كتبت مقالا
بعنوان " حمص ومعركة الوجود" بتاريخ
10 مارس 2013 ، وذكرت فيه " إن معركة حمص يجب أن تكون حاضرة في
أذهان قادة الجيش الحر .. فهي لا تقل أهمية عن معركة دمشق .. فحمص وما أدراك ما
حمص !! تستغيث ولا مغيث !!
تستغيث ولكنها
تتنفس الصبر والصمود والتضحية والثبات ..
تستغيث وتنظر
حولها .. فتجد الجيش الحر مشتت ، والكتائب متفرقة .. ولا تجد من يخفف عنها الضغط
..
إن فتح جبهة
الساحل وإشغال الشبيحة بالدفاع عن أنفسهم في قراهم يخفف الضغط عن حمص ، وتتشتت انتباه غرف
العمليات في دمشق ، وتنهار المعنويات ، وتفطس دويلتهم قبل أن ترى النور .. "
وأرسلته إلى أكثر
من جهة لنشره ، ولكن تفاجأت أنه لم ينشر إلا في موضعين فقط .. " المركز
الإعلامي لدعم ثوار حمص " و " موقع أرفلون " فجزاهم الله خيرا ، وباقي
الجهات تجاهلته حيث لم يصلني أي نقد أو ملاحظات على المقال .. مع العلم أنني أردد دائما
رحم الله من أهدى إلي عيوبا وملاحظات في مقالاتي وأبحاثي ..
وإني أتساءل
عن سبب عدم نشر المقال ، فإن كان عدم النشر لخلل شرعي فإني أتراجع ، وإن كان
المقال غير مناسب لنشره مراعاة للظروف فإني أتراجع ، وإن كان المقال فيه تجني على الواقع وتضخيم
ومغالاة فإني أتراجع ، وإن كان المقال فيه
خيانة أو تأمرا على الثورة فإني أتراجع ...
ولكن إذا كان المقال يخلو من هذه المحاذير كلها
ولله الحمد فلماذا عدم النشر ؟
حمص وما أدراك ما حمص ؟
قلب الثورة ، وحاضرها ، ومستقبلها .. فهل يعيش إنسان
من غير قلب ؟
وإذا انتزع القلب من جسم الكائن الحي فهل تدب
الحياة في أنحاء جسمه ؟
ومن المعروف لدى الصغير والكبير ، والمتعلم والجاهل
أن ما يجري لحمص مؤامرة خارجية إقليمية ، ولكن هل تمتد أصابع المؤامرة إلى أناس ينتسبون
للثورة ؟ والى بعض قيادات الثورة في الداخل والخارج !!
إن المتأمل في الخريطة السورية يجد أن :
· هناك
مناطق محررة في الشمال .
· وكر
وفر في دمشق وحولها ، مع محاصرة داريا .
· وهدوء
تام في مناطق الساحل وكأنها في دولة غير سوريا ، وكأنها في كوكب آخر لا يمت للأرض
بصلة .
· وحصار
عنيف وقاسي على حمص.
وعلى ضوء هذه القراءة ماذا نقرأ في النظرة
المستقبلية ؟
ما بين الشمال والعاصمة منطقة تفصلهما عن بعض ، مما
يعني "فرق تسد" وهذا ما تريده الصهيونية الصليبية المتمثلة في المجتمع
الدولي ، عند تدخلها لا سمح الله ، فيكون هناك دولتين معزولتين ، والساحل الهادئ
دولة معزولة تلقائيا ، وحمص تتمزق عندئذ
بين هذا وذاك وينشغل العالم بترسيم الحدود وننسى حمص ..
فهل هذا ما يسعى إليه قادة الثورة في الداخل
والخارج ؟
إن سوريا تأبى
أن تقسم .. وهي أكبر من أن تقسم بإذن الله .. لتوحد ثوارها ، وقادتها ، وكتائبها ،
وألويتها .. لتوحد الخارج مع الداخل .. فيتجرد لله كل من في الداخل من الكتائب والألوية والجنود
والعلماء وطلاب العلم والثوار والمواطنين.
ويتجرد لله
سبحانه وتعالى كل من في الخارج من الحكومة ،
والائتلاف ، والمجلس الوطني ، والعلماء والدعاة والسياسيين والمواطنين ..
وبدون التجرد لن يكون هناك فك أو كسر لحصار حمص ..
وبدون التجرد لن يكون هناك تماسك لسورية ..
والتجرد كما يقول حسن البنا رحمه الله : "
وأريد بالتجرد أن تتخلص لفكرتك مما سواها من المبادئ والأشخاص ، لأنها أسمى الفكر
وأجمعها و أعلاها :{صِبْغَةَ اللهِ
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً} (البقرة:138) ,{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ
وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ
الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلا
قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ
اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا
وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } (الممتحنة:4(
إن حمص لفك
حصارها بحاجة إلى القلوب المتجردة لله ،
التي لا تعمل من أجل الظهور والمناصب والمال بل تكون كما قال الحبيب محمد صلى الله
عليه وسلم "طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه
مغبرة قدماه ، إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في
الساقة ، إن استأذن لم يؤذن له ، وإن شفع لم يشفع". رواه البخاري .
يقول الشهيد سيد قطب صاحب الظلال رحمه الله في
قوله تعالى: { وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ
الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنْ الظَّالِمِينَ }( البقرة: 145( " لقد كان الله يُعدُّ هذه الجماعة
لأمر أكبر من ذواتها وأكبر من حياتها. فكان من ثَمَّ يجردها من كل غاية، ومن كل
هدف ومن كل رغبة من الرغبات البشرية- حتى الرغبة في انتصار العقيدة- كان يجردها من
كل شائبة تشوب التجرد المطلق له ولطاعته ولدعوته.. كان عليهم أن يمضوا في طريقهم
لا يتطلعون إلى شيء إلا رضى الله وصلواته ورحمته وشهادته لهم بأنهم مهتدون.. هذا
هو الهدف، وهذه هي الغاية، وهذه هي الثمرة الحلوة التي تهفو إليها قلوبهم وحدها..
فأما ما يكتبه الله لهم بعد ذلك من النصر والتمكين فليس لهم، إنما هو لدعوة الله
التي يحملونها "
إن حمص بحاجة إلى التجرد ليكون لدينا رجال ليفكوا الحصار عنها
{ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } (الأحزاب:23)
وبدون رجال لن ينفك حصار حمص أو ينكسر .. فأين أين الرجال ؟
اللهم يسر لسوريا قائدا ربانيا يقودها إلى كل خير ..
اللهم من أراد بحمص سوءا فاجعل تدميره في تدبيره ..
اللهم أسألك علما نافعا ، وعملا صالحا ، وقلما لا يخرج عن
شرعك ، وسلاحا أدافع به عن شرعك ، وتحت رايتك " لا اله إلا الله محمد رسول الله
". أمين ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق