الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-04-17

الدولة التي ستزول إذا زال رئيسها – بقلم: معتز فيصل


هل سمع أحد في الكون عن دولة تزول عن خارطة العالم إذا زال رئيسها، يعني إذا أطاحوا به أو مات أو قتل أو أصابه عجز أو شيخوخة أو مرض؟ دولة كاملة ليست دولة صغيرة مؤلفة من شارعين وثلاثة بنوك، ولا دولة فيها خمسمائة مواطن، ولا دولة من دول الموز، ولا دولة محتلة تابعة لدولة كبيرة مثلا، إنما يتكلم الأحمق عن سوريا، سوريا الحضارة سورية التي عاصمتها أقدم عاصمة مسكونة في تاريخ البشرية، سوريا التي اخترعت للناس الأبجدية، وعلمتهم العلامات الموسيقية، سوريا التي كانت تحكم العالم من الصين إلى إسبانيا (حدود العالم قبل اكتشاف أمريكا)، سوريا التي هي قلب بلاد الشام وقلب العالم العربي وقلب العالم الإسلامي.


ظهر علينا الأحمق نائب وزير الأحمق ليقول لنا ويهددنا بأن سوريا كلها ستفنى، وأنها ستندثر، وأنها ستمحى من الخارطة، إذا ذهب رئيسها. من قبله محا رئيسه ومعلمه أوروبا من الخارطة لأنها وقفت ضد سيده في حربه ضد شعبه الأبي البطل. وكأن ظاهرة المحو والكتابة ظاهرة متأصلة في مفاهيم هذه العصابة المحتلة والتي لا فكر لديها سوى فكر الإقصاء ولا حجة لديها إلا حجة المسح العسكري والإفناء الجغرافي والدمار الشامل.

بماذا نصف من يقول هذا الكلام؟ هل كلمة أحمق شتيمة في حقه أم مديح لا يستحقه؟ أعتقد أنها مديح لأنها ترفع عنه القلم وتجعله ممن لا يحاسبون على كلامهم وقد تنجيه من عذاب أليم عندما يقول الشعب كلمته. بل عليه أن يحتفظ بهذا المقال ليثبت به حماقته أمام محكمة الشعب عسى ألا يفعل به ما يجب على أي شعب أن يفعله بالمنافقين ممن تسلطوا عليه تحت حكم المجرم الكبير.

بماذا نخاطب أمثال هؤلاء؟ وكيف نتفاهم معهم؟ وما هي اللغة المشتركة التي يمكن أن يدور بها الحديث مع أمثالهم؟ هل من عاقل يسعفنا بطريقة؟ وهل من مخلص يقدم لنا نصيحة؟ إن الكلام ليعجز وإن العقل ليعيى وإن اللسان ليفقد القدرة على النطق أمام هذا الكلام وأمام هذه الحماقة وأمام هذا الغباء وهذا النفاق.

الكلام صريح وخطير ويشير إلى واقع يعرفه بعض السوريين فقط وليس كلهم. إنها القصة القديمة الحديثة قصة تسليم الحكم لآل الأسد عام 1987 جزاء تسليمهم الجولان ـ أعتى وأصعب جبهة في العالم ـ  مجانا لليهود وبدون أن يتكلفواجندياً واحداً. كانت الصفقة تسليم الجولان مقابل ضمان حكم الأسد وأبنائه من بعده لسوريا بشرط ألا يخرج منها قبل تدميرها بالكامل. فبدأ الأب بالتدمير النفسي والخلقي والاقتصادي والثقافي، وتابع الابن بالتدمير العسكري والبنيوي والإنساني، ولذلك هو متأكد من أنه لن يخرج منها إلا بعد إنهاء العقد واستكمال شروطه، وإسرائيل ومَن وراءها يضمنون له الوقت والمال والسلاح.

هذا هو سر بقاء الأسد حتى اليوم, وهذا هو سر الدعم الإيراني والروسي بأوامر إسرائيلية حتى اليوم، وهذا هو المخطط واضحا أمام الجميع. الفراغ ستملأه إيران طبعا كما ملأت الفراغ في العراق فهذا أكثر ما يناسب إسرائيل. ثم ستنفجر الحرب السنية الشيعية بين السعودية ودول الخليج وإيران والتي لن تبقي ولن تذر وستستهلك مقدرات الأمة كلها.

لن يوقف هذا المخطط إلا الشباب الثائر الصادق على أرض سوريا فلا تضيعوه لأنكم ستبكون ندما بعد ذلك عليه وستعلمون أي فتى أضعتم بعد ألا ينفع ندم.

أوقفوا خلافاتكم على المغانم سواء كأحزاب وجماعات سورية، أو كدول خليجية أو إقليمية، وأجلوها على الأقل إلى حين سقوط النظام. وإلا لن يبقى لكم ما تختلفون عليه وستأخذ إيران الكعكة كاملة. تصرفوا بمسؤولية تاريخية ولو لمرة واحدة في حياتكم وكفوا عن هذا الهراء الذي يحصل على الأرض، فسوريا شرفكم وعزكم وأصلكم وضميركم وعرضكم.

رتبوا أولوياتكم وقدموا لأنفسكم واعرفوا ماذا تفعلون على الصعيد السياسي وعلى الصعيد العسكري وخططوا للمستقبل القريب ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ويهزأ بكم عدوكم وينتقم الله منكم ويذلكم ويخزيكم وينصرهم عليكم.

اتقوا الله في الدماء والأعراض والنساء والأطفال والبيوت المهدمة والقرى المهجورة والأموال والأعراض والممتلكات فكل هذا سوف تسألون عنه يوم القيامة. وإن لم تكونوا تؤمنون بيوم القيامة فستدفعون ثمنه في الدنيا لأن هذه سنن الكون.

كونوا رجالاً لمرة واحدة في تاريخكم البائس، وكونوا على قدر المسؤولية ولا تقارنوا ما يحدث في سوريا بما حدث في العراق أو الكويت أو أفغانستان أو الصومال فسوريا خط الدفاع الأخير ولن يكون بعدها إلا دولكم ومدنكم.

إن لم تكونوا مشاركين في المؤامرة الكبرى بإرادتكم ومعرفتكم فأنتم إن بقيتم على هذا الحال مشاركون بغير إرادة وبغير معرفة وبغباء منقطع النظير فأنتم تقتطعون من لحومكم هذه المرة ولا تشعرون.

سمعنا عن المساعدات وكيف تجمع وكيف تصرف ولمن تصرف وعمن تمنع، وسمعنا عن الأسلحة المزعومة وكيف توقف وكيف تمرر ولمن تمرر. وسمعنا عن اللاجئين وكيف صاروا كرة يلهى بها أو موردا ماليا لمن لا مورد له أو باب شهرة لمن يبحث عن الشهرة.

إعملوا ما شئتم فكما تدينون تدانون، وإن مع العسر يسرا، والله غالب على أمره ولو كرهتم وكره العالم وكره الكافرون.
معتز فيصل
16.04.2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق