محور روسيا – يهود – من عملاء المحور الأول ، ونذكركم بزيارة بوتين إلى القدس المحتلة منذ عدة شهور ، وبكائه أمام حائط المبكى وهو يرتدي القلنسوة اليهودية ، ويزعم أن لليهود أحقية تاريخية في ملك فلسطين ، إضافة إلى أن ماركس مؤسس الفكر الشيوعي كان يهودياً بحتاً ، وقد قال عنه الحاخام اليهودي " لوبز برونس " أحد أقطاب الصهيونية الحديثة : { إن كارل ماركس حفيد الحاخام مردخاي ماركس كان في روحه وفي اجتهاده وعمله ونشاطه ، وفي كل ما قام به وأعد له ، فكراً وأسلوباً ، أشد إخلاصاً لإسرائيل من الكثيرين ممن يتشدقون اليوم بأدوارهم في مولد الدولة اليهودية } ، ولما وصل الشيوعيين إلى حكم روسيا بقيادة اليهودي لينين واسمه الحقيقي " زدر باوم " وألغوا حكم القياصرة كان أول قرار أصدروه تجريم العداء لليهود ، والتأكيد على تأييدهم إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ، متزامناً مع صدور وعد بلفور الانجليزي المشهور [1] .

ويقول الكاتب " وليم كار " عن حكم ستالين الذي خلف اليهودي لينين في كتابه " الدنيا لعبة إسرائيل " صفحة 211 " { وهكذا نرى بصورة واضحة أن المكتب السياسي الستاليني الذي كان يسيطر على مقدرات الحزب الشيوعي السوفيتي ويهيمن على مصائر الشعوب الرازحة تحت نير الشيوعية كان بزعامته ما يشبه أسرة واحدة ، الزوجات والأبناء فيها من اليهود}، في عام 1971م نشرت صحيفة " لوموند " المشهورة في عددها الصادر يوم 20 نيسان عبر مراسلها الدائم في موسكو الصحفي " ميشيل تاتو " جاء فيه : { إن القيادة الإستراتيجية للقوات المسلحة السوفيتية في أيدي اليهود}[2] .

وعندما زار جمال عبد الناصر موسكو نهاية عام 1965م نشرت صحيفة " Press Nouvelle " صحيفة الشيوعيين الفرنسيين التي تدور في الفلك الروسي أن السلطات السوفيتية استدعت حاخام اليهود الأكبر في روسيا " يهودا ليجين " وطمأنته أن السياسية السوفيتية في الشرق الأوسط مجردة من العداء للدولة اليهودية أو المصالح اليهودية ، بل هي نقيض ذلك ، لأنها تقوم على مصادقة إسرائيل وصيانة المصالح اليهودية [3]، وعلى هذا سار خلف السوء "بوتين " من بعد !!

وهذا هو سبب وقوف المحورين الأمريكي والروسي جنباً إلى جنب لمساندة الأسد الحارس الأمين للحدود الفلسطينية المحتلة ، يحركون فيه تلك الألعاب التي صنعوها  على أعينهم وتحت رعايتهم ، حتى لا يضيع حلم اليهود الذي بنوه طويلاً من أجل إقامة دولتهم المزعومة ، ويفقدون كيانهم المغتصب الذي لن يدوم مهما حرصوا على إبقائه ، وهذا الخوف ظهر جلياً في نبرة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي " بن غانتس " عندما أكد أن أربعة عقود من الهدوء في الجولان قد انتهت ، وهي الفترة التي حكم فيها الأبن بشار والأب حافظ الاسد ، بعد انتهاء حرب تشرين عام 1973م ، وهي نفسها التي اقلقت نتنياهو وأعلن عن خوفه عن انتقال الأسلحة الكيمائية من يد الأسد الأمينة إلى الشعب السوري ، ووقتها قد يتدخل .

فلا تناقضوا أنفسكم ، ويكفيكم ادعاءً للشرف !! فلا فرق بين عميل روسي ، أو عميل أمريكي !! وعندما تكونوا أحراراً بعدها تكلموا عن الشرف وغيره !! وتفاخروا بالمقاومة !! يا أدوات روسيا ، كما هم غيركم أدواتٌ بيد أمريكا !!

فهل عرفت الآن يا صديقي لماذا أكره القومجيين وغيرهم!!
      


[1] التاريخ السري للعلاقات الشيوعية الصهيونية ص 18 وما بعدها ، لنهاد الغادري ، منشورات دار الكاتب العربي ، بيروت 1969م .
[2] الشيوعية وليدة الصهيونية ص 64 وما بعدها، تأليف أحمد عبد الغفور العطار ، منشورات المكتبة العصرية بيروت .
[3] المصدر السابق ص 76.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق