أن تسود أيها الإنسان الطبيعة والكون؛
فهذا محض وهم وباطل وافتراء على المنطق. هل انت مالك الطبيعة والكون لكي تكون سيدهما؟
أنت مجرد جزء...وشكل ضئيل موجود فيهما..
يمكنك أن تبدع حديقة أو مزرعة أو محمية..ويمكنك
أن تمارس أشد حالات التقدم في الإتتاج العلمي
واستخدام العقل لإنتاج الصناعة والآلات وتكنولوجيا المعلومات.؛ فتبتكر طائرة وقمرا
صناعيا ومكوكا فضائيا وبارجة ومحطات فضائية وشبكات اتصال وتواصل وغير ذلك من كثير الكثير؛
لكنك لم تخلق الطبيعة ولم تملكها لتكون سيدا عليها....لك العقل لكي تبدع في اكتشاف
قوانينها واستخدام بعضها بما أمكنك. لكن الطبيعة حرة ولا تخضع للعبودية لتكون انت سيدها...فهل
تخضع لك دائما؟ أين الرياح التي تعصف بشجرك ومحاصيل زرعك؟ أين الزلازل التي تهز بيتك وتكسر عمرانك؟ اين البراكين؟ أين
غضب الأمواج العاتية التي تهاجم أرضك؟..أين الأوبئة التي نجمت عن عقوقك لطهارتها؟ أين
ردها على نفاياتك وسمومك؟ إنها طبيعة حرة تتمرد
وتغضب بحسب قوانينها ومنطقها الذي لم تستوعب إلا شيئا من معانيه الكثيرة؛ فهلا صحوت
ايها الإنسان من وهمك في مقاتلة الطبيعة لتتسلط
عليها وتذلها... ارحم الطبيعة؛ فهي أمك، وخاطبها بمنطقها وبلغة أسرارها وأنوارها لتتصالح
معها وتتآلف. هي أمك وليست جاريتك.
كذلك هي أرضنا (وطننا )...ليس ملكا
لواحد فقط؛ وليست عبدا لأحد أو أًمَة لأحد...هي
أم كريمة سخية على البار من أبنائها وغير البار. وموقفنا منها أرضنا(وطننا) هو الذي يجعلنا بشرا أحرارا نستحق الانتماء إليها او عبيدا ضالين أقل من مرتبة الحشرات الوضيعة... وعندما نعي بالعقل
والقلب والعمل والنيّة والوفاء حسن مقصدنا وأنا نريد الخير في وطننا والخير له؛ فلابد من من توقيع ميثاق عظيم معه. ميثاق يقوم على المحبة
والرحمة والتعقل والرشد والإبداع والكبرياء الإنساني ..ميثاق يشمل المادي المحسوس،
الذي يجتث الفساد من صلب الواقع والمعنوي الذي
يصلح الروح ويصقل القيم والوجدان ويشرق العقل...
منحتنا ثورتنا السورية القائمة على الحرية والكرامة في مواجهة الفساد والعبودية والذل والتوحّش والمهانة الفرصة
لكي نكون أحرارا صالحين مستقلين منتجين؛ فمتى
نطهّر القلوب والوجدان والعقل والنفوس مما
انطبع فيها من أنانية وجهل وغطرسة وكراهية وبلادة وكسل وثرثرة سقيمة، ونكون جديرين
بالانتماء إلى إنسانيتنا وأرضنا ووطننا وكوننا
الرحيب؟...مازلنا عالقين في المنطقة الوسطى بين الحرية والعبودية...بين الخير والشر.
بين الإبداع والتقليد. بين الأنا والنحن. بين شرنقة الولاء وفضاءات الوفاء...وقد آن
للغشاوة أن تنجلي وللبصر أن يشرق...وإلا فالهلاك
محيط بنا وبأرضنا وإنساننا والوطن
د. سماح هدايا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق